المحتوى الرئيسى

«البديل» يُرعب اللاجئين

09/20 12:30

يعيش اللاجئون العرب والمسلمين في ألمانيا أسوأ فتراتهم، خاصة بعد حالة الرعب التي سيطرت عليهم بعد صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» وهو الحزب الشعبوي المتطرف على حساب حزب أنجيلا ميركل، الذي لم يحصل سوى على 17.6 بالمائة من الأصوات في انتخابات ولاية برلين، ليسجل بذلك أسوأ نتيجة في تاريخه ما بعد الحرب العالمية الثانية في هذه المدينة.

النتائج الإيجابية التي يحققها "البديل من أجل ألمانيا" تأتي في ظل التوترات والنقاشات الدائرة حول أزمة اللاجئين في البلاد. ومع هذا الصعود للحزب الشعبوي المتطرف والنكسة التي مني بها حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي تبدو ميركل وحزبها في مأزق أكثر من أي وقت مضى. فكيف ينظر اللاجئون إلى نتائج البديل من أجل ألمانيا في برلين؟ وكيف يتوقعون أن تؤثر على أوضاعهم؟

يؤكد الاختراق الذي حققه "البديل من أجل ألمانيا" في مدينة كبرى مثل برلين، المعروفة بانفتاحها على العالم، أن هذا الحزب الذي تأسس قبل ثلاث سنوات لم يعد محصورا في المناطق الفقيرة من ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقا، حيث معاقله التقليدية، ما يضعه في موقع متقدم للدخول إلى مجلس النواب في الانتخابات التشريعية بعد سنة. وبحصوله على 14.2% من الأصوات، نجح هذا الحزب في كسر أحد المحرمات الموروثة منذ الحرب الأخيرة، وهو تمكين تنظيم من اليمين الشعبوي قريب من أطروحات اليمين المتطرف، من احتلال موقع ثابت في الحياة السياسية في هذا البلد، حسب تقرير نشره موقع الإذاعة الألمانية «DW».

إياد الشرفا، سوري يعيش في برلين منذ 25 سنة يشتغل في مجال هندسة الكومبيوتر، وينشط في مساعدة اللاجئين السوريين في برلين ضمن مبادرة تحمل اسم "بوابة برلين العربية". يعتبر المهاجر السوري أن البديل من أجل ألمانيا يريد العودة بألمانيا إلى العصور الوسطى المظلمة، إذ يحاول نشر الكراهية لكل ما هو غير ألماني وغربي. ويضيف في حوار أجرته معه DW عربية: "دعايته الإنتخابية كانت مخيفة خصوصا للاجئين فالحزب يروج أنه ضد المسلمين والإسلام وكل رموزه ونعلم أن أغلب اللاجئين الذين جاؤوا إلى ألمانيا مسلمون". ويعبر الشرفا عن مخاوفه من أن الحزب يكبر بسرعة، ويقول في هذا السياق "الحزب صغير لكنه يتمدد بسرعة كبيرة، فعمره ثلاث سنوات فقط، لكنه الحزب الألماني الوحيد حاليا الذي يحقق تقدما في كل الولايات بينما تتراجع الأحزاب الأخرى".

وعن ردود أفعال اللاجئين الذين يتعامل معهم الشرفا بخصوص التقدم الذي حققه الحزب في برلين، يقول: "إذا حصل الحزب هذه المرة على نسبة 14 في المائة فقد يحصل على الضعف مستقبلا وهذا سيضغط على اللاجئين هنا، فقد يسعى الحزب إلى ممارسة المزيد من القيود عليهم، وفرض القوانين التي تصعب اندماجهم. وفي حال تزامن ذلك مع تصاعد العنف اللفظي والجسدي الذي يتعرضون له أحيانا فلا أبالغ إن قلت أن فئة منهم ستفكر في الهجرة إلى بلد أوروبي آخر أو العودة إلى سوريا في حال تحسنت الأوضاع هناك".

فاطمة، اللاجئة السورية التي تعيش في برلين منذ حوالي سنتين، تجد نفسها مضطرة لمتابعة ما يجري في الساحة السياسية الألمانية بسبب إدراكها لمدى تأثير المتغيرات السياسية على وضعها كلاجئة خاصة أنها لم تحصل حتى الآن على إقامة. تقول فاطمة إنها تتابع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ما يجري، ومن خلال ذلك استنتجت أن اللاجئين سيصبحون في وضع أسوأ بعد تراجع حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وصعود "البديل من أجل ألمانيا".

تقول في حوار مع DW عربية: "من الواضح أن نسبة من الألمان لم تعجبهم طريقة التعامل مع أزمة اللاجئين وهذا ما عبرت عنه النتائج الأخيرة. ونحن الآن نخاف مما هو أسوأ بعد سلسلة التدابير والقوانين الجديدة التي اتُخذت من تضييق لم الشمل وتقليص مدة الإقامة إلى سنة والحديث عن ترحيل لاجئين في المستقبل. أتمنى أن تبقى ميركل إلى أن تستقر أوضاعنا على الأقل".

كل هذا يجعل فاطمة لا تشعر بالأمان في بلدها الجديد. تقول: "في الأخير نحن أكبر الخاسرين. هربنا من الحرب والموت للحصول على الأمان والاستقرار لكننا نعيش هنا أيضا عدم استقرار، لا نعلم ماذا يحمل لنا المستقبل. كل شيء غامض". لكن ربيع خزام يبدو رغم كل شيء أقل تشاؤما رغم أن وضعه ليس أفضل من وضع فاطمة فهو أيضا لم يحصل على إقامة بعد. يقول ربيع إنه كان يتمنى فوز حزب ميركل "فهو الحزب الذي أشعرني إلى حد ما بقيمتي كإنسان وانفتح علي وقبلني كشخص هارب من الخطر والموت".

"الألمان لن يسمحوا بالعودة إلى النازية"

ربيع يحاول الاندماج في المجتمع الألماني من خلال مشاركته في مبادرات وجمعيات تساعد اللاجئين وتحاول تغيير الأفكار النمطية حولهم لدى الألمان. ويقول ربيع إنه لا يخشى كثيرا من صعود البديل من أجل ألمانيا، "أولا لأني على كل حال لم يعد هناك ما أخسره أكثر مما خسرت. فأنا ميت أصلا. وإن قرروا إعادتي إلى سوريا للموت وبموافقة المجتمع الدولي فسأذهب لأنني متصالح مع الموت. أصلا هربنا لأن ديكتاتورا كان يقلتنا تحت أنظار العالم دون أن يتحرك أحد"، ورغم ذلك يرى ربيع أن الألمان لن يسمحوا بحدوث ذلك. "في النهاية القسم الأكبر منهم لن يسمح بأن تعود ألمانيا إلى ماضيها النازي".

وعقب النجاح الذي حققه في انتخابات البرلمان المحلي بولاية برلين، يتطلع "البديل من أجل ألمانيا" لأن يصبح ثالث أكبر قوة حزبية في البرلمان الألماني (بوندستاغ) خلال الانتخابات التشريعية المقررة العام المقبل. وكتبت نائبة رئيسة الحزب على المستوى الاتحادي ورئيسة الحزب في ولاية برلين بياتريكس فون شتورش على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يوم الاثنين: "بهذا اليوم يشتعل بالكامل التنافس بين حزب البديل من أجل ألمانيا والحزب المسيحي الديمقراطي حول قيادة المعسكر الشعبي".

نرشح لك

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل