المحتوى الرئيسى

البحث العلمي..من أجل التعليم والأقتصاد والمجتمع!

09/19 15:34

من البديهى الربط بين تراجُع الاقتصاد والعُملات الأجنبية وبين تراجُع البحث العلمي، فالبحث العلمي هو مهد الإبتكارات والنماذج الاولية للتكنولوجيا التي هي سِلعٌ تُباع أو تُصنع بكميات تجارية للاستخدام المحلي وللتصدير ما ينتج عنه فائضاً في الميزانِ التجاري الذي بدوره يؤدي الي توفرالعُملات الأجنبية وخفض سعرها مقابل العملة المحلية، ولأن جُل اقتصاديات الغرب والصين واليابان وكوريا الجنوبية الي جانب ماليزيا هي من التكنولوجيا.

 لذلك فالترتيب المتدني للجامعات المصرية بين الجامعات العالمية ليس من باب المفاجأة وكل أكاديمي وباحث جاد ووطني يعرف ذلك، فالأنتاج العلمي الذي يتميز بالاصالة والابتكار والذي يمكن تحويله الي تكنولوجيا أو الذي يضيف إلي الإقتصاد ونهضة المجتمع في جميع التخصصات قليلٌ جداً بالمقارنة بعددِ المشتغليين بالبحث العلمي في مصر وبالنسبة لدولة كبيرة وراسخة في التاريخ مثلها، إن تقدم البحث العلمي يحتاج الي تعليم متميزفي كل مراحلة يهتم بتربية المتعلميين علي العمل الجاد والمتواصل وبتنمية الفكر والابداع والطموح والامانة العلمية والصدق في تقييم الذات وتقييم الأخر، من المؤكد أنَّ لتقدم الجامعات والبحث العلمي داخلها مردوداً إيجابياً علي جودة التعليم من خلال التغذية الاسترجاعية، فأساتذة الجامعات وعلماؤها هم المنوط بهم إعداد وتهيئة معلمي التعليم قبل الجامعي، أساتذة الجامعات هم أيضاً المنوط بهم إعداد المتخصصين ومنهم المهندسيين والأطباء والصيادلة والأ قتصاديين والكيميائيين والفيزيائيين والقانونيين، من ذلك كله يمكن ارجاع سوء حال التعليم والأقتصاد بل وأي مجتمع إلي حالِ الجامعاتِ.

من المهم القول أن هناك من هم متفرغون وجادون من هيئة التدريس لكنهم لايجدون الأجواءَ المُهيَأة ولا الطلابَ وإن وُجدَ الطلاب فهم يذهبون بيعداً لأن كثيراً من هؤلاء الطلابِ هدفهم الدرجة العلمية إسماً لا البحث العلمي الفعلي والجاد، وفي المقابل هناك من هم مستعدون إشرافاً وتحكيماً لتمرير مثل هذه الدرجات، ويمكن القول أنَّه مع إنشاء الجامعة المصرية اليابانية - وهي جامعة لا تُضيف شيئا متفرداً ولاتستقطب أفضل الأساتذه بالجامعات المصرية- يذهب كثيرٌ من طلاب الدرسات العليا  – ماجستير ودكتوراة- من معاوني هيئة التدريس إليها في منح تمولها الدولة مما يَتسبب في تَفرِيغ الجامعاتِ من شباب الباحثيين، فهم يفضلونها على جامعاتهم لحصولهم علي تفرغٍ كاملٍ بالاضافة الي راتبٍ جيد والإقامةِ بالقرب من الساحلِ الشمالي بينما جامعاتهم في حاجة لهم في بعثات داخلية وإشراف مشترك ولهذا التمويل.

البحث العلمي مهمة تحتاج الي تَهيئةِ الأجواء وعائدٍ مادي ومعنوي من جهةٍ وإلي جهدٍ وصبرٍ وأمانةٍ من جهةٍ آخرى، يتقدم البحث العلمي بأهدافٍ وخطط ٍومعاييرٍ قياسيةٍ يضعها أساتذةُُ وعلماءُُ أفنوا جُل عمرهم في التعليم والبحث العلمي والتفرغ لهما وسبق لهم العمل مع خبراتٍ عالمية، ولن يتقدم بأولئك الذين يقضون وقتهم ما بين العلاقات العامة وإنتدابات ومشاريع لاعلاقة لها بالتعليم والبحث العلمي، أو أولئك الذين يمررون درجاتٍ علمية إشرافاً أوتحكيماً مع علمهم أنَّها لن تُضف شيئاً غير الزيادة في عدد حملة الألقاب، أو هؤلاء الذين يحاربون كل متميزٍ وجادٍ يبحثُ بفطرتهِ ونشأتهِ عن الجودة والإتقان والعالمية ويضعون أمامه المعوقات بهدف تعطيله وإبعادة.    

لذا لدفع البحث العلمي والوصول به إلي المستويات العالمية يُرى ألا يَنشغل او يُشغل أعضاء هيئة التدريس بالإدارة، وأن تقتصر الإدارة كما نص القانون علي رؤساء الجامعات والنواب والعمداء والوكلاء ورؤساء الاقسام ولفترةٍ واحدةٍ وان يكون البحث العلمي معياراً أساسياً في اختيارهم، أن تُلغ جميع الانتدابات البعيدة عن التعليم والبحث العلمي، أن يكونَ الندبُ لمهمة غير التدريس أو البحث العلمي مسبباً وبترشيح من مجالس الأقسام العلمية وبمكافأة محددة وثابته لا تتعدي 100% من آخر راتب بالإضافة إلي الراتب، أنْ يتم تأهيل الجهاز الإداري والفني المعاون بحيث يكون قادراً علي إنجازِ كُل شيئٍ بعيدًا عن النشاط الاكاديمى من تدريس وبحث علمي ليتفرغ أعضاء هيئة التدريس لذلك، أن يكون هناك تبادل بحثي وعلمي بين الجامعات بالداخل ويمكن أن يكون ذلك بأن يضاف الي لجان الاشراف مشرفاً خارجياً من جامعة مصرية آخري أو أن يُقرر لنسبة من المعيديين والمدرسيين المساعدين بجامعة بالتسجيل بجامعات آخري بنظام مشابه للجامعة المصرية اليابانية أو من خلال مهمة علمية داخلية لشباب أعضاء هيئة التدريس، استحداث وظيفة عضو هيئة التدريس الباحث - من بين أعضاء هيئة التدريس-  والذي يتفرغ للبحث العلمي والمشاريع البحثية والاشراف علي الرسائل دون التدريس، وان يكون من اختصاصه تقديم الاستشارات الفنية والعلمية للشركاء الصناعيين، التوقف عن تعيين الحاصليين علي الدكتوراه من غير هيئة التدريس المعاونه للتدريس بالجامعات.

 وبالنسبة للجان المناقشة والحكم علي الرسائل العلمية - وهذا هام -  أن يتم اختيارهم عشوائياً وبطريقة آلية من خلال برنامج حاسب يوضع مع قاعدة بيانات للمحكميين مصنفة بالتخصصات علي صفحة المجلس الأعلي للجامعات وتُطبع أسماءعضوي أللجنة الثلاثية من هذه الصفحة ومعها تاريخ طباعتها أو رقم او "باركود" خاص وتقدم لمجالس الأقسام عند تشكيل اللجان وذلك لدواعي الشفافية ومحاربة المجاملات المتبادلة. ويمكن أن يتم اختيار محكمي الترقي لوظيفتي إستاذ مساعد وإستاذ آلياً بنفس الطريقة.

·        أستاذ ورائد الهندسة الطبية الحيوية بجامعة أسيوط.

·        حاصل علي جائزة الدولة التشجيعية عام 2002.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل