هكذا يرى العرب ازمة اللاجئين السوريين
عقدت الأمم المتحدة الإثنين الفائت أوّل قمة لها على الإطلاق تركّز على أزمة اللاجئين والمهاجرين، وتبعتها الثلاثاء قمة الرئيس الأميركي التي تناقش أزمة اللاجئين العالميّة، وذلك لتنامي آثار الأزمة على العالم ككل.
و تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي مركز أزمة اللاجئين الفارّين من أفغانستان وسوريا وإيريتريا والصومال وجنوب السودان، كما تتحمّل دول الجوار العبء الأكبر من استيعاب اللاجئين.
لكن كيف ينظر العرب للأزمة؟!
هذا مانشرته الواشنطن بوست في تقريرها عن نتائج لبحث أجراه علماء جامعة نيويورك اعتمد على تحليل محتوى 1.6 مليون تغريدة مكتوبة بالعربية في الفترة من فبراير 2015 حتى يوليو 2016.
التحليل شمل انطباعات العرب عن المسبّبين الرئيسيّين للأزمة، وانطباعاتهم عن اللاجئين أنفسهم.
في حين يميل الغرب والأوروبيّين إلى الاعتقاد بخطورة اللاجئين والخوف الشديد من الإسلام، يعتقد غالبيّة مواطني الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأنّ اللاجئين ضحايا، بحسب ما ورد في الواشنطن بوست عن نتائح الدراسة.
فقد أشارت النتائج إلى أنّ 59% من التغريدات واسعة الانتشار تحمل التعاطف مع اللاجئين، في حين أنّ 3% فقط تعتقد بخطورتهم، و جاءت 1% من التغريدات لتعتبر أنّ اللاجئين خونة لأوطانهم، و3% أخرى حملت انطباعات مخالفة لما سبق، ونسبة 33% من التغريدات تضمّنت كلمة لاجئ ولم تحمل انطباعاً عنهم.
و أوضح التحليل الكمّي للتغريدات أنّ معدلها تزايد بشدّة بعد تداول وسائل الإعلام لصورة الطفل السوري آلان كردي، الذي غرق قبالة السواحل التركيّة، و نتج عن ذلك تدشين عددٍ من الهاشتاجات المتعلّقة بالحادث.
على عكس المتوقع، أظهرت الدراسة أنّ المتهم الأوّل في أزمة اللاجئين من وجهة نظر العرب المغرّدين ليس إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركيّة أو أي من القوى الخارجيّة، لكنّه النظام السوري الحاكم يليه باقي الأنظمة العربيّة، وتتذيّل إسرائيل قائمة المتّهمين بأقل عددٍ من الأصابع التي تشير بالاتهام لها.
وتوصّلت الدراسة إلى أنّ أزمة اللاجئين استبدلت نبرة العداء لأميركا وإسرائيل بنبرةٍ طائفيّة تتضمّن العداء للسنة والعداء للشيعة، وأصبحت هذه النبرة الطائفيّة هي التي تحدّد المتهم في الأزمة. والمثال على ذلك انتشار صورة تعبيريّة للرئيس السوري بشار الأسد يمشي مع مرشد الثورة الإيرانيّة علي خامنئي وفي الخلفية الطفل السوري آلان، في إشارةٍ لطائفيّة الأزمة.
كما انتقد المغرّدون كافة الحكومات العربيّة بسبب تخاذلها عن بذل الجهود لحلّ الأزمة – من وجهة نظرهم – وتمّ تدشين الهاشتاجات الداعية لاستقبال اللاجئين.
بعد وفاة الطفل آلان بفترة قصيرة، بدأ تنظيم داعش الإرهابي بشنّ حملةٍ ضد اللاجئين لتشويههم وتخويفهم من الهجرة إلى أوروبا، ودعوتهم للبقاء أو الهجرة لدولة مسلمة، وذلك بإطلاق هاشتاج خاص.
واستخدم التنظيم الإرهابي صوراً لغرق اللاجئين وتعامل الشرطة الأوروبيّة بعنفٍ معهم وطرق أخرى لمعاناتهم، وذلك بهدف التخويف، بالإضافة للّعب على وتر الاتهام بخيانة الدين ومطالبة اللاجئين بالبقاء في دول الإسلام باعتبارها “دار السلام”.
فسّرت الواشنطن بوست في ختام تقريرها وبناءً على المعلومات المتوفّرة لديها أنّ الشعوب العربيّة تحمل مشاعر إنسانيّة تجاه اللاجئين، وخوف قليل منهم، واتفاق عام على وجوب تحمّل الحكومات الإقليميّة للمسؤوليّة تجاههم.
لكن هناك بعض دواعي القلق، بحسب التقرير:
أوّلاً: بالرغم من أنّ اللاجئين السوريّين يتمّ التعامل معهم غالباً باعتبارهم يعانون، إلّا أنّ الانتباه يتحوّل عنهم بسرعة، فباستثناء صورة آلان، لا يدوم التعاطف معهم، وبالطبع لا يمكن الاعتماد على مثل هذه الصور سريعة الانتشار دائماً في سياساتنا تجاه اللاجئين.
Comments