المحتوى الرئيسى

وبعد الحج تأتي ثماره ومقاصده

09/27 16:26

الإسلام هذا الاسم الذي تسامع الناس به منذ أربعة عشر قرناً من الزمان هو عنوان لحقيقة قديمة بدأت مع الخلقية، وسايرت حياة البشر وتسلسلت مع جميع الأنبياء والمرسلين التي وصلت الناس بربهم الأعلى وعرفتهم ما يريده الله منهم.

وما يريده الله من عباده هو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، كما قال سبحانه: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون"، والعبادة هي كل أمر جامع يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الباطنة كالخشية والرجاء والتوكل والتوبة والظاهرة كالصلاة والصيام والزكاة والحج.

وحري بنا ونحن في هذه الأيام التي يتوافد فيها المسلمون من كل مكان إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج أن نقف على مقاصد هذه العبادة التي نحتاجها اليوم على مستوى الفرد والأمة.

المسلم لا يسمى مسلماً إلا عندما يستسلم لله وينقاد له، فلا يعترض على أوامره ولا يرد أحكامه، وإنه لمن أعظم العبادات التي يتجلى فيها الانقياد التام لله، والمتابعة المطلقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي عبادة الحج، فالحاج حينما يؤدي أعمالاً غير معقولة المعنى، أي لا يدري ما الحكمة منها، فإن ذلك يكون أعظم دافع له على التسليم والانقياد لله، فلو سأل الحاج نفسه لماذا مكة؟ لماذا اختار الله هذه الشهور الثلاثة شوال وذو القعدة وذو الحجة؟ لماذا لا نؤدي الحج في ملابسنا المعتادة؟ ولماذا تكون ملابس الإحرام بيضاء؟ ولماذا نطوف سبعاً؟ ولماذا نستلم الحجر ونقبله؟ لماذا نقف بعرفة؟ لماذا هذا كله؟ هنا يقف المسلم مستسلماً لله، ومعلناً انقياده "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك".

فريضة الحج واحدة من فرائض الإسلام التي جاءت لتؤكد على وحدة هذه الأمة "أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، وتذكر أن ما أصاب هذه الأمة من وهن وضعف إنما كان بسبب الفرقة والانقسام.

فمناسك الحج كالطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة والمبيت في مِنى تجمع القلوب بعد أن فرقتها الأهواء، وتذيب الفوارق التي وضعتها الطبقية والحزبية والعنصرية البغيضة وتمزج الثقافات رغم اختلاف اللغات، وتوحد الشعارات، وتخفي كل مظاهر الإقليمية.

فلا فرق بين عربي وعجمي، أو بين أبيض وأسود، فالكل سواسية لتبقى أخوة الإسلام، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وبدافع من الإيمان يتعارفون ويتفاهمون ويتكافلون.

المقصد الثالث: إحياء روح الجهاد

يتجلى في فريضة الحج التربية الجهادية في تحمل زحام الطواف والسعي، ورمي الجمرات، وتشتد ذروة العمل الجهادي أول أيام عيد الأضحى، حيث يجتمع فيه رمي الجمرات والحلق والتقصير والنحر والطواف بالبيت، وهذا كله يتطلب من الحاج أن يكون قوي الجسم؛ لكي يستطيع تحمل هذه المشاق، وفي هذا تذكير بأن روح الجهاد في الأمة لا بد أن تبقى حية.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل