المحتوى الرئيسى

رداً على الرئيس.. اقتصاديون: تبرير ارتفاع الأسعار بزيادات الرواتب غير صحيح

09/26 19:57

• أزمة نقص العملة السبب الرئيسي في التضخم

• محللون: الخطاب تضمن تلميحات بتعويم مرتقب للعملة

• نظرية ارتباط مستوى السيولة بالأسعار صحيحة .. لكنها لا تنطبق على الوضع الحالي 

• 126.6% الطفرة بفاتورة الأجور منذ الثورة وحتي العام المالي 2015/2016

دأب الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال خطاباته الأخيرة على تذكير المصريين بالارتفاعات التى شهدتها الأجور منذ الثورة وحتى الاَن، في سياق تبريره اتخاذ إجراءات تقشفية عنيفة تدفع الأسعار للجنون، بالتزامن مع عدم وجود أي نية لرفع رواتب موظفي الحكومة.

ويكتوى المصريون بنيران الأسعار منذ أشهر بعد أن تخطي التضخم حاجز 16.4% بنهاية الشهر الماضي، وهو مستوى تاريخي لم يُسجّل من قبل، وقال السيسي فى كلمته أثناء تسليم شقق لأهالي منطقة غيط العنب بالإسكندرية إن ارتفاعات الأسعار ليست ناجمة فقط عن طمع التجار، وإنما يجب الاعتراف أنه على مدار السنوات الخمس الأخيرة زادت السيولة المتاحة بأيدي المواطنين بأكثر من 200 مليار جنيه، متمثلة فى 150 مليار جنيه ببند الأجور، و 53 مليار جنيه بالمعاشات.

وتابع: دي قدرة شرائية لازم يقابلها عرض زيادة وده ما حصلش، النهاردة بعد ما كنا نقدر نشترى على مدار السنة ب 300 – 400 مليار جنيه هي احتياجات الشعب، على الأقل القطاع الحكومي لوحده الناس اللى بتقبض زادت قدرتها على الشراء 200 مليار جنيه سنوياً، هل المعروض من السلع زاد؟ لا وبالتالى الأسعار زادت.

وكشف فى كلمته أن الحكومة تقوم بتنفيذ برنامج لزيادة المعروض من السلع التى تمس المواطن مثل الخضروات والفاكهة واللحوم، قائلاً فى الوقت نفسه " جهد الحكومة لازم يتضاعف أكثر من كده"، ووعد بالسيطرة على الأسعار خلال شهر أو شهرين، بدعم من توفير الدولة لسلع بأسعار مناسبة، وأكد أن ذلك الأمر سيتم بغض النظر عن سعر الدولار، وهو التزام من الحكومة للشعب، "لابد من زيادة المعروض كي يكافئ الطلب المتزايد".

وعلى الرغم من توجيه الرئيس رسالة للاقتصاديين بمراجعته فيما ذكر، إلا أن ثلاثة محللين اقتصاد كلي بجهات مختلفة هاتفتهم "المال" اليوم، تحفظوا فى التعقيب على ما قاله الرئيس، واشترطوا جميعاً الحديث دون ذكر أسماءهم.

وقال الرئيس فى حديثه: "أرجو الاقتصاديين يراجعوني لو بقول كلام بعيد عن الواقع، فيه أسباب أخرى زي سعر الدولار وان مفيش آلية حقيقية لضبط الأسواق ..  امال الفرق بين الدول المتقدمة وغير المتقدمة ايه؟، ان الدول المتقدمة عملت الية لإدارة وضبط أسواقها فى كافة المجالات مش سعر بس انما كمان على أساس الجودة ده لازم نبقى عارفينه عشان احل الموضوع ده لازم ازود المعروض ويكون مناسب فى سعره".

قال محلل اقتصاد كلي بأحد الجهات المحلية إن الزيادات العنيفة فى الأسعار بالأشهر الأخيرة ليست ناتجة بالتأكيد عن ارتفاع بند الرواتب، وإنما هى ذات صلة شديدة بنقص العملة الأجنبية، موضحاً: ما يبرهن على ذلك أن التضخم انطلق لأعلى منذ شهور قليلة فقط، بينما تزداد الرواتب منذ نحو 5 سنوات !

وأضاف المحلل الذى فضل عدم نشر اسمه أن المصنعين قاموا بزيادة الأسعار على المستهلك بسبب تعاظم التكاليف، وهى نتيجة طبيعية ومباشرة لصعوبة الحصول على "دولار"، ومن ثم فأثر زيادة الرواتب هنا ثانوي.

ولفت إلى أن هناك خشية من ألا يتمكن الرئيس من تحقيق وعده بخفض الأسعار لأن الجميع يتوقع تعويم الجنيه خلال فترة وجيزة  للغاية بناء على اشتراطات قرض صندوق النقد الدولي الذى توصلت مصر لاتفاق معه مؤخراً للحصول على تمويل قيمته 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات.

وتعاني مصر من وجود سعرين لصرف العملة المحلية أمام الدولار، ويبلغ السعر الرسمي للأخضر 8.83 جنيه ، بينما يتم تداوله بالسوق السوداء بين 12 – 13 جنيه.

الرواتب توقفت عن الزيادة منذ عامين

وقال محلل اقتصادي ببنك استثمار مرموق إن الزيادات الأخيرة بالأسعار لها علاقة وثيقة بعدم توافر الدولار، فضلاً عن خفض قيمة الجنيه الذى تم بمارس الماضي بنحو 14%، كما بدأت الحكومة تطبيق إجراءات إصلاحية تشمل رفع أسعار خدمات أساسية مثل الكهرباء والمياه فى سبيل تقليص عجز الموازنة المتفاقم.

وأوضح ان أول عامين أو ثلاثة أعوام عقب ثورة يناير شهدت زيادات عنيفة ببند المرتبات الحكومية، وهو أمر كان له انعكاسات بالتأكيد على الأسعار، لكن تلك الزيادات بالرواتب توقفت منذ نحو عامين، موضحاً: لا ننفي نظرية ارتباط المعروض من النقد بمستويات الأسعار فهو أمر متعارف عليه وحدث عقب الثورة، لكن الأسباب هذه المرة مختلفة فهناك عوامل أكثر أثراً.

ورأى المحلل أن الرئيس أعطى تلميحاً قوياً لقرب تعويم الجنيه عندما قال إنه سيتم توفير سلع للمواطنين بغض النظر عن سعر الدولار، وهو أمر يتناقض مع مساعي السيطرة على الأسعار، إذ أن مصر دولة مستوردة بالأساس ومن ثم يؤدي انخفاض الجنيه لارتفاع فاتورة الواردات، كما أن اليات الرقابة على الأسواق غير متوفرة.

وأشار إلى أنه لا يوجد مؤشرات بشأن معدل الاستهلاك بالثلاث أرباع الماضية من العام المالي، إذ أن وزارة التخطيط لم تُحدث أرقامها، ومن ثم يصعب الجزم بزيادة أو نقص نسب استهلاك المواطنين.

السيطرة على الأسعار ليست  بعيدة المنال

أكد أحد محللي الاقتصاد  الكلي الذي فضل عدم نشر اسمه أن زيادة السيولة النقدية تؤدى بالفعل لطفرات فى الأسعار، لكن على الناحية الأخرى حالت الظروف الحالية للبلاد دون زيادة إنتاج المصانع نتيجة نقص الدولار اللازم لاستيراد المواد الخام، ومن ثم يمكن القول أن هناك عوامل أخرى أثرت، وتتضمن أيضاً الطاقة وضعف إيرادات السياحة.

ورأى المحلل أن الزيادة الأخيرة بالأسعار غير مستمرة، خاصة أنها تدخلت معها عوامل موسمية مثل فترات رمضان والأعياد، مشيراً إلى أن الحكومة قد تتمكن من السيطرة على الأسعار خلال شهرين كما وعد الرئيس إذا طرحت منتجات بأسعار منخفضة.

تطور الأجور منذ الثورة وحتى الآن

وفقاً لبيانات لوزارة المالية بلغ بند الأجور بالموازنة العامة للدولة فى العام المالي 2010/2011 نحو 96.271 مليار جنيه، وارتفع ليصل بموازنة السنة المالية 2015/2016 لنحو 218.108 مليار جنيه، وذلك لتمويل نحو 6 مليون موظف،  وذلك بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 126.6%.

ولا تطابق الزيادة فى بند الأجور ارتفاع راتب الفرد العامل بالقطاع الحكومي، بمعني أن متوسط الأجور يختلف من شريحة لأخرى ومن ثم تختلف درجة استفادة كل فئة فقد تكون حصة أصحاب الرواتب المرتفعة أكبر، فضلاً عن أنه توظيف عدد كبير وتثبيت عمالة أخرى على مدار السنوات الأخيرة، ووفقاً لأرقام ذكرها الرئيس فى خطاب سابق فقد انضم 900 ألف موظف للقطاع الحكومي بعد الثورة.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل