المحتوى الرئيسى

يطفئون شمعتها ثم يتهمونها بعدم الإضاءة

09/25 15:06

بالأمس شاهدت فيلمين، لم أشاهدهما أو أسمع عنهما من قبل، أحدهماكان لكاتب الرواية التي أثّرت فيَّ كثيرًا، كتب أنه يحبها فقط ولكن لم يبحث عنها في روايته، وهذا يؤكد لك أنه تم اختيارهما بمحض الصدفة ولم يوجد أي شبهة تواطؤ بيني وبين الفيلمين لآتي الآن وأملي عليك شروطي، أو دعني أقول لآتي الآن وأخبرك بأمنياتي.

حبيبي وزوجي المستقبلي.. هي ليست شروطًا ولكنها أشياء بسيطة فعلها الأبطال الذكور في كلا الفيلمين، غيّرت حياة شريكات حياتهم إلى الأسعد.. أقول الأسعد ولا أقول الأفضل.. فهي كما أخبرتك سابقًا أشياء بسيطة كان من الممكن أن يروها تافهة ويتفِّهوا من زوجاتهم واهتماماتهن.

في الفيلم الأول والذي يُدعى "يجب أن تمتلك بريدًا إلكترونيًاYou have got mail" وهو بالفعل من أكثر الأفلام التي أحببتها وتأثرت بها كثيرًا.نعم قصته غريبة بعض الشيء، وهي أن شابًا وفتاة تعارفا فيإحدى غرف المحادثة، ثم تستمر المحادثة بينهما عن طريق الإيميل،ليحكي كل منهما للآخر عن أحداث يومه، والتي غالبًا ما تكون أحداثًا غير مهمة لا يهتم بها من يعرفنا، أو بمعنى أدق هي أدق التفاصيل التي نتغافل دومًا عن حكيها لمن يعرفنا حتى لا يرانا "هبل، عبط، مجانين..." أو ماشابه،أو إنه سوف لا يفهمها،فالبتالي لا نتكبد عناء الحكي من البداية.

ويستمران بالمراسلة بشرط أن يظلا غريبين عن بعضهما بعض،أي بشرط أن لايتطرقا إلى أي تفاصيل تدلي بالتعرف على هوية الآخر، لا اسم، لا صورة، لا عمل ولا... ولا... لأي معلومات سخيفة تجعل من الآخر أن يبني فكرته عنا بدون بذل أي مجهود ليعرفنا.

من الطريف في الفيلم أن كلاً منهما فقط عن طريق الميل يظن أنه وجد توأم روحه، ولكنهما يتعارفا بشكل ما أثناء زحمة الحياة، ويصبح كل منهما منافسًا للآخر بل وعدوه اللدود..بالطبع دون أن تعرف هيأنه فتى أحلامها المزعوم أو يفكر هوأنها هي نفسها توأم الروح.

ما أردت قوله أنه يظل يدعمها دائمًا ضد عيوبها الصغيرة التي تعاني منها، مثلأنها عندما تتشاجر مع أحد ينعقد لسانها بدل من أن تسب وتلعن، ثم بعد ذلك تندم ندمًا كبيرًا وتقول "يا ليتني قلت كذا أو كذا!".وإذا كان في واقع حياتها هو عدوها اللدود فبالطبع هو أول من يتم تطبيق عليه ما أراد تعليمه لها. كيف لا وهو عدوها اللدود الذي من أجله تعد العدة لتصب عليه جام غضبها وتحاول أن تفك عقدة لسانها من أجله؟

ثم أراد أن يشجعها أيضًا أن تتخلص من خوفها وتدافع عن عملها، وللمرة الثانية تظهر على شاشات التليفزيون وتسب وتلعن فيه بما يحلو لها.ويظل هو بعد أن يعرف أن عدوته اللدودة هي نفسها فتاة أحلامه وتوأم روحه في مساندتها لاسترداد قوتها وثقتها بنفسها، بعد أن خسرت عملها الذي هو بالنسبة إليها ميراث والدتها الذي أعطته من عمرها ما يقرب من القرن والنصف..ظل يدعمها حتى تقابل فتى الشات الذي لم تعلم حتى آخر مشهد أنه هو.

كل هذا وإن كان في الظاهر دعمًا تافهًا لبعض الأشياء التي تبدو تافهة في نظر البعض، ففي نظر البعض مثلاً ماذا سيتغير إن عبّرت عن استيائها لأحد وجهًا لوجه أو احتفظت بالنار التي تتأجج بصدرها داخلها؟ وما إلى ذلك.ولكن هذه التفاصيل البسيطة التي نحكيها ونشاركها مع من نحب كفيلة بتغيير مودنا من روتيني، عادي، كئيب،إلى سعيد، خصوصًا عندما نعلم أن شريكنا يهتم.

فها نحن مجموعة تفاصيل دقيقة وعقد وأفكار ساذجة، وهذا هو الجانب غير المرئي، ولكن ها هيأرواحنا، أتمنى أن تشاركني وتشارك معي كل شيء، أتمنى أن أجدك توأمًا لروحي، تقرأ روحي وتفهم تقلبات مزاجها، وأن أكون لك أيضًا كذلك، وتذكَّر أنني سأكون بحاجة لدعمك دائمًا، فكفيلة كلمة أو لمسة حانية منك أن تدفعني للأمام خطوات أو حتى أميالاً.

الفيلم الآخر والذييُدعى "جولي وجوليا Julie and Julia" يحكي عن جولي التي تعمل موظفة كول سنتر، متزوجة، وطول الوقت تشكو رتابة الحياة، حتى إذا ما تقابلت مع أصدقائها تجد الكثير مما يشغلهم، لدرجة أنهم لا يستطيعون أن يكملوا صحبتهم حتى النهاية، وهي التي تعاني من فراغ ورتابة كبيرة، بالإضافة إلى مشاعر الفشل التي تلازمها، حيث إنها لم تكمل أي شيءفي حياتها حتى النهاية..نصف رواية ونصف ونصف.

أهدتها صديقتها كتابًا للطبخ، فإذا به يغيِّر حياتها.المثير في الفيلم أن زوجها هو من يفكر معها مقترحًا الكثير من الحلول التي حتمًا ستكسر من رتابة حياتها، بأن تكتب يومياتها عن وصفات الطبخ التي في الكتاب، والتي بالطبع ستعد العديد منها كل يوم، حتى يتسنى لها أن تكتب لقرائها على موقع التواصل عنها.

هذه الوصفات التيتجاوزت الخمسمائة والتي حتمًا فيها الكثير من الصعوبات ويعطيها وقتًا زمنيًا 365 يومًا لإنهاء هذا العمل.

عذرًا دعوني أقف قليلاً مدهوشة، ففي مجتمعنا الشرقي لا يفعل الرجل هكذا..فلنفكر قليلاً 365 يومًا،أي عامًا كاملاً،أيأنه سيتحمل مجهودًا ذهنيًا على مدار سنة كاملة، كان يكفيأن يصفها بالكئيبة وما إلى ذلك من الصفات التي يصفون بها المرأة الشرقية التي يطفئون شمعتها ثم يتهموها بعدم الإضاءة، وأن الظلام الذي حل في المكان لم يكن إلا بسببها.

نرشح لك

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل