المحتوى الرئيسى

"البرلمان المصرى" 150 عامًا من التشريع

09/26 15:11

أسسه محمد على وضم الخديو إسماعيل إليه أطياف الشعب

لم يعرف المصريون المجالس النيابة التي تنوب عنهم في مشاركة الحاكم في الحكم النيابي والتشريعي في البلاد طوال تاريخ مصر الإسلامي والحكم العثماني المباشر الذي استمر ما يقرب من أربعة قرون، ولكن الأمور تغيرت بعد مجيء الحملة الفرنسية، فباتت رغبة المصريين منذ ذلك الوقت ببناء كيانهم المستقل، ويعد البرلمان المصري أقدم صورة تشريعية للحكم في مصر والوطن العربي كله.

ومجلس النواب "الشعب" سابقًا "وفق دستور مصر 1971" هو السلطة التشريعية بجمهورية مصر العربية ويتولى اختصاصات مختلفة ورد النص عليها في الباب الخامس من الدستور، وفقاً للمادة 101يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين في الدستور.

يتألف مجلس الشعب من أربعمائة وخمسين عضوًا على الأقل ينتخبون عن طريق الاقتراع العام السري المباشر على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية، بالإضافة إلى عدد من الأعضاء يعينهم رئيس الجمهورية لا يزيد على 5%.

تقسم الدوائر داخل الجمهورية إلى 4 دوائر للانتخاب بنظام القائمة المغلقة المطلقة و205 دائرة انتخابية للانتخاب بالنظام الفردي، وبهذا يصبح عدد مقاعد المجلس المخصصة للنظام الفردي 448 مقعدًا و120 مقعدًا للقوائم، بالإضافة إلى 28 مقعدًا على الأكثر يعينهم رئيس الجمهورية.

أكثر من 135 عامًا من التاريخ البرلماني، تعاقبت فيها على البلاد اثنين وثلاثين هيئة نيابية تراوح عدد أعضائها ما بين 75 عضوًا و 458 عضوًا، أسهموا في تشكيل تاريخ مصر ووجهها الحضاري الحديث في مختلف جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويتم انتخاب رئيس مجلس الشعب من بين أعضائه الناجحين في الدورة البرلمانية بحيث ينعقد جمعية عمومية للمجلس ويتم من خلالها انتخابه رئيسًا للمجلس.

محمد علي وفكرة المجلس النيابي

كانت أول مقدمة لقيام حياة نيابية في مصر عام 1829 م في عهد محمد علي باشا، عندما أنشأ مجلسًا للمشورة يتكون من كبار التجار والأعيان والعمد والمشايخ والعلماء، وكانت وظيفته الأساسية إبداء الرأي في المسائل الإدارية العامة دون أن يلتزم محمد على باشا بتنفيذها، فكان رأي المجلس استشاري.

وعلى الرغم من وظيفة المجلس الاستشارية، فإن محمد علي يرجع إليه الفضل في ابتداع هذا المجلس والذي بدأ يتطور في وظائفه و صلاحياته حتى أصبح يضاهي المجالس النيابية في أوروبا، لكن بعد انقضاء حكم محمد علي بوفاته، تعطل هذا المجلس؛ لأن عباس وسعيد لم يكونا متحمسين له كما كان محمد علي.

مجلس الشورى فى عهد "إسماعيل"

وجاء عهد الخديو إسماعيل، وحقق فيه البرلمان المصري طفرة كبيرة بقيام مجلس شورى النواب في ديسمبر من عام 1866 م، ويتكون من 75 نائبًا ينتخبهم الشعب من طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية كل ثلاث سنوات، وتشير الكثير من الدراسات التاريخية أن إسماعيل كانت لديه رغبة حقيقية في إشراك الشعب ممثلاً في طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية في إبداء الآراء في المسائل التي تتعلق بتسيير شئون الحكومة المصرية.

ولعب مجلس شورى النواب دورًا مناهضًا للتدخل الأجنبي في شئون البلاد أثناء أزمة الديون الخارجية، وأصر المجلس على أحقيته في مناقشة ميزانية الحكومة التي كان يتولاها في ذلك الوقت وزير مالية إنجليزي، وهو الذي جاء ليتولى وزارة مالية مصر نتيجة الضغط على الخديو من قبل الباب العالي والدائنين الأجانب.

وبعد خلع الخديو إسماعيل ونفيه من مصر عام 1879 م، تولى ابنه توفيق الخديوية، واستمر مجلس النواب في عهده يحاول أن ينتزع لنفسه حقوقًا تشريعية تجعله طرفًا في الموافقة على أي قوانين أو تشريعات جديدة، وهي الحقوق التي حصل عليها بالفعل مناصفة مع الخديو، بالإضافة إلى حق إقرار الضرائب والمسائل المالية بعد مناقشتها والتصويت عليها، فكان ذلك يبشر بقيام حياة نيابية نشطة في مصر، من ثم قيام نظام ديمقراطي يكون الأول من نوعه في المنطقة.

دستور 1923 وأول مجلس نيابي حقيقي

ويعتبر أول مجلس نيابي حقيقي له سلطة مساءلة ومراقبة السلطة التنفيذية "الحكومة" و سحب الثقة منها، ولا تستطيع الحكومة أو الملك سن أي قوانين أو تشريعات جديدة قبل عرضها على المجلس والتصويت عليها إما بالرفض أو القبول، وقد صدر هذا الدستور بعد الاعتراف الرسمي من قبل بريطانيا بأن مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وهو الأمر الذي لم يكن متوفرًا من قبل وقد تكوّن البرلمان في ظل هذا الدستور من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

ولكن هذه المجلس أيضًا لم يكن مثالية، فقد حدد من سلطاته حق الملك في إقالة الحكومة وحل المجلس في أي وقت، وهو ما حدث بالفعل في معظم الأحيان، كما أن الصراع الحزبي بين حزب الأغلبية وأحزاب الأقلية قد بلغ درجة عالية في المجلس فضاعت معه أصوات المنادين بمصلحة الوطن، وتم إلغاء هذا الدستور.

دستور 1930 أو دستور "الملك"

ومن بعده جاءت وزارة عبدالفتاح يحيي التي لم تعد فترة طويلة، ثم أصر الإنجليز على تولية توفيق نسيم الوفدي الوزارة لضبط الأمور، فقام بإلغاء دستور صدقي 1930م والعودة إلى دستور 1923م ، وجرت الانتخابات وفاز بها الوفد، وتولى مصطفى النحاس الوزارة في مايو 1936م.

ثورة 1952 وإنشاء مجلس الأمة

ظل دستور 1923م هو الدستور السائد في البلاد حتى قامت الثورة في يوليو 1952م ، وبقيام الثورة انقضت فترة خصبة من الليبرالية المصرية بما لها وما عليها، وبدأت فترة جديدة مختلفة عنها في نواح عديدة، ودخل البرلمان المصري في فترة كمون طوال عهد عبدالناصر.

وشكل أول مجلس نيابي في ظل الثورة، وقد أطلق عليه اسم مجلس الأمة، واستمر هذا المجلس حتى  فبراير 1958، وذلك عقب الوحدة مع سوريا، وقد استمر مجلس الأمة المشترك، حتى ٢٢ يونيو ١٩٦١، وبمجرد سقوط الوحدة بين مصر وسوريا، وفي ١٩٦٤ صدر دستور مؤقت.

 ومع تولي الرئيس الراحل محمد أنور السادات الحكم دعا مجلس الأمة في ٢٠ مايو ١٩٧١ لإعداد دستور جمهورية مصر العربية الدائم وعرضه على الشعب في الاستفتاء، وفي يوم ١١ سبتمبر ١٩٧١ صدر دستور جمهورية مصر العربية الدائم، ثم جاء الاستفتاء الذي جرى إبريل ١٩٧٩، والذي وافق فيه الشعب المصري على إنشاء "مجلس الشورى"، وعقد مجلس الشورى أولى جلساته في أول نوفمبر ١٩٨٠، ومعه عادت فكرة وجود مجلسين تشريعيين في الحياة النيابية المصرية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل