المحتوى الرئيسى

دولة جديدة وفكر قديم

09/21 22:49

ما بين جدل صاخب وتذمر وغضب خافت أحياناً وواضح أحياناً أخرى تهجم وتجهم وسخرية تبدو حالة قطاع كبير من الناس فهم لا يرون أن «السيسى» يبنى دولة جديدة وينسف قاعدة الإصلاح.

فالأحوال فى مصر لا يجدى معها إصلاح ولكن لا بد من التغيير الجذرى ولكن المشكلة أن الناس والحكومة لا تدرك هذه الرؤية ولا الأهداف وبصرف النظر عن هذا الجدل المحتدم والمستقر فلو جردنا تفاصيل المعاناة اليومية وجربنا إمعان النظر إلى عمق الصورة ومحيطها الخارجى والعناوين الرئيسية ومعناها الأبعد لاكتشفنا أن الرئيس يمتلك رؤية وجرأة بناء دولة جديدة، فالمشروعات التى يهاجمها أو لا يفهمها أغلب الناس هى بناء بعيد المدى وهناك مشروعات كبرى يلازمها جدل أكبر وتهاجم بشراسة ومنها العاصمة الإدارية الجديدة التى يرى البعض أنها تأكل أموالاً لا طائل من ورائها ولا ندرك أن هذه العاصمة لها مغزى مادى ومعنوى؛ فالقاهرة التى تختنق كما وصفها الرائع جمال حمدان منذ السبعينات هرمت وعجزت ليس كرمز ولكن كفاءة إدارية ونقل الكتلة الفاعلة؛ وزارات وسفارات ومراكز مالية داخلية وخارجية، يعنى أعلى درجة من درجات الثورية فى الدولة لأنه ينسف نسقاً ونظاماً قديماً ويبنى كياناً جديداً ويتخلص من تصلب الشرايين الموجودة على كل المستويات فى الأداء والحركة والفساد.

التوتر الخانق الذى يسببه التكدس البشرى والتكدس العقلى يحتاج إلى عاصمة جديدة تمنح قلب الدولة حياة جديدة أخرى بالمعنى السياسى والإدارى والاجتماعى والاقتصادى.

سيناء والدلتا هما أمن قومى بالنسبة لمصر، فسيناء تاريخياً هى موطن الخطر المستمر وهى البوابة التى يتم اختراقنا من خلالها.

والحل فى سيناء ليس فى انتصارات معارك تدور على أرضها ولكن أن تصنع كتلة عمران بشرية وهى الخطوة التى تأخرت عقوداً طويلة وعندما ننظر لمشروع قناة السويس بأبعاد أخرى وببعد نظر لا نراه، نجد أن الجدل الدائر حول هل هى قناة جديدة أم تفريعة وما هى أهميتها ولكن واقعياً هى سوق تخلق مجتمعاً عمرانياً كبيراً وهذا أهم من العائد الاقتصادى الذى ننتظره من مرور السفن بها.. إذاً الرئيس يخوض هذه المعارك وهو يبحث عن دولة جديدة.

وتتسق الأهداف التى يتحرك بها فى سيناء مع رؤيته وأهدافه فى الدلتا.. مصر أصبح بها الآن 90 مليوناً يعيشون فى هذا الشريط الضيق حتى أصبحنا فى مأساة وفى خطر وهو الذى ترتب عليه وضع ديموغرافى أصبح هو الأزمة الأكبر فضاقت الموارد بالسكان وبالتالى أصبحت الخدمات مثل الصحة والتعليم والطرق فى حالة يرثى لها، فالمدن والقرى ضاقت بمن فيها، وبالتالى أصبحنا فى حاجة للبناء المعنوى فى منظومة قيم وسلوك أخلاقى تقاوم ثقافة التكدس وأخلاقيات الزحام وضيق الموارد التى أنجبت عنفاً وفساداً وانتهازية وتشكيلة أمراض كبيرة، ومن هنا نرى المشروع الذى يهدف إلى امتداد عمرانى لمحافظات الدلتا بناء دولة جديدة فهو يعيد توزيع السكان ويفتح مصادر اقتصادية، فالمحافظات التى تطل على النيل سيكون لديها ظهير صحراوى والمحافظات الداخلية يفتح لها امتداد على البحر والغرض من الأمر ألا تبقى فى هذا الشريط الضيق الخانق.

ولأن قوة أى دولة وأى طفرة اقتصادية لن تتحقق دون الوصول إلى مبدأ من يضمن خبزه يضمن قراره فكان تأمين القمح المشروع الذى يؤكد اتجاه وإرادة قوية، فمصر لا يكون خبزها فى يد غيرها، وبالتالى اتخذت الخطوات والإجراءات فى قصة صوامع القمح العملاقة التى قوبلت أيضاً بعاصفة فى الجدل والسخرية وكأنها ليست أولوية أولى وجزءاً من قضية فساد القمح الكبرى التى تفجرت أخيراً هى أحد أنواع المقاومة أو الحرب ضد تحقيق هذا الهدف سواء من شبكات المصالح الداخلية أو من غيرها.

ومن الأهداف التى يعمل عليها الرئيس تسليح الجيش المصرى الذى يؤكد التاريخ أن القوى المناوئة لمصر على اختلاف هوايتها ترى أن أقصر الطرق لهدم الدولة هو غياب الجيش وبالتالى هناك استهداف دائم لعدم وجود جيش وإذا وجد، فلا بد من إضعافه وكسره وهذا يتكرر من عصر محمد على، فوجود الجيش المصرى بقوته هو الضمانة الأساسية لبقاء الدولة وحمايتها وبناء دولة جديدة، ولكن للأسف تقابل عمليات التسليح أيضاً بالجدل والسخرية والتساؤلات وهو كلام غافل وجاهل أو متواطئ.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل