المحتوى الرئيسى

سمير صبري: «التوك شو» استعراض عضلات.. والمذيعون تحوّلوا لـ«زعماء سياسيين» (1-2) | المصري اليوم

09/20 10:31

مذيع وممثل ومنتج ومغنى استعراضى.. صفات قلما تجتمع فى شخص واحد دون أن تطغى إحداها على الأخرى، ولكنها حينما تجتمع فى فنان بحجم سمير صبرى فإنه يصبغ كلا منها بصبغة خاصة، تُكسبها بريقاً يظل راسخاً فى عقل ووجدان محبيه.. سمير صبرى المذيع، الذى قدم عددا من البرامج الناجحة على رأسها «النادى الدولى» و«هذا المساء»، والممثل الذى بلغ رصيده الفنى 138 فيلما، والمنتج الذى حارب أفلام المقاولات بـ«السلخانة» و«دموع صاحبة الجلالة» وغيرهما، والمغنى الاستعراضى الذى ضُرب به المثل الشهير «الفرح اللى مفيهوش سمير صبرى ميبقاش فرح».. تحدث فى الجزء الأول من حواره لـ«المصرى اليوم» عن رأيه فى المشهد الإعلامى الحالى وأزماته وكيفية النهوض به، كما رد على اتهامه بسرقة تراث التليفزيون المصرى، وروى أهم ذكرياته فى البرامج التى قدمها.. فإلى نص الحوار:

■ سمير صبرى مذيع وممثل ومنتج ومغنى استعراضى أيضا.. من أيهم تحب أن نبدأ؟

- الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. أليس كلهم سمير صبرى؟ فلتبدأ بما شئت.

■ فلنبدأ بالمرحلة الأولى.. قدمت عدة برامج ناجحة مثل «النادى الدولى» و«هذا المساء»، وكنت تتميز بأنك تستمع جيدا.. هل ترى أن ثقافة المذيع المستمع جيدا لضيوفه اختفت من برامجنا؟

- أفتقد هذه الأيام التعاليم التى تعلمناها من أساتذتنا فى الإذاعة، لأننى قبل التليفزيون كنت أعمل لسنوات فى إذاعة الشرق الأوسط والبرنامج الأوروبى، كما أن علاقتى بالإذاعة بدأت منذ كنت فى سن العاشرة، وكنت محظوظا لأن الله أراد أن آخذ كورسا عمليا على يد كبار الأساتذة الذين مروا على حياتى فى الإذاعة، فأنا تلميذ لملكة الإعلام آمال فهمى وسامية صادق وفهمى عمر وطاهر أبوزيد وجلال معوض ومأمون أبوشوشة، كل هؤلاء تعلمت منهم، وشاءت الظروف أيضا أننى كنت أسكن فى نفس العمارة التى يسكن بها عبدالحليم حافظ فكنت أقابل عنده جلال معوض الذى كان يأخذنى معه لأحضر حفلات أضواء المدينة، وكان يعدنى كى أكون مذيعا جيدا، كل هذا وأنا كنت فى العاشرة من العمر، وكنت أجلس بجواره لأراه كيف يتعامل مع حفلة فيها نجاة وشادية وفايزة أحمد وغيرهن، كما تعلمت منه كيف أقف على المسرح ولا أخشى مواجهة الجمهور، وهذا أفادنى فى حياتى العملية بعد ذلك، أما آمال فهمى فتعلمت منها كيف أطرح سؤالى وآخذ من إجابة ضيفى سؤالى الجديد، وتعلمت من طاهر أبوزيد كيف أصنع نجما من رجل عادى كما كان يفعل هو فى «جرب حظك».

■ وهل اختلفت ثقافة المذيعين هذه الأيام عن ذى قبل؟

- لا أعتقد أن المذيعين هذه الأيام أخذوا الخبرة التى أخذناها نحن من أى أحد، فنحن عملنا فى الإذاعة قبل التليفزيون، أما هذه الأيام فأغلب مقدمى البرامج صحفيون، ويعملون فى الإعلام المرئى، فلم يتعلموا تلك التعاليم التى تعلمناها فى أن هناك فرقا بين أن تكون صحفيا وبالتالى من حقك أن تقاطع ضيفك وتكتب، وبين أن تكون أمام كاميرا أو ميكروفون الإذاعة، فهذه لها مقاييس أخرى، تعتمد على فن الاستماع لضيفك، وكيف تأخذ من إجاباته مادة لأسئلتك الجديدة، وكيف تعد نفسك للضيف الذى ستستقبله حتى لو كان رجلا من الشارع.

■ وما رأيك فى برامج التوك شو المنتشرة حاليا؟

- أرى أنها عبارة عن استعراض عضلات.. فكل مذيع يقدم برنامجا يتكلم بعصبية شديدة «زيادة عن اللزوم»، كما أننى أستاء من أن يدلى بعض مقدمى البرامج بآرائهم الشخصية التى تطغى على آراء الضيوف، فالمذيعون الآن أصبحوا زعماء سياسيين وليس لديهم الحياد وحرية الرأى الآخر، فكل مذيع يحاول أن يظهر على أنه «أبوالعريف»، وأدعوهم إلى أن يمتلكوا مزيدا من التواضع لأنه يجب إعطاء فرصة للمشاهد لكى يُكوّن رأيا فيما يدور أمامه من الحديث، فلم أكن أنا أو ليلى رستم أو سناء منصور أو سلوى حجازى أو أمانى ناشد أو طارق حبيب نفعل هذه الأمور، وعندما كنا نتكلم فى أحاديثنا كنا نراعى أننا قدوة للمشاهدين، فكنا نتكلم بهدوء ولا نصرخ كما يحدث الآن.

■ ما أهم المشاكل التى يواجهها الإعلام الحالى فى العموم من وجهة نظرك؟

- أولا وجود أشخاص ليسوا متخصصين فى المجال، فكل من هب ودب أصبح يسمى نفسه إعلاميا وإعلامية، وكذلك عدم وجود فرصة للدارسين فى كليات الإعلام لأخذ كورسات من الإعلاميين أصحاب الخبرة، كما تفعل الجامعات البريطانية التى تستضيف أصحاب الخبرات مثلى أنا ونجوى إبراهيم وسناء منصور وإيناس جوهر، لنجتمع بالطلبة ونقول لهم أفكارنا وخبرتنا بحيث يستوعب التلميذ أشياء لم يستوعبها من المدرس الأكاديمى، الذى لم يمارس المهنة من قبل.

■ وما رأيك فيما يسمى برامج المقالب؟

- نحن بدعنا تلك البرامج فى الإذاعة، وبالأخص فى إذاعة الشرق الأوسط وصوت العرب، حيث كان يكتبها كبار الصحفيين مثل مفيد فوزى ونبيل عصمت، وكانت برامج مهذبة مثلما كان العصر مهذبا، أما الآن فأصبحت عبارة عن ردح وسب، ومهما كانت الأجور خيالية فأنا أرى أنها تهزىء للفنانين، وأريد أن أقول إن معظم تلك البرامج تتم بالاتفاق، والفنانون يكونون على علم بالمقلب، ويمثلون الرعب والخوف مقابل المبالغ الضخمة التى يأخذونها، وأنا لا أوافق على هذا.

■ لماذا اختفت برامج المنوعات من شاشاتنا وأصبح يسيطر عليها اللبنانيون؟

- لأنهم أذكياء ويستطيعون أن يأتوا بالمادة التى تصرف على برامج المنوعات، لأن المنوعات تعتمد على الإبهار، وطالبت قبل ذلك التليفزيون المصرى بأن يذكر فى تتر البرامج أسماء محال الموبيليا ولبس المذيع أو المذيعة والضيوف والمجوهرات والكوافير مثلما كان يحدث فى أفلام الأبيض والأسود القديمة، وهذا ما يفعله اللبنانيون الآن، كما أنه لا يوجد رعاة الآن يساندون برامج المنوعات ولا يوجد التمويل ومن يشجع المذيع أو المذيعة ليقدما برنامج منوعات.

■ هل تقتصر برامج المنوعات على استضافة الفنانين والحديث عن حياتهم الشخصية؟

- عندما ترى برامجى سترى أننى كنت أكلم عبدالحليم حافظ عن العبور العظيم لحرب أكتوبر، وكنت آخذ الكاميرا والنجم أو النجمة ونذهب إلى خط بارليف، فالتليفزيون كان «إعلاما» أما الآن فأصبح «إعلانا»، فعندما كان إعلاما كنا نقدم فيه هدفا ورسالة نوصلها إلى المتلقى سواء فى المسلسلات العظيمة الرائعة، التى كان ينتجها التليفزيون المصرى مثل التى قدمها ممدوح الليثى ومحمد فاضل وكبار المخرجين فى ذلك الوقت، أو غيرها، فلابد من إشراف الدولة على الفن، سواء من خلال صوت القاهرة أو قطاع الإنتاج أو مدينة الإنتاج الإعلامى، وأن يكون عندهم المال الذى يجعلهم ينتجون الروائع لكبار الكتاب، وعلى نجومنا أن يعملوا مع شركات الإنتاج الخاصة بالدولة، ولكن ليس بالأجور الخيالية التى نسمع عنها.

■ هل من الممكن أن يتنازل الفنان عن هذه المبالغ الهائلة مقابل أن يعمل للتليفزيون المصرى؟

- يمكنه أن يفعل ذلك إذا كان عنده ضمير وحس فنى، وإذا كان يحب بلده ويريد أن يعيد إعلام بلده مثلما كان عليه منذ تأسس فى الستينيات والسبعينيات، وأن ترجع الريادة للفن المصرى الذى حبب الشعوب العربية فى اللهجة المصرية.

■ ما سر ازدهارنا فى الإذاعة والتليفزيون بفترة الستينيات وأوائل السبعينيات وتراجعنا بعد ذلك؟

- السر يكمن فى أن الذين كانوا موجودين حينها كانوا أساتذة ومحبين للمهنة وعلموا الكثيرين مثلى كيف نتواصل مع الجمهور، وأعطونا الفرصة كى نتعلم منهم، أما الموجودون الآن فلا يعطوننا الفرصة كى نعلم الأجيال الجديدة ليستفيدوا من خبرتنا.

■ هل انتشار الفضائيات الخاصة بكثرة هو السبب؟

-لا أعتقد ذلك لأن المنافسة شىء إيجابى، والتليفزيون المصرى يمتلك المقومات، ولو أعطونى الفرصة أنا ونجوى إبراهيم وسناء منصور فإننا نستطيع أن نقدم عملا جيدا جدا، ومع ذلك أرى أن القنوات الخاصة يجب أن تكون محكومة فى أمور كثيرة، وأن تعرف أين الخطوط الحمراء فى الأمن القومى والسياسة والدين، ففى زماننا كنا، نحن المذيعين، رقباء على أنفسنا حتى لا نحدث بلبلة عند الناس، لكن أنا الآن أشاهد برامج التوك شو وأرى مقدمين يهيجون الجماهير على أمور سابقة لأوانها، فى حين أننا يجب أن نكون يدا واحدة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى كى نعبر بمصر ونعود بها مرة أخرى إلى ما كانت عليه، والحمد لله خلال السنتين الماضيتين عدنا دولة، ففى السنوات السابقة لم يكن هناك دولة، ومع ذلك فإن مقدمى البرامج لا يذكرون المشاريع الضخمة التى تم إنجازها، بل على العكس دائما يذكرون السلبيات مثل ارتفاع الأسعار وغيره، وأرى أنهم بذلك لا يحبون البلد.

■ وجهة نظرهم أن الإعلام وظيفته أن يضع يده على السلبيات كى تتم معالجتها؟

- هذا صحيح، ولكن ليس معنى هذا أن كل ما يتم عرضه هو سلبيات فقط، فهذا حرام.

■ كيف يستعيد التليفزيون المصرى ريادته، وما أهم أسباب تراجعه فى رأيك؟

- كانت لى تجربة مع التليفزيون منذ سنتين عندما ذهبت إليهم وعرضت عليهم أن أعمل معهم، وأعطيتهم 20 فيلما من إنتاجى بدون مقابل لاستغلالها لمدة خمس سنوات، وهى موجودة الآن فى التليفزيون، وعرضت على الأستاذ عصام الأمير والأستاذ مجدى لاشين وهما من تلاميذى وأولادى أن نعمل معا، ولكنى لم أجد الجدية والاهتمام بالعرض، وأنا أقولها الآن من خلالك إننى مستعد أن أعمل بالتليفزيون المصرى مجانا اعترافا منى بفضله، وأدعو كل زملائى الذين عملوا بالتليفزيون المصرى وله فضل كبير عليهم أن يضعوا أيديهم فى يدى وأن نعمل معا بالأجر الذى يحدده التليفزيون حتى لو مجانا ليعود الأول فى المنطقة كما كان عند إنشائه سنة 1960، وأتمنى أن يكون هناك وزير إعلام له خبرة الدكتور عبدالقادر حاتم ودبلوماسية منصور حسن وبشاشة يوسف السباعى ومعرفة صفوت الشريف بكل إبرة موجودة فى مبنى التليفزيون، أما عن سبب تراجعه فهو غياب البرامج التى تجذب الجمهور، وكذلك غياب المواضيع التى تجعلك تشاهد قناة من قنوات التليفزيون.

■ ما رأيك فى القناة الجديدة «ماسبيرو زمان»؟

- قناة جميلة جدا لأنها تعرف الناس بالكنوز والروائع التى كانت موجودة فى كافة المجالات، وأنا متفائل بأن صفاء حجازى، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، من الممكن أن تعيد التليفزيون إلى سابق عهده، لأن سنوات التسيب السابقة أفسدت أشياء كثيرة وجعلت الكثيرين فى مراكز لا يستحقونها، فكل جيلى عندما يذهب إلى التليفزيون يفتقد الجدية وحب المكان نفسه، ومع ذلك أرى أن قناة ماسبيرو زمان محاولة جادة لتعريف الشباب بعظماء جيل الستينيات والسبعينيات، ويجب على القائمين عليها أن يستعينوا بالأحياء من هذا الجيل، لكى نقوم بعمل «فلفل وشطة» بالقناة.

■ كيف يمكن عمل الفلفل والشطة بها؟

- تخيل مثلا لو استضافوا نجوى إبراهيم على القناة لتقدم تاريخها كله، وكذلك أنا لأقدم برامجى القديمة وكل الأحاديث التى أجريتها مع عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم وغيرهم، وأتكلم عنها وعن تاريخها وذكرياتها، بالطبع سيستمتع الجمهور بهذا، فياليتهم يستغلوننا قبل فوات الأوان.

■ بمناسبة الحديث عن التراث.. ما ردك على اتهامك بسرقة تراث التليفزيون وعرضه ببرنامجك بقناة Ten؟

- لم يحدث هذا، أين التراث الذى أخذته، فجميع المقاطع التى عرضتها ببرنامجى أتينا بها من الإنترنت، فلماذا هذه الضجة الكبيرة على لا شىء، فهذه المقاطع متوفرة لأى شخص يبحث عنها على النت، والتليفزيون يمتلك الأصول، فأنا لم أسرق تراثا، وليس من الممكن أن أفعل شيئا يضر بالتليفزيون المصرى، لأننى أحبه بغض النظر عن قياداته التى تتغير بين الحين والآخر، ولابد أن يأتى يوم يستفيدون فيه بخبرة سمير صبرى.

■ كنتَ تعمل فى الإذاعة عام 1967.. صف لنا كواليس العمل داخلها وقت النكسة؟

- فى ذلك الوقت كنت أعمل فى البرنامج الأوروبى، وكنت أترجم الأخبار التى تأتى من وكالة رويترز، فاكتشفت أن الجيش الإسرائيلى وصل القناة، وأن الطيران المصرى دُمر، وكان من الصعب علىّ تصديق هذا، نظرا لما كان يتم ترويجه من أننا أقوى جيش فى المنطقة، وأن عندنا صاروخا اسمه الظافر من الممكن أن يدخل بيت جولدا مائير ليقتلها ويعود مرة أخرى، فذهبت بحسن نية إلى الإعلامى أحمد سعيد وقلت له إن الطيران المصرى دُمر وأطلعته على ورق رويترز، فمزق الورق وقال لى «انت تقول اللى نقولك عليه بس»، وبعد 15 عاما تقريبا أجريت حوارا مع أحمد سعيد وعندما ذكرته بهذه الواقعة قال لى «كانت تأتى إلينا الأوامر بما نقوله وما لا يجب أن نقوله»، وعندما جاءت حرب 1973 حرص د. عبدالقادر حاتم، وزير الإعلام العظيم وقتها، وهو أستاذ فى التكنيك الإعلامى، على أن ينتهج ما سماه هو التمويه الإعلامى لخداع إسرائيل بأننا لن نحارب، مثل الإعلان فى يوم 5 أكتوبر أن كبار قادة الجيش ذاهبون لعمل عمرة رمضان، وغيره الكثير مما قام به حاتم لخداع إسرائيل إعلاميا، كما أنه أرسل إلينا بأن نقول الصدق مهما كان، وفعلا كنا نقول الصدق فى حرب 73 حتى فى موضوع الثغرة، فكل هذا كان يقال بوضوح وبصراحة شديدة.

■ كيف تصف الفرق بين إعلام 1967 وإعلام 1973 فى جملة؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل