المحتوى الرئيسى

أيقونات الحب الحقيقية | المصري اليوم

09/26 02:36

تكلمت فى المقال السابق عن «أيقونة الحب». أذكر أننى كتبت قائلا: «ولعل رجلا وامرأة عاديين فى خريف العمر، لكنهما زوجان متآلفان منذ نصف قرن، هما أيقونة للحب أنْفس بمراحل من النجوم الذين أدمنوا الأضواء».

وجاءت تعليقات القراء لتؤكد هذا المعنى. أنقل منها هاتين القصتين الجميلتين.

كتب المهندس مصطفى عمارة: «هذا المقال ذكرنى بسائق نقل كنت أتعامل معه وكنت وقتها أعزب، وبمجرد أن حضرت سيرة الزواج قال لى: «ربنا يرزقك بزوجة مثل زوجتى». وحكى لى وقتها كيف أنه أحبها وتقدم لها وهى وقتها طالبة فى الإعدادية. وكان هو ريفيا أميا. وكيف تعلم القراءة والكتابة من أجلها! وكيف علّمته ارتداء القميص والبنطلون حتى لا يشعر بالدونية أمام أهلها حين يأتى للقاهرة! وكيف أنهما لم يتخاصما إلا مرة واحدة طيلة ثلاثين عاما! إلا أن هذه المرة كانت فى رمضان قبل الإفطار.

تركت هى البيت وجلس هو دون أن يأكل أو يشرب، حزينا أنها غادرت البيت فى وقت كهذا. وإذا بها تأتى مع آذان العشاء حاملة الطعام، قائلة: «أنا عارفة إنك مش حتعرف تاكل من غيرى، عشان كده جبت أكل. تعال ياللا كل».

وكتبت الدكتورة نهى رمضان عن الحب الذى جمع بين والديها: «زواجهما كان عن حب، واستمر هذا الحب ما يقرب من نصف قرن. يكفى أن أقول إننى لم أرهما فى حالة شجار أو خصام قط. بل كانا دائما فى هدوء وانسجام تام. عن أيقونة الحب، بابا وماما أتحدث.

كان بابا يحترم المرأة لدرجة القداسة. وكان مقتنعا تمام الاقتناع أن عملها فى البيت تفضلا وليس فرضا، ولذلك كان يسعى دائما لتوفير من يساعدها.

وعلى الجانب الآخر كانت ماما نعم الزوجة والأم. وكانت تردد لنا أن بابا هو أهم إنسان فى حياتها.

مواقف الحب بينهما لا تنتهى. وحينما هاجمها المرض لم يكن يدخر جهدا فى سبيل التخفيف عن آلامها. ولو ترتب على ذلك أن يبحث فى ثلاث محافظات عما تحتاجه. ثم عاد وهو فى منتهى السعادة. يومها داعبت ماما: «يا بختك يا ماما! شفت بابا عمل إيه عشان خاطرك؟ حد يسافر ثلاث محافظات فى يوم واحد عشان يجيب لك طلبك؟». أذكر أنها ردت عليا بجملة واحدة وصفت فيها أبى بدقة: «فى قلبه رحمة». وكأنها كانت تتمثل الآية الكريمة «وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ». صدق الله العظيم.

ولمدة ثمانى سنوات كاملة ظل يأخذها إلى المستشفى لتلقى العلاج كل ثلاثة أسابيع، ويقوم بمتابعة الإجراءات وتجهيز العلاج بنفسه. ولطالما قالت له ماما: «ارتاح أنت ونهى معايا» فيقول لها: «لن أرتاح إلا لو كنت معك بنفسى». برغم أن يوم المستشفى كان يأخذ منه ساعات من المشى والطلوع والنزول ـ وهو الرجل المسن- ومن آن لآخر يدخل عليها بابتسامته الجميلة ليطمئن عليها. فتقول ماما وهى مشفقة عليه: «حتفضل تعبان معايا كده لحد إمتى؟»، فيقول لها بكل رضا: «ما تقوليش كده. أنا ربنا مدينى الصحة علشانك».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل