المحتوى الرئيسى

لا تلوموا ماسبيرو فقط

09/22 21:22

مساء الثلاثاء الماضى ارتكب التليفزيون المصرى الرسمى خطأ مهنيا قاتلا، وأذاع حديثا قديما منذ عام للرئيس عبدالفتاح السيسى بدلا من إذاعة الحوار الحقيقى مع شبكة «بى بى إس» التليفزيونية الأمريكية المعروفة ومذيعها المشهور تشارلى روز.

صفاء حجازى رئيسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، تصرفت بصورة سريعة، وأقالت رئيس قطاع الأخبار مصطفى شحاتة وعينت بدلا منه نائبه خالد مهنا ليقوم بتسيير الأعمال.

عقب وقوع هذا الخطأ واكتشافه، شهدنا موجة عارمة من الشماتة والتريقة والسخرية المعهودة من قطاع كبير من المصريين فى مثل تلك الحالات. غالبيتنا للأسف أدمن هذا النوع السهل من التريقة والسخرية، معتقدا أنه أدى دوره من النضال فى انتظار وقوع كارثة أخرى ليكرر نفس السيناريو.

نعود إلى بداية الموضوع ونسأل: هل أخطأ التليفزيون؟ نعم والخطأ كبير وكارثى. ثم نسأل مرة ثانية هل هناك مشكلة فى ماسبيرو؟!.

بالطبع، والجميع تقريبا يعرفها وتتلخص فى وجود جهاز إدارى شديد الترهل يقدره البعض بأنه يتراوح بين ٣٦ و٤٥ ألف شخص يتقاضون نحو ربع مليار جنيه شهريا. أما الأخطر فهو أن تأثير هذا المبنى العملاق فى ماسبيرو قد تراجع بصورة حادة منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ حينما ارتكب خطأه الأكبر مثبتا الكاميرا على كوبرى قصر النيل الهادى، بعيدا عن ميدان التحرير الهادر!!!.

نسأل السؤال الأهم: هل المشكلة فى ماسبيرو فقط أم أنها مشكلة عامة فى كثير من القطاعات؟!.

الإجابة هى وجود مشكلة متفاقمة فى ماسبيرو، لكنها جزء من الأزمة الكبرى والأشمل فى معظم مؤسسات الحكومة والدولة.

داخل ماسبيرو مئات الكفاءات التى نجح كثير منهم فى فضائيات أخرى، حينما أتيحت لهم الفرصة والإمكانيات، أعرف المئات من النماذج الناجحة من المذيعين والمعدين والمسئولين، داخل المبنى وهم على أعلى مستوى مهنى وثقافى، لكن مشكلتهم هى المناخ والأجواء والإمكانيات والصلاحيات.

لو أردنا أن نتوقف قليلا عن التريقة والسخرية، فمن المهم أن نشير ونفضخ الذى تسبب فى وصول المشهد إلى حالته الراهنة المزرية.

نظام مبارك حول هذا المكان إلى تكية يتم فيها إرضاء كل الكبار والمتنفذين ليوظفوا فيه أولادهم وأصحابهم وصاحباتهم وبلدياتهم، ومن يتأمل نعى بعض المتوفين فى المبنى سوف يكتشف وجود أسر بكاملها وأجيال تبدأ من الجد وتنتهى بالحفيد مرورا بالأم والأب.

إقالة رئيس قطاع الأخبار تصرف طبيعى لإرضاء الرأى العام الغاضب، لكنه بالطبع لن يقضى على المشكلة الحقيقية سواء داخل التليفزيون أو فى أى مؤسسة حكومية متشابهة، خصوصا أن كثيرين يقولون إن مصطفى شحاته مهنى متميز وعلاقته طيبة مع الجميع، وأنه أدى دوره كاملا يوم وقوع المشكلة. لكن وحتى إذا كان ذلك صحيحا فهو يتحمل المسئولية العامة عن أخطاء الآخرين.

المأساة الحقيقية التى ينبغى أن تقلقنا جميعا هى الحالة التى تجعل أخطاء مجانية قاتلة تقع بصورة شبه متكررة. أعرف عشرات المؤسسات التى وظفت موظفين غير أكفاء «إرضاء لهذا البيه أو ذاك الباشا»، وبالتالى فإن خطأ وقوع كارثة أمر وارد كل لحظة.

بدلا من أن نلوم التليفزيون فقط ونسخر منه، تعالوا نناقش بجدية أزمة هذا القطاع، والأهم كل القطاعات والمؤسسات المتشابهة، وما أكثرها فى مصر. نسمع عن عملية إعادة هيكلة للمبنى يقودها وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى منذ شهور، لكننا لم نعد نسمع عما أنجزته شيئا.

لو أردنا إصلاحا حقيقيا، فعلينا أن نناقش الأسباب التى أوصلتنا إلى هذه الحالة فى ماسبيرو وغيره، وعلينا أن نسأل هل توقفت هذه الأسباب أم أنها لاتزال تعمل؟!.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل