المحتوى الرئيسى

"المنجي" شهيد لقمة العيش في إيطاليا

09/20 19:56

اتشحت قرية «ميت الكرما» مركز طلخا بمحافظة الدقهلية بالحزن والسواد، بعد وصول أنباء عن مصرع أحد أبنائها، عبدالسلام السيد المنجي أحمد الدنف 53 عاما دهسًا من شاحنة في إيطاليا أثناء وقفة احتجاجية لعمال إحدى شركات الشحن والتفريغ  في مدينة ﺑﻴﺎﺗﺸﻴﻨﺴﺎ بإيطاليا وهي شركة سيسم اللوجستية المؤسسة العالمية للنقل، بمدينة بياتشينسا بمحافظة بولونيا الإيطالية، ويعمل بالشركة من عام 2003. وجاءت ثورة الغضب تزداد مع وصول معلومات من زملاء القتيل وأولاد عمومته والموجودين بإيطاليا ويزيد عددهم على 10 آلاف من أبناء القرية يعملون بها، حيث جسد الحادث مأساة الجالية المصرية في التعامل مع الأزمة من السفارة المصرية وكذا الشرطة الإيطالية منذ وقوع حادث دهس «عبدالسلام» عمدا أمام أعين الشرطة وزملائه، يوم الأربعاء الماضي 14 سبتمبر 2016 ويؤكد أبناء القرية أن الحادث ليس عارضا وإنما عمل عنصري بغيض يستدعى تصعيده إلى أعلى مستوى.

وما بين انتظار جثمانه والبحث عن حقوقه وتعويض أسرته، نظم عدد من شباب ميت الكرما قبل أيام وقفة احتجاجية أمام منزل عبدالسلام للمطالبة بسرعة التحقيق في ملابسات مقتله وإعلان الحقائق خاصة فى ضوء الإفراج عن سائق الشاحنة بعد أن أثبتت التحاليل الطبية أنه لم يكن مخمورا أثناء قيادته لها، مطالبين بتحركات أقوى على الصعيد السياسي والدبلوماسي للحصول على حق عبدالسلام الذي قتل يوم ميلاده مثلما فعلت إيطاليا مع ريجينى.  ورفع الأهالي لافتات مكتوبا عليها « عبدالسلام يساوى ريجينى يساوى إنسان»، و«القصاص القصاص.. المصريين مش رخاص»، و«ياللى عايزين حق ريجينى.. الدم المصري بينادينى».

والصدمة تزداد في دول تتحدث عن حقوق الإنسان ، ورعاياها ،علي النقيض تفرط  في حق إنسان قتل بدم بارد ، وبأوامر من صاحب الشركة لسائق الشاحنة، كما أكدها «محمد السيد شلبي» جار القتيل الذي قال للسائق «اللي يقف قدامك دوسوه»، ودهسه وهرب أمام أعين الشرطة ثم أفرج عن السائق، والحال في السفارة علي لسان زوجة القتيل « جيهان رجب جمعة»  ونجله «احمد» حين تم إبلاغهم بالأمر انه موضوع بسيط، حادثة عادية، وان عندهم مشاكل كثيرة، خلصوا إجراءاتكم وتعالوا. وعلق نجل القتيل وزوجته علي ان الحادث ليس حادثا عاديا فقد دهس والقاتل موجود ومن حرضه هو صاحب الشركة، كما انه قتل داخل الشركة والشرطة أفرجت عنه، والسفارة المصرية عارفة القصة بالكامل، ولم تتحرك إلا بعد اعتصام أبناء ميت الكرما بمشاركة أبناء الجالية المصرية أمام شركة «GLS» عدة أيام وتحرك للسوشيال ميديا، مما دفعهم أخيرا للإفراج عن الجثمان ليعود إلي بلده مصر غدا الأربعاء ، مطالبين السفارة بالتحرك لاتخاذ الإجراءات القانونية ومتابعة التحقيقات لمحاكمة القاتل، مرددين احنا مش عاوزين فلوس احنا عاوزين حقنا في روح مصري أزهقت بدم بارد ولم نر تحركا ايجابيا منذ الحادث.   

وفى منزل عبد السلام خيم الحزن والألم على أفراد الأسرة ولم تتوقف والدته فتحية حامد محمد «76 سنة» وأخواته البنات عن البكاء، وأغلقت الأم منزلها رافضة الكلام مرددة عاوزة ابني، وتحدثت بصوت مخنوق: أنا مقهورة وحزينة على وفاة ابني الكبير، ولم أذق طعم النوم منذ تلقيت الخبر في اليوم المشئوم مساء الأربعاء في الثانية عشرة والنصف بالليل، وأنا كنت نائمة وداخل علي حزن ولم أتعشي ، وقلبي مقبوض رن التليفون الأرضي فقلت من يتصل في هذا الوقت، ووجدت شخصا مش عارفة مين قالي لي ابنك عبد السلام في خطر، وبعد شوية قال لي في اتصال ثاني ابنك البقاء لله، فصرخت وظللت اصرخ أمام الباب ووجدت الجيران حولي وظللت اصرخ وأرتعش من حرقة قلبي وحزني، واتصلت بزوجته وقلت لها الخبر، فقالت أنا مسافرة أشوف زوجي وأخذت ابنها أحمد معها وهي هناك حتى اليوم.

وأضافت ابني عبدالسلام كان عمود البيت فهو الابن الأكبر وأنا وأبوه السيد المنجي رحمه الله منذ 22 عاما كان يعمل «بواب» في المنصورة وكان دخلنا بسيطا وهو منذ صغره وهو يساعد والده وكانت معاملته مع أخواته وجيرانه وأولاده وزوجته «عسل» فهو محترم ومؤدب وشايف مصلحته ومش بتاع مشاكل، وساعدني في تربية أخواته «هناء 55 سنة ربة منزل ومتزوجة، ومحمد- 45 سنة- مسافر للعمل في الأردن، وهدي- 43 سنة- ربة منزل  متزوجة، واحمد 40 سنة موظف بمركز ومدينة طلخا، والسيد 35 سنة  متزوج  وسافر إلي ايطاليا»، وهو من ساعد الكل في زواجهم ومعيشتهم وحتي سفرهم للعمل بالخارج وكان يصرف علي ويساعدني لشراء دوائي واحتياجاتي فكان ابنا بارا بوالديه وأخواته وصرخت قائلة ابني سافر لإيطاليا علشان لقمة العيش يقتلوه ليه حرام حسبي الله ونعم الوكيل.. عاوزة حقه ويرجع كفاية عليه يرحموه من الثلاجة، يرجع علشان يبرد ناري وندفنه احنا عايشين في نار، قلبي محروق يا ناس «راح من كان يساعدني».

ويكمل شقيق عبد السلام «احمد» موظف بمجلس مدينة طلخا قائلا: أخي طول عمره شقيان علينا فلم يبخل علي أي حد منا بشيء منزلنا المتواضع ومنذ توفي والدي وهو دور واحد وشقة حجرتين وصالة صغيرة وهو من قام ببناء الدور الثاني، وساعد أمي في الحصول علي معاش عن والدي بمبلغ 300 جنيه، وعندما تزوج عام 1990  من زوجته الحالية جيهان رجب جمعة واصف  45 سنة ربة منزل من أبناء قريتنا، وأنجب منها 3 أبناء هم: «أحمد 23 سنة، وإلهام 23 سنة توءم، ومحمد 18 سنة ثانوية عامة»  والمكان ضاق عليه خرج ليسكن في المنصورة منذ عام 2008، وكان حنين وعطوف، ويساعدنا باستمرار سواء بالفلوس أو بالعمل فهو طول عمره مكافح.

أما عن رحلة كفاح شقيقي عبد السلام والذي قتل غدرا ، فهو مواليد 1963  فقد حصل علي دبلوم فني وعمل إداريا في مدرسة طلخا الزراعية ، وكان يعمل بعد الظهر في محل قماش، ثم في كازينو يقدم طلبات علشان يساعد في البيت، سافر للعراق في أوائل الثمانينيات وعمل به لمدة سبع سنوات، قام من عائدها ببناء الدور الثاني وتزوج أيضا، علاوة علي مساعدة أخواتي البنات في جهازهن،  وفي عام 2002 سافر إلي ليبيا عازما علي رحلة الهروب للعمل بإيطاليا عن طريق البحر «هجرة غير شرعية» مثل الكثير من أهالي القرية، وربنا وفقه بعد 6 شهور عمل في الشركة التي قتل فيها غدرا وكان يعمل سائقا علي لودر الشحن والتفريغ المعروف باسم  «المنوتو» لتعبئة الشاحنات الكبرى، وحصل علي الإقامة، وقبل سفره ساعدني في العمل بالكازينو الذي كان يعمل به لزيادة دخلي، ثم قام بعد ذلك بمساعدة شقيقي السيد في السفر لايطاليا في عام 2003 ، واستطعت السفر في شهر مايو عام 2003 إلي ايطاليا واستقبلني وساعدني في العمل بتمليح جلود الأبقار، ثم سعي للالتحاق بالعمل بالشركة وعملت بها عاما واحدا وظللت اعمل لمدة  7 سنوات بدون إقامة، وعدت لأتزوج ولم استطع العودة مرة أخري لعدم حصولي علي الإقامة بسبب عدم اكتمال الأوراق، وكان عند نزوله يأتي الي منزلي ويساعدني ماديا وآخر مرة منذ عام احضر لابنتي فستانا وحذاء وأعطاها 100 جنيه، وقبل مقتله بيوم اتصل بي كأنه يودعني ليقول لي كل سنة وأنت طيب بمناسبة عيد الأضحي وقالي عامل إيه ولو احتجت حاجة كلمني، وكان حاجز تذكرة لزوجته والتي سافرت له مرتين . وها هو قد مات قتيلا وما نريده هو ان تأتي جثته لتدفن في مدافن العائلة ليطمئن قلوبنا، اما من قتله فحسبي الله ونعم الوكيل نريد القصاص بالقانون وهذا حقنا في دم شهيد لقمة العيش فهو في الجنة إن شاء الله.

وتوجه وداد السيد شقيقة «عبدالسلام» رسالة إلي الرئيس السيسي والخارجية المصرية قائلة: هو ليه المصري رخيص في عيون تلك الدول الأوروبية احنا مش عاوزين حاجة غير حقه مش عاوزين مال ولكن عاوزين الثأر له ممن دهسوه ليرتاح في تربته، وحقنا في الرجوع ليدفن في ارض بلده، وعوضنا علي الله في شقيق كان روحنا فيه حبيب للكل غلبان مش بتاع مشاكل، بيحب بلده بيدافع عنها، سافر ليأكل لقمة عيش ويبني مستقبل أفضل  ليفقد حياته وييتم أولاده وترمل زوجته فهل هذا يرضيكم، عاوزين يكون لنا كرامة في الخارج أفضل من كده وده حقنا علي دولتنا مصر.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل