المحتوى الرئيسى

مخلوف: المجتمع أقوي من النظام.. والكاريكاتير فن معارض ومتمرد (حوار)

09/21 14:59

داخل أروقة جريدة المصري اليوم، تحديدا في الغرفة المخصصة لرسامي الكاريكاتير، التي تزين رسوماتهم صفحات الجريدة اليومية، يجلس "مخلوف" على مكتبه وخلفه السابورة وصورة من كاريكاتير مكتوب عليه "الصحافة تحت الحصار"، وأمامه مكتب ملئ بالأوراق والأقلام الملون، ليمسك بالقلم ويبدأ في رسم أي شيء يخاطر بباله.

مخلوف، رسام كاريكاتير، درس التجارة وتخرج من الجامعة قبل 10 سنوات ليكون محاسباً، ترك دراسته كجزء من روح التمرد التي تبدو في رسوماته، يسخر فيها من الجميع وعلى رأسهم نفسه التي لا تُعجبه في بعض الأحيان.

يعتقد مخلوف "المتمرد" أن جيله هوّ من استعاد روح الكاريكاتير، بعد أن ظلت لسنوات تعاني الركود في الأفكار وافتقاد خفة الظل المعتادة للفنانين الكبار أمثال حجازي وصلاح جاهين، منفذا ذلك عبر تجربة صحيفة الدستور المستقلة منتصف التسعينيات.

تحدث مخلوف عن بدايته مع الرسم، فرغم أنه لم يكن من دراسيه، لكنه تعلمه على أيدي الفنانين، ضاربا بما درس عرض الحائط، منفذا ما فرضته إرادته البشرية، ليسجل بذلك أولى بوادر التمرد.

من رسام أطفال إلى كاريكاتير

"تركت دراسة التجارة، واتجهت للرسم والفن، فأنا لم أدرس الرسم بشكل أكاديمي، ولكن تعلمت على أيدى فنانين ومنهم الفنان التشكيلي صالح الجمل وهذا عوضني عن الدراسة الأكاديمية"... هكذا يحكي مخلوف بدايته مع الرسم.

تعلم مخلوف رسم الكاريكاتير على يد الفنانين عمرو سليم ووليد طاهر وهاني شمس، فهو يرى أن لكل شخص منهم مدرسة خاصة به في الرسم والكوميديا وتناول القضايا وكان هذا بمثابة ورشة عمل طويلة، واستفاد بعمله معهم في جريدة الدستور لمدة ثلاثة سنوات بداية من عام 2005 إلى عام 2008.

ومع هذا لم تكن بدايته مع الرسم من بوابة صاحبة الجلالة، ولكن كرسام لكتب الأطفال وذلك في عام 2003، وقبل العمل في جريدة الدستور عام 2005 ، عمل في صحيفة العربي الناصري.

وكانت لجريدة الدستور دور كبير في اكتشاف عدد كبير من رسامي الكاريكاتير من جيل الحالي، يحكي "مخلوف" روايات الثلاث سنوات بين جدران الدستور "التجربة وقتها كانت مختلفة لأن فكرة الرسوم بدأت تعود للصحافة من جديد من خلال جيل جديد وروح جديدة، وكان إبراهيم عيسي، رئيس التحرير وقتها، مؤمن بالجيل الجديد، وكانت هناك فجوة بين الأجيال من رسامين الكاريكاتير، وكان أخر جيل للكاريكاتير جيل الرسام هاني شمس".

علي مدار ثلاث سنوات كانت تجربة الدستور هي الأكثر انتشارا وتأثيرا، لأن توقيت صدروها لم تكن هناك صحف مستقلة كما الآن، فكانت هي متنفس رسامي الكاريكاتير بالإضافة إلى الجمعية المصرية للكاريكاتير والتي بدأ نشاطها يقل مع الوقت، فتجربة الدستور كان تضم معظم رسامين الجيل الحالي عبد الله وأنديل ودعاء العدل.

وخلال "الدستور" قام مخلوف بالتعاون مع "أنديل" رسام الكاريكاتير بعمل كوميكس الصحفي أو للكبار فقط على صفحات الجريدة، وبدأت الصحف الأخرى تستعين بها، وهذه التجربة أفادت الصحافة بشكل العام.. حسبما يرى مخلوف.

يري رسام الكاريكاتير الشاب أن فترة التسعينات شهدت ركودا سياسيا، لذلك اتخذ أغلب الكاريكاتير في الصحف الطابع الاجتماعي أو الكوميدي فلسفي أو سياسية خارجية وكان أشهرهم مصطفي حسين ورسام أخر اسمه سليمان وهو نموذج لكاريكاتير التسعينات، وتطور الكاريكاتير جاء مع ظهور الصحف المستقلة التي عملت على رفع سقف الحرية والتي مهددت للثورة والحراك السياسي الذي حدث.

يرتبط الواقع السياسي بشكل وثيق بما يدور في خيالات الرسامين، لذا فإن عامل "الحرية" هوّ أكثر ما يحرص عليه الفنان، يقول مخلوف إن في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، كان رسام الكاريكاتير يتمتع بالحرية وخاصة المرحلة التي سبقت ثورة يناير 2011 ، ومع ظهور الحركات السياسية والنشطاء السياسيين قمنا برسم مبارك وأبنائه، وبعد الثورة كانت الحرية أكثر، وتم رسم كل ما يخطر على البال فيما ما عدا ما يخص المحاذير.

تجربة عهد الإخوان شهدت حرية في الرسومات بحسب مخلوف، لكن الأخطر في ذلك ربط الحاكم بالإسلام، فالسخرية من الحاكم كانت بمثابة السخرية من الإسلام، وهذه هي المشكلة التي تواجهه رسام الكاريكاتير في حالة أن الشارع يرضى عن الحاكم كما الآن، ويصبح الشارع نفسه هو ضد الأصوات المعارضة، ومن ثمّ يواجه رسام الكاريكاتير مطرقة الشارع وليس سندان الحكومة.

مجلة "التوتوك" هيّ مجلة أسسها مجموعة من رسامين الكاريكاتير، وتعد الأولي من نوعها حيث تقدم الموضوعات للكبار فقط، عن طريق الكوميكس الساخر، ويري مؤسس المجلة أنه لا يوجد الآن صحافة ساخرة تماما، وكان الغرض من "التوتوك" هو إثراء الحركة الفنية، وتقديم قصص اجتماعية مصورة للكبار، ولكن مع الأحداث السياسية واندلاع الثورة والأحداث التي تلاتها لم تخرج المجلة بشكل اجتماعي صريح والآن يحاول مخلوف ومؤسسي المجلة استقبال رسامين جدد لتجديد الفكر وتقديم رؤية جديدة.

تابوهات المجتمع أقوى من النظام

يؤكد مؤسس مجلة "التوتوك" أن هناك قيود دائما على الكاريكاتير خاصة أنه فن معارض بطبيعته، ولكن القيود والتابوهات المجتمعية مثل العادات والتقاليد والعُرف والدين أخطر من قيود النظام السياسي والمؤسسات الصحفية، مثال على ذلك "لو انتقدت مسئول من خلال رسمة هسيبب لي مشاكل الآن في وقت اخر سيكون متاح لي في حين أن من الصعب تكسير تابوهات المجتمع فنحن نراعي مشاعر المتلقي أكثر من المسئول".

يري مخلوف ان أخطر شيء على الرسام أن يولد وفي داخله رقيب، لأنه من المفترض أن يرسم حتي لو لم تكن مناسبة فيحاول رسمها بشكل أخر، ولكن المهم أن يرسم.

الإفيهات اللحظية ضد مباديء الكاريكاتير

"الإفيهات اللحظية التي تنهي بإنتهاء الحدث ضد مباديء الكاريكاتير"، هكذا يعلق مخلوف على الأزمات التي يمر بها فن الكاريكاتير، وخاصة ان بعد الثورة ظهر نوع جديد من الكوميديا الخاص بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ضد طبيعية الكاريكاتير الذي يؤرخ للحدث.

يقول رسام الكاريكاتير "لو قررنا جمع الكاريكاتير في أخر عشر سنوات في مصر سنجمع الكاريكاتير الذي ناقش الخطوط العريضة في الأحداث وليس الكوميكس او الكاريكاتير اللحظي".

أما الأزمة الثانية من وجهة نظره ، فهي قلة الصحف المستقلة، والرسم بنفس روح الفيسبوك في الجرائد.

يحكي مخلوف عن القبض عليه من أحد المقاهي: "مش عارف كانوا قصدني ولا لأ، لكن كلنا كنّا عارفين إننا هانتشد بس هي مسألة وقت! بس في ناس اتفاجئت وزعلت لأنها مش في الحسبان كل تهمتهم إنهم شباب، كنت محظوظ في الرسم والتعبير عن الرأي من خلال قناة شرعية متمثلة في مساحتي بجريدة المصري اليوم، وكنت محظوظ إني خرجت بدون أذى وده بيوضح الصراع بين جيل الشباب والعواجيز".

وعن الرسومات التي سببت لمخلوف أزمات صدامية، يقول " لا يوجد، ولكن على السوشيال ميديا تعرضت للهجوم وقت الرسم ضد الداخلية، والرسومات ضد السلفيين سببت لنا الكثير من المشاكل، وفي أحدى المرات رسمت أوباما والسفارة تواصلت مع الجريدة لاننا – من وجهة نظرهم- رسمنا أوباما يشبه القرد".

السخرية كلفت رسامي شارلي ايبدو حياتهم

بعد حادثة شارلي ايبدو، تضامن مخلوف مع الجريدة وخاصة ان الرسامين الأربعة الذين راحلوا في الحادثة هما الرسامين المفضلين لرسام لانهم دعموا القضية الفلسطنية والثورة المصرية ومن أكبر المعارضين للرئيس الفرنسي أولاند.

يقول مخلوف ليس هناك مساحة أمنة للسخرية، فالسخرية كلفت الأربعة رسامين حياتهم، فالنكتة عندما تقل البعض يحبهونها والأخر يرفضوها، وهؤلاء الرسامين لم يكرسوا حياتهم من أجل السخرية من الإسلام ولكنهم دعموا الكثير من القضايا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل