المحتوى الرئيسى

"لا بد من خلق خطاب إسلامي مضاد للتطرف"

09/24 09:33

DW: قامت منظمة اسلامية بتحذير السلطات الألمانية. هل يمكن اعتبار ذلك أمرا استثنائيا؟

مروان أبو تمام: هناك حوار عميق بين الشرطة في كامل ألمانيا والمنظمات الاسلامية. كما أن رجال الشرطة متواجدون في عين المكان في الأحياء. لقد نشأت علاقة شخصية مبنية على الثقة في السنوات الماضية. ما يعني أن الطرق صارت أقصر وحواجز التواصل اندثرت بينهم. وهذا ما ساعد على تبادل المعلومات بين الطرفين. لكن رغم ذلك فإن حجم هذه المعلومات لا يزال محدودا جدا في الوقت الحالي.

هناك عوامل عديدة لذلك. إذ أن المتطرفين يتفادون طبعا الاندماج في وسط له تواصل مع أجهزة الشرطة. من جهة لدينا في ألمانيا بنى تحتية لما يسمى "الإسلام الشرعي" وأخرى للسلفيين من جهة أخرى. ولا تُكن الشرطة الألمانية أي ثقة للسلفيين.

في المقابل تقع المنظمات الإسلامية في ألمانيا تحت الضغط، بسبب عدم أخذها مسافة كبيرة من السلفيين، خاصة منظمة "ديتيب"، في ولاية في شمال الراين فستفاليا، إحدى أكبر المنظمات الإسلامية في ألمانيا.

لكن الإبلاغ عن الإرهابي المحتمل جاء من هذه المنظمة. كيف تفسرون ذلك؟

الخبير مروان أبوتمام من المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة

تعتبر "ديتيب" منظمة لا مركزية إذ أن لها فروعا عديدة في ألمانيا. عندما يتعاون فرع ما مع الشرطة، فإن ذلك أمر مغاير لتعامل منظمة بأسرها تملك مواقف سياسية. تكمن المشكلة لدى منظمة "ديتيب" في ارتباطها بشكل قوي مع الدولة التركية، وبالتالي فهي تتعرض لتأثير من أطراف خارجية.

ماهو مدى حضور المنظمات الإسلامية في مخيمات اللاجئين؟

يقوم اللاجئون أنفسهم باختيار المساجد التي يرتادونها. لهذا هناك مسؤولية كبيرة تقع على كاهل الجمعيات الدينية وخاصة الباحثين في العلوم الدينية. إذ أن التطرف الإسلامي يحدث بناءا على الانتماء الديني.

عندما يتم تعليل العنف بالدين، فإنه لا يمكن للدين أن يدافع عن نفيه إلا عند خلق خطاب مضاد. لا يمكن مواجهة التطرف بشكل مصداقي إلا عبر خطاب يتم تأسيسه من الطوائف. بمعني آخر، عندما يقول إمام "ما تعلمونه لا يمت للإسلام بصلة" يكون الخطاب أكثر مصداقية من أن يقوله موظف في الرعاية الاجتماعية.

هل هناك جهود كافية لذلك؟

هناك بعض الفراغات الكبيرة. لا تملك الجمعيات الإسلامية البنى التحتية والكفاءات الكافية. فهي لا تملك الإمكانات ولا المعرفة الدينية الكافية للرد على التطرف. السؤال الكبير المطروح الآن هو كيف تملأ هذه الجمعيات تلك الفراغات. لدينا علماء دين عصاميين يعملون كموظفين دينين أكثر من قيامهم بمواجهة فقهية مع ظاهرة التطرف أو مع المجتمع ومشاكل الشباب. هذا ما يؤدي إلى انزلاق الشباب إلى التطرف. هناك يجدون من يتحدث معهم بلغتهم ومن يدلهم ظاهريا على الدين.

كما يعمل لدى الجمعيات الإسلامية غالبا أشخاص يترجمون أو يمكن تقديم نصائح من قبيل أين يمكن إيجاد طبيب معين. كما يمكن الحصول على رعاية اجتماعية. لكن إذا ما وصل اللاجئون عند الأشخاص الخاطئين، فإنه من الوارد أن يمنحهم ذلك استقلالية تؤدي بهم إلى التطرف.

كيف يمكن للمنظمات الإسلامية مراقبة ما يفعل أعضائها وزوار المساجد التي تقع تحت إدارتها؟

الجمعية الإسلامية هي منظمة ولها أعضاؤها وهيئة إدراية وهم يعرفون بعضهم جيدا. يقع فتح المساجد في أوقات الصلاة ويمكن لأي شخص أن يدخلها. ما يعني أن الإمام لا يعرف دوما من يصلي وراءه. عندما تلاحظ الجمعيات أن أشخاصا بعينهم يحملون تصورات دينية معينة ويرتادون مساجدهم بصفة منتظمة، فمن مصلحتهم حينئذ إبلاغ الشرطة عنهم.

الدكتور مروان أبو تمام هو خبير في شؤون الإرهاب العالمي وشؤون الأمن الداخلي والسلفية. يعمل كباحث لدى المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة.

مظاهر التطرف والدعوة إلى العنف باسم الدين لم تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل أيضا دول غربية على غرار ألمانيا شهدت بدورها مظاهرات لأقلية سلفية حمل بعض عناصرها الأعلام السوداء ودعا فيها للعنف. الصورة لمظاهرة تعود إلى عام 2012 في مدينة بون الألمانية حيث تظاهر سلفيون ضد يمينيين متطرفين واعتدوا خلالها على رجال شرطة.

استخدام الدين كذريعة لارتكاب جرائم إرهابية، مثلما حدث خلال الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو مطلع هذا العام وقتل 11 شخصا من طاقمها بدافع الانتقام لصور كاريكاتورية للرسول محمد نشرتها الصحيفة، أثار استهجان الملايين ليس في فرنسا وأوروبا فقط وإنما ايضا في العديد من الدول الإسلامية والعربية.

الإرهابيون لم يستهدفوا مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية فقط وإنما أيضا شرطيا مسلما واسمه أحمد وشرطية أخرى كانت تنظم حركة المرور وكذلك أربعة يهود، بينهم يهودي تونسي، كانوا في أحد المتاجر اليهودية بصدد التبضع لإحياء مراسم السبت. العمليات الإرهابية كانت من توقيع تنظيم "الدولة الإسلامية".

وبعد الهجمات الإرهابية التي طالت باريس واسفرت عن سقوط 18 شخصا، ها هو الإرهاب تحت ذريعة الدين يضرب العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ويتسبب في مصرع رجل يهودي كان يحرس كنيسا يهوديا وآخر مخرجا سينمائيا، ذنبه أنه كان حاضرا في ندوة حول حرية التعبير.

ولكن مساجد المسلمين بدورها تعرضت أيضا للاعتداء بالحرق وتهشيم النوافذ وحتى لهجوم بالمتفجرات. ففي فرنسا مثلا ارتفع عدد الأعمال "المعادية للإسلام" بنسبة 70 بالمائة منذ الاعتداءات التي قام بها جهاديون في باريس في كانون الثاني/ يناير، مقارنة بعام 2014، وفقا لجمعية التصدي لمعاداة الإسلام الفرنسية.

حتى المقابر اليهودية لم تسلم من اعتداءات بعض المتطرفين إما بدافع العنصرية أو بدافع معاداة السامية. على أحد القبور اليهودية في مقاطعة الآلزاس الفرنسية كتب باللغة الألمانية "أرحلوا أيها اليهود" إلى جانب الصليب المعقوف، رمز النازيين الذين أبادوا ستة ملايين من يهود أوروبا.

حتى وإن كان هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية مطلقة داخل المجتمع الألماني، إلا أن النازيين الجدد، الذين يستلهمون أفكارهم من النازية واليمين المتطرف، يشكلون مصدر قلق في ألمانيا، خاصة وأنهم لا يتوانون عن استخدام العنف ضد الأجانب أو من كان شكله أو مظهره يوحي بأنه ليس ألمانيا. وفي الفترة الأخيرة سجل في عدد من الدول الأوروبية صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مستغلة أعمال الإرهابيين للإسلاميين المتطرفين.

ولازال القضاء الألماني ينظر في قضية خلية تسيفيكاو النازية، والتي سميت نسبة لمدينة تسيفيكاو الواقعة شرقي ألمانيا، في محاكمة تحظى باهتمام دولي الواسع. هذه الخلية متهمة بقتل عشرة أفراد، تسعة أتراك ويوناني في ألمانيا، ذنبهم الوحيد أن أشكالهم توحي بأصولهم الشرقية. في الصورة العضوة الوحيدة المتبقة من الخلية، بعدما انتحر عنصران منها، والتي ترفض الإدلاء بأي تفصيل يساعد في الكشف عن الحقيقة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل