المحتوى الرئيسى

صاحب المقام الرفيع | المصري اليوم

09/23 23:31

لا أعرف - فى مصر وفى غيرها - من حمل هذا اللقب إلا: حضرة صاحب المقام الرفيع مصطفى النحاس باشا.. فهو الزعيم، الذى لا زعيم للأمة بعده.. والذى ماتت الزعامة من بعده.. هكذا هتفت الجماهير وهى تودعه من جامع الكخيا بميدان الأوبرا إلى مسجد حبيبه ومولاه الإمام الحسين، وهو الذى قال لأحد أبرز الوفديين المسيحيين، سعد بك فخرى عبدالنور، الذى قال للزعيم.. كيف تجعلنى أدخل مسجد الإمام الحسين لألتقى بك؟ فرد النحاس باشا مداعباً: يا سعد ألا تعرف أن الإمام الحسين كان وفدياً.. ذلك أن نظام عبدالناصر كان يحدد تحركات النحاس خوفاً من التفاف الجماهير حوله، إذ سمحت له فقط بالذهاب للصلاة فى مسجد الحسين.

حقاً. لا أعرف فى مصر من كان يسبق اسمه هذا اللقب: صاحب المقام الرفيع.. واختلف الناس حول هذا اللقب.. منهم من قال إن صاحبه هو من كان أطول وأكثر مرات توليه رئاسة الحكومة.. ومنهم من قال إن من يحق له أن يسبق اسمه هذا اللقب هو السياسى الذى يحمل نيشان الملك فؤاد الأول وكان النحاس باشا فى مقدمة هؤلاء.. ومنهم على باشا ماهر رغم التناقض الرهيب بين زعيم الشعب.. ورجل القصر الأول، على ماهر باشا، وقيل أيضاً حسين سرى باشا وكانت جريدة المصرى «القديمة» تخصص عموداً تنشر فيه أخبار ومقابلات النحاس باشا.. كان عنوانه «صاحب المقام الرفيع»، فلما ألغيت الألقاب جعلته بعنوان: الرئيس الجليل.. فالنحاس تولى رئاسة حكومات مصر، كانت الأولى عام 1928، وكانت حكومته الأخيرة - وهى السابعة - من 12 يناير 1950 إلى 27 يناير 1952.. أما حسين سرى باشا فقد تولاها خمس مرات وتولاها على ماهر أربع مرات!! آخرها التى شهدت تنازل الملك فاروق عن العرش.. وهو الذى شهد توليه العرش رسمياً عام 1936 أيام حكومة على ماهر الأولى.

خلاصة القول إن النحاس باشا كان هو الأشهر.. والأكثر عدداً فى تولى رئاسة الحكومة، واستحق قولاً وفعلاً هذا اللقب الخالد: صاحب المقام الرفيع.. ولكننا فوجئنا - ومن ساعات - بمن ينشر إعلاناً يدعو فيه قضاة إحدى مدن الدلتا لعقد جمعيتهم العمومية.. وقال فى الإعلان المنشور بالأهرام «يسعده أن يتواصل مع أصحاب المقام الرفيع قضاة المحكمة لدعوتهم لعقد جمعيتهم العمومية..!!» للنظر فى خطة العمل للعام القضائى الجديد، فهل يا ترى حصل كل واحد من هؤلاء على نيشان أو نجمة فؤاد الأول.. أو هل رأس أحدهم حكومة مصر مرات عديدة ليستحق لقب «صاحب المقام الرفيع»، ألم ينس سيادته أن مصر ألغت رسمياً كل الألقاب التى كانت تفرق بين الناس.. منذ عام 1953؟.. ألم يعلم أن هذه الألقاب كان لها نظام ينظمها، سواء صدرت بنطق ملكى سام رفيع.. أو لأنه أدى خدمات جليلة للدولة.. وكانت الألقاب لها نظامها الذى يلتزم به الكل.

كان الباشا له نظام، وصاحب المعالى له نظام، ومعالى «فقط» له نظام وكذلك سعادة.. وصاحب السعادة.. حتى آخر الرتب الرسمية.. البك.. ولكن ماذا نقول وهناك من يطلق على أمين الشرطة الباشا.. فما بالنا مع ضباط الشرطة؟.. والمؤلم - وليس الطريف - أن نجد من يمنح نفسه لقباً دون أن يعرف لماذا، إلا للتفخيم والتعظيم.. يعنى الأبهة!! ولما أحس البعض أن الاسم لا يكفى للتدليل على صاحبه.. وجدنا من يحمل لقب المستشار.. رغم أن هذا اللقب درجة مالية - وإدارية - فى وزارات الخارجية والعدل والتجارة - بالذات لمن يعمل مستشاراً تجارياً فى الخارج أو فى الأمانة العامة للجامعة العربية.. حتى من خرج من هذا السلك أو ذاك يمنح نفسه لقب المستشار.. بل نجده أيضاً يسبق اسم كل من عمل بالقضاء أو النيابة بأنواعها: العامة، الإدارية، أو الرقابية.. ثم خرج إلى المعاش وكذلك بين المحامين، إذ يضع الواحد منهم لقبه لو كان أحد من يستحقون هذا اللقب من بين دفعته فى كلية الحقوق.

■ وزيادة فى الفخامة والتفخيم - وشىء لزوم الشىء - نجد من يهنئ مثلاً النائب العام فيسبق اسمه لقب: معالى.. ثم المستشار.. ثم المنصب، بعد الاسم.. ويحصل على نفس اللقب «معالى» مساعدو النائب العام.. ونحن - فى كل ذلك - نحيى عشق المصريين للألقاب: وكما عرفنا: باشمهندس، وباشكاتب، وباشحكيم، وباشاويش بحكم أن لفظ «باش، أو باشا» يعنى رئيس الصنعة.. نجد الآن: معالى.. وصاحب المعالى.. وأخيراً: صاحب المقام الرفيع.

■ طيب بالذمة ماله لقب أستاذ.. «وهو مشتق من أوسطى» أو أفندى.. أم أننا كالعادة: نحنُّ لكل ما هو قديم.. ولماذا لم نسمع عن لقب باشصحفى، وفى الصحافة باشوات عظام يستحقون هذا اللقب؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل