المحتوى الرئيسى

مسرح مصر | المصري اليوم

09/22 22:29

لماذا نجح مسرح مصر؟.. ببساطة- ودون تنظير أو استعراض معلومات أو فزلكة نقدية كما يفسر البعض- لأن نجما في خبرة وموهبة ووعى أشرف عبدالباقى استطاع أن يقرأ طبيعة المرحلة ويطور من اتجاهه الفني مستغلا حضوره الدرامي والإعلامي، وقرر المراهنة بقوة على الشباب في تجديد دماء المسرح الخاص الذي امتصه الابتذال وسيطر على عروضه منطق العُري والكوميديا الرخيصة وانتهاك ذوق المتلقي في السنوات الأخيرة.. فذهب إلى الجامعات وقصد مراكز وقصور الثقافة وجلس متفرجا بعيون الكشاف أمام الجيل الجديد في مركز الإبداع الفني لانتقاء المتميزين في فن الكوميديا من مستودع الكشاف الأكبر خالد جلال.. ثم كوّن فريقا وكثف معهم البروفات وصاغ الأفكار، واعتمد على ارتجالاتهم وإيفيهاتهم في صنع عشرات العروض السريعة للترفيه والتسلية، وتخفيف هموم رجل الشارع وأبنائه، مكتفيا بأجواء المرح والبهجة والضحك لإعادة الأسرة المصرية إلى مقاعد المسرح، بعد أن هجرها نحو الشاشة الصغيرة وعالم اليوتيوب.

كان هذا هو الاجتهاد المشروع لفنان امتلك أدوات الدعاية والتسويق لمنتجاته المسرحية وغلّفها بـ«سوليفان» الشباب الجديد ليصبحوا نجوم كوميديا المستقبل، ويحلمون كل يوم بـ «ملايين» السبكي وأضواء الشهرة.. ومنهم من يستحق، ومن يحتاج إلى مزيد من الثقافة والوعي والعمق ليحفر اسمه عن جدارة في تاريخ عمالقة «فن الكوميديا».. فعلا كان هذا هو الاجتهاد لخلق حالة مسرحية منعشة بعد فترة من الكساد والذبول الفني.. وصار التحدى الآن هو الانتقال إلى مرحلة النضج باعتبارها الخطوة الكبرى والشجاعة لكتابة تاريخ جديد من «مسرح مصر»، ويبدأ جديا في حماية تجربته من الاستهلاك والاندثار وتجردها من مفهوم المسرح الرفيع.. المسرح الذي نبتت بذوره في تربة يوسف وهبي الخصبة، وأثمرت عن مسرحيات وأعمال رسخت جمال اللغة العربية ورقيها في أركان «أبوالفنون».. المسرح الذي احتضن موهبة نجيب الريحاني وروعة ورق بديع خيرى لتخرج في صورة ساخرة معبرة عن المجتمع المصرى في أبلغ التعبيرات والتشخيص.. المسرح الذي وضع فرقة على الكسار في صفوف المنافسة وصنع من الفاجر إسماعيل ياسين أسطورة كوميدية تتجاوز حدود المونولوجست.. المسرح الذي بني لنا مدرسة «المدبوليزم» برائدها عبدالمنعم مدبولي ليسير على دربه تلميذه النجيب والأستاذ فؤاد المهندس وصولا إلى الزعيم عادل إمام لنعيش غزارة في الإنتاج وبراعة فائقة في تشكيل وعى وثقافة وسلوك الشعب من «بوابة المسرح».. وهو أيضا المسرح الذي اقتحمه كرم مطاوع وكمال ياسين وسعد أردش في الستينيات بقلم سعد الدين وهبة وأعمال توفيق الحكيم الجدلية وقصص يوسف إدريس النفيسة ومسرحيات نجيب محفوظ الفلسفية.. ثم ظهرت فرقة ستديو ٨٠ بقيادة مايسترو الفكر والمتعة محمد صبحي ليقدم أفضل وجباته المسرحية مع لينين الرملى ويستكمل المسيرة بعد الانفصال المؤلم بسلسلة «المسرح للجميع» التي افتقدناها كثيرا مع اجتياح الميديا وطوفان الدراما التليفزيونية وسوق السينما التجارية.. وكم من عشرات التجارب التي تتحدث بلسان «مسرح مصر» وتستوعب أسماء وأعلام أخرى كجلال الشرقاوى وسمير العصفوري وحسين كمال وعصام السيد والسيد راضي وهاني مطاوع انتهاء بجيل ذهبي من المسرحيين المستقلين في التسعينيات الذين أتقنوا المعادلة الصعبة بين المحتوى الثمين والصورة الحلوة!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل