المحتوى الرئيسى

«الحج» وثقافة السيلفي | المصري اليوم

09/24 00:29

«الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا».. من منا لا يتوق إلى إتمام أركان الإسلام الخمسة بحج بيت الله الحرام، من منا لا يتوق إلى رؤية الكعبة وغار حراء وغار ثور بقايا رائحة الرسول الكريم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، من منا لا يريد التطهر من الذنوب وملامسة تاريخ الحبيب صلى الله عليه وسلم، والشرب من ماء زمزم، من منا لا يريد أن يغتسل من الهموم ويرجم الوسواس الخناس ويدنو من الصراط المستقيم قدر استطاعته واجتهاده، يتضرع إلى رب العزة مفرج الكروب وملبى الدعوات ومحقق الأمنيات، يشعر المرء في تلك اللحظات بتماهى دنياه مع آخرته، شعور شفاف بالطهارة ونقاء السريرة ورفعة الروح دون الالتفات إلى تفاصيل الحياة التي تكدر صفو تلك اللحظات التي تسمو على كل قيمة.

الحج إلى بيت الله أمل ورجاء في مغفرة وتقرب إلى رب العزة، وتطهر من ذنوب اقترفت، وخطيئة لوثت بياض الثوب الإنسانى، وارتقاء من دناوة الدنيا إلى سمو وتأُبُه، لكن ما يحدث الآن في مواسم الحج وطقوسه الدينية يثير العجب، أصبح الحج طقسا دعائيا واستعراضيا بدءا من شركات السياحة التي تمارس البزنس والتجارة في موسم الحج بالتعاقدات المسبقة مع الفنادق والزيارات الداخلية للأماكن المقدسة وما يسمى بـ«المطوف» وانتهاء بما يمارسه الحاج نفسه برصد كل خطوة يخطوها وطقس يؤديه من طقوس الحج بالتقاط السيلفى وكأنه يحج توثيقا للذكرى والتاريخ، لا طمعا في مرضاة الله ورسوله والتكفير عن ذنوب الدنيا وإغراءاتها.

كان لافتا أن تعج وسائل السوشيال ميديا وشبكات التواصل الاجتماعى بمئات من الصور السيلفى لمختلف الحجاج التي توثق لتلك الشعيرة لحظة بلحظة، تستشعر أن الفخر والاستعراض غالبا على الورع والتقوى، الهدف يقفز باستنفار غريزة الشو والاستعراض وليس التوبة والمغفرة والرجوع إلى الله، أصبحت التكنولوجيا نقمة في عالم باتت تحركه أصابع الريبوت، حتى مشاعرنا الإنسانية أصبحنا نتلقاها عبر تهنئة هنا أو هناك من خلال صفحة صماء تعج بالصور والكتابات المنمقة والمجاملات الباهتة في معظمها لا تعبر عن الحقيقة، نتبارى في إظهار الخدع البصرية ونكتفى بكيل وابل من التهنئات والتبريكات عبر الأثير، ونسينا أهم صفة تجمع بين البشر وهى التواصل والتراحم والتواد.

صور السيلفى بطابعها النرجسى التي تؤخذ في عالم مليء بالأسرار تسللت لتلقى بضوئها الأخاذ على موسم الحج بطقوسه وشعائره المقدسة لدى المسلمين على نحو خاص، فانتشرت عبر انستجرام وتويتر وفيس بوك وسناب شات وغيرها لتثير الجدل من مغزى التقاط الصور في الكعبة التي تعد أكثر بقاع الأرض قدسية وطهارة لدى المسلمين، ورغم أن صور السيلفى لا تعد من الأمور المحبذة لدى العديد من الحجاج بل وصف البعض تلك الظاهرة بالمرض المزمن الذي لا يمكن إيقاف تفشيه، غير أن آلافاًَ من الحجاج الآخرين يعتبرونه توثيقا لحدث مهم في حياتهم، وتناسوا أن هذا الحدث إنما يُؤدى طمعا في مرضاة الله، وأن الله مطلع على بواطن الأمور وظاهرها ولا يحتاج لتذكرة أو توثيق! حتى إن بعض الدعاة تنبهوا لهذه الظاهرة واستشعروا خطورتها وبذلوا مابوسعهم من جهد لتذكير المسلمين بأن التقاط الصور أمام الكعبة والتباهى بها فيها إهانة للرسول، وافتتح موقع «Arab news» حملة بعنوان «قل لا لصور السيلفى في الحج»، فالتقاط صور السيلفى ومقاطع الفيديو تتعارض مع توجيهات الرسول ولن تجلب فائدة لأحد، لأن الهدف من الحج يكمن في تجاوز التفكير بالذات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل