المحتوى الرئيسى

السعيد: السيسي سألني "كيف نتصرف مع مبارك".. ورفض اقتراحي بمغادرته إلى السعودية

09/22 12:00

تواصل "الوطن" نشر مذكرات الدكتور رفعت السعيد، المفكر السياسي الكبير، بعنوان "ما تبقى من ذكريات"، حيث قال فيها: وبعد رحيل «مبارك» إلى شرم الشيخ بيوم أو بيومين تلقيت مكالمة لمقابلة مجموعة من أعضاء المجلس العسكرى.

فجأة تخيلت أننى سوف ألتقى على الهامش بالصديق الغامض الذى طاردنى فى نادى الجزيرة، لكننى لم أجد له أثراً وحتى الآن، وكلما ذهبت إلى النادى أتطلع هنا وهناك لعلى ألمحه لكنه كما يقولون «فص ملح وداب»، وفى هذا اللقاء الأول شاهدت للمرة الأولى خمسة من أعضاء المجلس لاستقبال حافل وودود والحاضرون كلهم لواءات: العصار ومحمود حجازى وعتمان وممدوح شاهين وعبدالفتاح السيسى، كل منهم قدم نفسه وأعطانى بطاقته بعد أن دون عليها رقم تليفونه ما عدا اللواء السيسى فقد قدم مبتسماً بطاقة ذات لون مميز «بيج غامق قريب من المذهب» وقرأت «لواء. أ. ح عبدالفتاح سعيد السيسى مدير المخابرات الحربية والاستطلاع». ولا عنوان ولا أرقام لتليفونات.وابتداء فإننى أستأذن القارئ فى أن ثمة معلومات أو ملاحظات لن أسمح لها بأن تتسرب من مخزون ذكرياتى فأنا أحس أن ثمة معلومات أو بالدقة معلومتين لا يجوز تسريبهما وأنا أعتدت أن أحافظ على ما يتم ائتمانى عليه. وأعود لأواصل.قلت فى البداية أنتم لا تعرفوننى، فقالوا طبعاً نعرفك.

وزاد اللواء العصار فقال منذ أن كنت فى الإعدادية كنت أقرأ كتاباتك فى الطليعة، ودهشت فكيف لفتى فى الإعدادية أن يتابع مجلة الطليعة، لكنه ثبت لى بعدها أنه قارئ متسع فى مجالات القراءة والمعرفة، المهم قلت لهم أود أن أقول لكم من البداية إننى سأتحدث بصراحة وإننى لن أجامل وإننى لا أريد شيئاً من حاكم ولم أنل من أى حاكم ولا حتى قليلاً مما أستحق ولم أكن لأقبل غير ذلك.

فقال أحدهم نعرف ذلك.وقلت إذاً اسمحوا لى بأن أوجه لكم لوماً فأنتم تقلدون «عبدالناصر» عندما وصل إلى السلطة مع الضباط الأحرار واسمحوا لى أن أقول No Creativety لا قدرة على الخلق، «عبدالناصر» عندما أتى تحالف مع الإخوان واتخذهم ظهيراً ثم اختلفوا لأن الإخوان فى كل خلافاتهم مع الآخرين ينفذون خطة ثابتة وضعها لهم حسن البنا وهى لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت، والطاغوت عندهم هو أنتم وأنا وكل من لم يبايع على السمع والطاعة فى المنشط والمكره، إزاى؟ قالها أحدهم وأجبت: «عبدالناصر» عندما تحالف مع الإخوان أتى بنائب رئيس مجلس الدولة، المستشار سليمان حافظ، وهو قريب من الإخوان وكلفه بإعداد قوانين ثورية.. وعندما تصادم مع الإخوان كان سليمان حافظ أول من عارض وهاجم وكتب بيانات ضد مجلس قيادة الثورة.

وأنتم فعلتم نفس الشىء أيضاً نائب رئيس مجلس الدولة المستشار طارق البشرى، وأيضاً يميل نحو الإخوان وأيضاً كلف بإعداد بيان دستورى وأيضاً ستختلفون مع الإخوان وسيكون أول من يهاجمكم المستشار البشرى ثم أتيتم معه بالأستاذ صبحى صالح، المحامى، وفى مصر 500 ألف محامٍ فهل هى مصادفة أن تختاروا من بينهم واحداً وهو بالمصادفة عضو مكتب إرشاد الجماعة؟. وقلت إن ذلك يوضح اتجاهاً غير محمود ويذكرنى بقول الشاعر:

إذا جئت فابعث طرف عينك نحونا.. لكى يعرفوا أن الهوى حيث تنظر

وتبدى قدر من التململ ومع ذلك استمرت الابتسامات الهادئة وعندما وجهت سؤالاً إلى اللواء محمود حجازى متخيلاً أن الحوار مفتوح للجميع أجابنى أنه اللواء الأقدم وأن العسكريين عندما يتناقشون مع مدنيين فإن الأقدم فى الرتبة لا يبدأ بالحديث حتى لا يلتزم الآخرون بما يقول ولهذا سنبدأ بالأحدث فى الأقدمية.. وهو اللواء عبدالفتاح السيسى.

وتحدث اللواء السيسى بكفاءة وهدوء وبكلمات مدببة ودقيقة التصويب ولست أريد أن أتحدث طويلاً حول ما قال حتى لا يتصور البعض أننى أمتدح من أصبح رئيساً، ثم سألنى: ما رأيك.. كيف نتصرف مع «مبارك» مع ملاحظة أننا نحترم وضعه كأحد قادة الجيش ودوره فى حرب أكتوبر؟ قلت أقترح أن يغادر من شرم إلى السعودية، فتخلى لأول مرة عن هدوء الكلمات المتأنية وقال مش راضى. وبيقول أنا لم أرتكب أى خطأ ولن أترك مصر، وهنا أستأذن فى أن أسأل نفسى وأسأل القارئ كيف تشبث «مبارك» بالبقاء فى عناد يوحى بأن الذمة المالية نظيفة تماماً وانعدام مسئوليته السياسية، أم كان العناد غطاء لما يعرفه «مبارك» ويتصور أنه لن يكتشف؟.

وقال «السيسى» إن قيادة الجيش موحدة تماماً وقد عقدنا اجتماعاً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير دون دعوة «مبارك»، ودون إبلاغه لكن «مبارك» علم بالاجتماع وتوجه إلى الوزارة وعلمنا أنه قادم فانفض الاجتماع قبل أن يحضر، هو حضر ولم يفتح الموضوع والمشير استقبله ولم يفتح الموضوع، وعندما انتهى «السيسى» من إيضاحاته واستعراضه لرؤية قيادة الجيش ورؤيتهم لمستقبل البلاد حتى قبل 25 يناير لم يكن هناك مجال لمزيد من قول، فالشرح كان وافياً والفجر كان قد اقترب. وفيما أغادر قال اللواء عتمان هل يمكن أن ترسل لى بعض كتبك عن الإخوان، ثم تلا ذلك مطالبة الجميع، ما عدا «السيسى» الذى لاحظت أن بطاقته ليس عليها أى عنوان أو تليفون، وذهبت الكتب للآخرين. وفى لقاء آخر سألت اللواء عتمان قريت فى الكتب؟ فأجاب بصراحة مريحة لم أجد وقتاً، وأضاف: «اسأل العصار هو اللى بيقرا»، وأنا أشهد أن اللواء العصار أثبت لى فى كثير من الأحيان سعة اطلاعه وتفهمه لدخائل الصراعات الفكرية فى المجتمع المصرى.

أهم أخبار توك شو

Comments

عاجل