المحتوى الرئيسى

إسلام رضوان يكتب: أفراح بلدنا (1-2)

09/21 15:21

الرئيسيه » رأي » إسلام رضوان يكتب: أفراح بلدنا (1-2)

كنا أطفالًا صغارًا، حين تقرع أصوات الطبول والدفوف آذاننا ، فنهرع إلى مصدر الصوت، لنجد مجموعة من الشبان تلتف حول شاب يرتدي جلبابًا أبيض اللون، يداه مكسوتان بالحناء الحمراء، ويلتحف فوق كتفيه شالًا أبيض أو كشمير بحسب درجة الطقس حرارة أو برودة.. وسط كل هذا كان أحد الفتيان يضع صينية مملوءة بالحناء فوق رأسه محمولة على كرسي خشبي، ومزركشة بغلاف من البلاستيك الملون، لإضفاء لمحة جمالية عليها، بينما نحن نلتف من حوله في بهجة وسرور.

يظل ركب العريس يطوف أرجاء القرية متجولًا بين أزقتها وحاراتها، حتى يصل منزل العروس، وهناك يتعالى صوت مطرب القرية، حيث يشدو أغاني تراثية غاية في الروعة والجمال، بعيدة عن الإسفاف والكلام غير المفهوم، الذي أصبح يصم آذاننا هذه الأيام، حينها تدخل أم العروسة أو عمتها أو خالتها وسط دائرة يصنعها الشباب وتحرك قدميها ويديها فيما يشبه بالرقص البلدي للرجال، دليلًا على الحشمة، التي كانت تتمتع بها نساء بلدنا، لأنهن كن يعرفن حقًا مالهن وما عليهن، حتى في وقت الفرح، كن لا يبتعدن عن الوقار والعادات والتقاليد القروية القحة، التي تربين عليها.

ما هي إلا ساعة من ليل حتى ينفض حفل السمر أمام منزل العروس، ويغادر موكب العريس متجهًا إلى منزل أبيه، وهناك يبدأ النساء في توزيع الحناء على السيدات والأطفال، والأقارب والمعارف وسكان القرية، لينبلج الصباح، وقد أصبحت أيادي أهل القرية حمراء.

منذ الفجر، يقوم والد العريس باستقبال الجزار، الذي ينحر ذبيحة الفرح، ويعاجل الطباخ باللحم الطازج، ليصنع منه وليمة العرس، بينما يقوم كهربائي القرية بتعليق لمبات الزينة الملونة، ويضع كشافات النور في “الرهبة” – مكان واسع- أمام دوار العائلة، استعدادًا لليلة الدخلة، التي كان يحييها في الغالب أشهر مقرئ القرية، أو أحد القراء المشهورين من القرى المجاورة.

ما إن يؤذن لصلاة المغرب، حتى يتسابق شباب العائلة في تجهيز مائدة الوليمة، ويقف بعضهم أمام المساجد، لدعوة المصلين، لتناول وجبة العشاء في الفرح، في هذه الأثناء يكون العريس، قد التف حوله مجموعة من شبان العائلة، متجهين إلى منزل العروس، لحضور زفة العُرس، وتوصيل العروسة إلى منزل زوجها.

فور الانتهاء من الوليمة، يكون قد أُذن لصلاة العشاء، ما إن يؤدي قارئ الفرح صلاته، حتى تبدأ ليلة الدخلة بتلاوة القرآن، حيث يجتمع أهالي القرية والقرى المجاورة، تلبية لدعوة أهل العروسين، في مظهر قبلي وعائلي – قلما ما نشاهده في أيامنا هذه- وفي الغالب بعد أن يفرغ العريس من دخلته، ينزل ليرحب بالمعازيم، ويستقبل تهنئتهم بالعرس، ثم يعود أدراجه إلي عروسته، ليكمل معها ليلته في فرح وحبور.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل