المحتوى الرئيسى

"الهويات القاتلة" لأمين معلوف.. في عيون الأمازيغ والكرد

09/20 15:41

يعتبر البعض أن هوية الشخص تحددها بعض البيانات المكتوبة في بطاقته الشخصية، وتحدد أيضاً انتماءه إلى بلد معين. لكن الصراعات التي شهدتها بعض الدول العربية على أساس الاختلاف الإثني (الديني والعرقي) لبعض مواطنيها، جعلت لموضوع الانتماء التي تحدده البطاقة الشخصية أبعاداً أكبر وأعمق من مجرد بيانات.

ولعل دراسة الظروف التي أحاطت بـ”المجموعات الإثنية” قد تساعد في فهم الأسباب التي دفعتها إلى صراع من أجل هويتها وقد يفسر كيف يجب على الحكومات الحالية أن تتعامل معها.

 رؤية الفرنسي- اللبناني أمين معلوف للهوية  

نشر كتاب “الهويات القاتلة” لكاتبه أمين معلوف سنة 2004، فسّر فيه الأسباب والدوافع حول صراع الهويات. وبعد مرور 12 عاما ما زلنا نرى تبعات الصراعات التي تحدث عنها معلوف (ونركز هنا على الصراعات ذات الطابع الإثني) مترسخة في سجالات الشباب وجدلهم.

يشرح الأديب اللبناني في كتابه أن الهوية ليست أمراً فطرياً، بل إنها شيء مورث، وقد يكون للشخص أكثر من انتماء واحد. فهو  وجد نفسه منتمياً إلى موطنه لبنان، وإلى فرنسا وهي البلد التي عمل فيها وإلى الدين المسيحي وإلى المسلمين لأنه يتكلم اللغة العربية. يقول معلوف أن تنوع الانتماء هو “ما يصنع قيمة الفرد ويجعل من كل فرد كائناً فريداً غير قابل للاستبدال”.

ويقول معلوف أن الهوية “لا تُعطى مرة وإلى الأبد.. فهي تتشكل وتتحول على طول الوجود”. ولكنه يشير إلى خطورة أن “تختزل الهوية إلى انتماء واحد” لأنها تصبح عندئذ “هوية قاتلة” تضع “الرجال في موقف متعصب ومتسلط ومتحيز”.

إن الاستناد إلى هذه التفاسير قد يساعدنا على فهم أبرز الصراعات الإثنية في العالم العربي التي أصابت أمازيغ الجزائر وكرد العراق والتغيير الذي دفعهم إلى وضعية “الدفاع عن هوياتهم”.

يتجدد الحديث عن وضع الأمازيغ في الجزائر بين فترة وأخرى في إطار الوضع القانوني للهجتهم تارة وانتماءاتهم الوطنية تارة أخرى.

يقول أدريس أولهيان، أحد متابعي صفحة الفيسبوك لموقع (إرفع صوتك) “نحن أمازيغ (مكاننا هنا في شمال أفريقيا) والعرب (مكانهم) في الخليج العربي”. بينما يعلق أكسيل أوهانو وهو متابع آخر بلهجة شديدة أن “الأمازيغية ليست مجرد لهجة”. ويعلق ثالث باسم عبد الأحد الرشوي “أن الأمازيغية هي لهجة وليست لغة وأن دستور الأمة هو القرآن”.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية تؤكد عدد الأمازيغ في الجزائر، إلا أن البرلمان الجزائري صادق خلال شهر شباط/ فبراير ليعتبر الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، وتبع ذلك الجدال حول كتابة الحرف الأمازيغي: العربي أو اللاتيني. وسبب الجدال بين الأمازيغيين أنفسهم يعود إلى الهوية التي يريدون أن ينتموا إليها.

يشرح المؤرخ الأمازيغي محمد الزرقي فرّاد في حديث لموقع (إرفع صوتك) قائلاً إن “أنصار الأمازيغية شقان: طرف يحاول تطويرها ضمن تاريخها السياسي في وعاء الحضارة العربية الإسلامية وفريق آخر يسعى لأن يكتبها بالأحرف اللاتينية وربط مصيرها بأوروبا”.

ولكن يبدو أنه من الصعب تنميط قضية الهوية الإثنية للأمازيغ مع الصراعات الإثنية الأخرى في الدول العربية بسبب اختلاف الظروف التي دفعت إلى جدل الهوية أو اللهجة أو الحرف الأمازيغي. ويشرح المؤرخ فّراد أن تنميط القضية الأمازيغية كالقضية الكردية هو “خطأ فادح” لأن الهوية الوطنية للأمازيغيين هي هوية جزائرية ذابت في الإسلام، مما ألغى الاختلاف بين الأمازيغي والعربي، بخلاف المشرق العربي حيث التطرف باسم القومية العربية التي أسسها ميشيل عفلق، حسب فرّاد.

لكن التغير الذي طرأ على “الهوية الأمازيغية” بدأ مع استقلال الجزائر في 1962. يوضح فرّاد أن الأزمة بدأت مع ” الاستبداد السياسي، أي بعد الاستقلال من الانتداب الفرنسي، والذي أقصى المكوّن الأمازيغي للشخصية الجزائرية المكونة أصلاً حسب التسلسل التاريخي من ثلاثة مكونات وهي المكون الأمازيغي والمكون الإسلامي ثم المكون العربي”.

يصعب تقدير عدد الكرد في العراق بسبب غياب الاحصاءات الرسمية، لكنهم راضين عن نسبة 17 بالمئة من عموم الشعب العراقي وهي ذاتها المخصصة لهم في موازنة البلاد منذ العام 2007. وحسب ناشطين فإن مشكلة الكرد تعود إلى الأحداث السياسية التي أحاطت بهم منذ تأسيس الدول الحديثة في منطقة الشرق الأوسط عقب الحرب العالمية الأولى.

 ويقول محمد الأفندي وهو صحافي وناشط كردي إن “تعامل الحكومات المتعاقبة مع الكرد بعد عام 2003 أدى إلى تغير هويتهم بسبب تهميش الحكومات لهم بنفَس مذهبي مقيت، مما ولّد عندهم هواجس بأنهم ليسوا مواطنين أصليين في العراق، لذلك سعوا إلى إنشاء فدرالية أو إقليم خاص بهم وما نراه اليوم هو النتيجة”.

إذن كيف يجب على الحكومات أن تتعامل مع هذه الجماعات الإثنية؟

هنا يتحدث أمين معلوف عن “صراعات الشرق الأوسط”. لكن هناك اختلافا واضحا بين صراعات دول المشرق وصراعات المغرب العربي. وتعامل الحكومات انعكس في رؤية المجموعات الإثنية لمستقبلها. ومن هذا المنطلق يرى فرّاد أن “الأمازيغ يشاركون في السلطة منذ 50 سنة وهويتهم جزائرية ومستقبلهم فيها”.

أما بالنسبة لكرد العراق، فالوضع مختلف، حيث يوضح محمد الأفندي أن “البطاقة الشخصية بالنسبة لأي مواطن في العالم هي حبر على ورق ولكن ما يعنيه الوطن فعلاً هو أن  يمنح المواطنين على اختلاف إثنياتهم ومذاهبهم حقوقاً متساوية كالتعليم والمشاركة في السلطة”، فيتم بذلك تجنب أي صراعات مبنية على اضطهاد الأقلية الإثنية، لأنها تؤدي إلى تطرف وإرهاب.

الصورة: فتاة كردية في العراق بزيها الشعبي/ Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

بقلم علي عبد الأمير: كشف إعلان منظمة الثقافة والعلوم الدولية “يونسكو” منطقة الأهوار جنوبي العراق...المزيد

حلقة يوم الثلاثاء، 20 أيلول/سبتمبر: صراعات عرقية ومذهبية ودينية، الانتماء الوطني أو المذهبي… ماذا يختار...المزيد

متابعة إلسي مِلكونيان: يواصل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (أف بي آي) تحقيقاته حول الاعتداءات التي...المزيد

متابعة علي قيس: طالب محققو الأمم المتحدة في جرائم الحرب الإثنين، 19 أيلول/سبتمبر، الدول الأوروبية...المزيد

متابعة حسن عبّاس: قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الإثنين، 19 أيلول/سبتمبر، إن أعداد اللاجئين القياسية...المزيد

بقلم علي قيس: لمعت في المشهد العراقي في العام 2007 نجمة بدت أشبه بالأمل. فقد...المزيد

بقلم محمد الدليمي: “أخطر شيء الآن هو أنّ الجيل الحالي يفضل أن يموت غرقاً”، هكذا يصف الكاتب...تابع القراءة

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل