المحتوى الرئيسى

مثلث البورصة.. هكذا يتم إهدار إمكانيات وسط البلد! | المصري اليوم

09/22 23:11

قبل نحو عام من الآن، وبالتحديد فى منتصف أكتوبر 2015، امتلأ شارع علوى فى وسط البلد بعشرات الصحفيين والمصورين ومراسلى القنوات الفضائية، تبعهم لجنة رسمية تضم مسؤولين بوزارة الثقافة، ومع غروب اليوم انضم إلى الجمع أمين شرطة من قسم عابدين ومقتنو تحف وعاملون بدور نشر كبرى، كلهم قصدوا «علوى» بحثا عن آثار الأديبة اللبنانية الراحلة مى زيادة، التى قيل إن أحدهم وجد مقتنيات نادرة لها سيقوم ببيعها فى جلسة مزاد مغلق، لكن هؤلاء جميعا لم يجدوا مزادا ولا آثاراـ فغادورا الشارع مع ساعات الليل الأول، كل إلى مكانه!

كان هذا الجمع، هو آخر من مر بالشارع الهادئ قبل أن يتركه مرة أخرى غارقا فى ظلامه، أما الشارع ـ علوى- فهو واحد من أبرز شوارع «البورصة» المنطقة التى كانت تعج قبل شهور قليلة من خبر المزاد الكاذب بعشرات المقاهى (حوالى 35 مقهى) الساهرة حتى الصباح، تجاورها مطاعم صغيرة، وحركة دائمة لا تتوقف إلا سويعات بداية النهار، غير أن محافظة القاهرة أنهت هذا كله فى شهر مارس من العام الماضى بحملة أمنية مكبرة، أغلقت المقاهى تماما وقطعت المرافق عن المحلات لئلا تعود إلى نشاطها غير المرخص كما يؤكد المسؤولون بحى عابدين.

حسنا. وسط البلد ليست منطقة واحدة، بل عدة مناطق لكل منها طابعها الخاص.. منطقة التوفيقية، منطقة الإسعاف، منطقة باب اللوق، منطقة طلعت حرب، ومنطقة البورصة بالطبع، وهى عبارة عن مثلث رأسه عند ميدان طلعت حرب، وضلعيه شارعى قصر النيل وصبرى أبوعلم، وقاعدته شارع شريف الذى يشكل مع شارع «شريف الصغير» واحدا من «الشريفين» الشارع الذى يقطع بدوره المثلث، وداخل هذا المثلث شوارع أخرى مغلقة كممرات للمشاة، هى شوارع الشريفين، وشريف الصغير، وأبوبكر خيرت، وعلوى، والقاضى الفاضل، وشارع البنك الأهلى، وفى داخل المنطقة المثلثة إلى جوار مبنى البورصة وقاعة التداول التاريخية التى تحولت الآن إلى متحف، ومبنى الإذاعة المصرية، ومقر مكتب العمال التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومدخل عمارة البنك المركزى المصرى، ومداخل المقر الرئيسى للبنك الأهلى، وفندق الكوزموبوليتان المغلق حاليا للتجديد، والعديد من العمارات ذات الطابع المعمارى المتميز من بينها عمارة الدكتور محمد باشا علوى الطبيب مؤسس طب العيون والذى كان سببا فى إنقاذ المصريين من العمى الذى كانت منتشرا جدا فى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات العشرين، وله أيضا يعود الفضل فى إنشاء جامعة القاهرة حيث أقنع الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل بالتبرع لتأسيس الجامعة، وبين هذه المبانى وحولها عشرات الأنشطة الصغيرة المتنوعة.. صالونات حلاقة، ومكتبة «الكتب خان» ومطعما يعد من علامات وسط البلد، ومطبعتين صغيرتين، ومحل للسجاد اليدوى، وفندقين، ومرسما لفنان كبير هو محمد عبلة، وغيرها، لكن هذا كله يغرق فى ظلام دامس وهدوء «سخيف» ينعى الإمكانات المهدرة للمثلث المدهش. نحن نتحدث هنا عن شبكة من ممرات المشاة «المبلطة» والممنوع سير العربات فيها، وهى مكان مثالى لمقاهى «الترتوار» على غرار مقاهى باريس وروما أو مقاهى منطقة «الألفى» بالتوفيقية إذا أردنا أن نبقى قريبين ولا نذهب إلى أوروبا! ليس المقاهى وحدها، هناك عشرات المحال الصغيرة المغلقة الآن يمكن فتح بازارات مختلفة لعرض وبيع المنتجات اليدوية والتذكارات السياحية، أو الاستفادة من كون المنطقة غير سكنية فى إقامة مهرجانات فنية أو معارض أسبوعية للكتب فى أيام معينة، أو إقامة متاحف تذكارية صغير وتنظيم جولات يتعرف المشاركون فيها على شخصيات من سكنوا المنطقة، أو مروا بها أو حملت شوارعها أسماؤهم.. الدكتور علوى، ومى زيادة، وموسى قطاوى باشا عميد اليهود المصريين والرأسمالى المعروف، والموسيقار المعروف أبوبكر خيرت، لتنضم هذه المتاحف الصغيرة إلى متحف البورصة ويصبح المثلث منطقة متاحف. عشرات الأفكار والاقتراحات التى يمكن أن تستوعبها المنطقة التى تركت نهبا للإهمال والفوضى بعد إغلاق المقاهى. صحيح أن الأخيرة كانت إلى جوار النشاط الذى تضفيه على المنطقة مصدرا للإزعاج والفوضى، لكن هذا كان يمكن استيعابه وتنظيمه على غرار ما هو حاصل فعليا فى مناطق أخرى.

لمثلث البورصة عدة أسماء، منطقة البورصة، والشريفين، وممرات البنك المركزى، واسما آخر أطلقه سكان المنطقة القدامى عليها هو «مثلث طلعت حماد» نسبة إلى طلعت حماد وزير شئون مجلس الوزراء والمتابعة، والرجل الأقوى فى حكومة كمال الجنزورى الذى يقال إنه صاحب قرار إغلاق شوارع منطقة البورصة أمام السيارات وتحويلها إلى ممرات مشاة، غير أن هذه الأسماء لم يعد يطلقها أحد الآن على المثلث، فقد تحول اسمه نتيجة وضعه الحالى إلى «الحتة الضلمة»!

أفتح مرسمى بشارع علوى ثلاثة أيام أسبوعيا للجمهور، وأرى أن إغلاق مقاهى البورصة كان صائباً، لكن كان من الأفضل الإبقاء على المقاهى المرخصة قبل الثورة، فوسط البلد منطقة حيوية تحتاج لوجود المقاهى بها، منطقة البورصة الآن أصبحت منطقة، ولابد من تشجيع أصحاب المحلات على إعادة افتتاح محلاتهم وضرورة وجود مكتبات لتصبح منطقة ثقافية، مع ضرورة إصلاح أعمدة النور المتكسرة وتركيب كاميرات مراقبة لتصبح منطقة آمنة.

محمد عبلة - فنان تشكيلى

افتتح والدى المحل عام 1963 فى شارع علوى، وكانت المنطقة ذات شهرة كبيرة وتتمتع برواج تجارى واسع، وفى الثمانينات أغلق «علوى» أمام السيارات بعد أن كان شارعا عموميا استغرق التجديد ثلاثة أعوام، ما تسبب فى كساد الحركة التجارية، وبعد إغلاق المقاهى العام الماضى تحول الشارع إلى شارع للأشباح، فلا حركة للمارة ولا إضاءات كافية. ما أطالب به هو ضرورة اهتمام المسؤولين بالمنطقة والتفكير جديا فى تحويلها لمنطقة جذب سياحى كما كانت فى السابق.

محمد جمال - صاحب محل سجاد

أسكن فى المنطقة منذ عام 1995 وكانت البورصة منطقة سياحية تضم الكافيهات والمحال التجارية وتعتبر مزارا سياحيا للأجانب لما تتمتع به من طراز معمارى، ولم يكن وجود المقاهى بالشىء السيئ، بدليل أنه بعد إغلاقها أصيب المثلث بالشلل. ما تحتاجه المنطقة هو توجيه الاهتمام بها وإعادة إحيائها مرة أخرى بالسماح بعودة المقاهى ولكن بشكل منظم، وأن يتم تشجير المنطقة مثل ميدان عرابى، وتزويد الشوارع بالإضاءة الكافية وكاميرات للمراقبة لعودة الأمان الذى نفتقده.

عاطف عبدالله - من سكان المنطقة

أعمل حارس عقار بإحدى عمارات الشريفين منذ 12 عاما، وكانت المنطقة حيوية بسبب المقاهى التى انتشرت بعد ثورة يناير، لكن تلك المقاهى تسببت فى الفوضى وأعمال البلطجة وافتراش الشارع بالكراسى ومنع المشاة، بالإضافة إلى الإزعاج والضوضاء، فلجأ السكان لتقديم الشكاوى ضد أصحابها حتى أغلقتها الحكومة، ونحن الآن نشعر بانعدام الأمان نتيجة الظلام فأعمدة النور أغلبها محطم منذ سنوات، والمسؤولون لم يهتموا بإضاءة الشوارع برغم قلة تكلفتها.

محمود توفيق - حارس عقار

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل