المحتوى الرئيسى

عذاب لا ينتهي| زواج القاصرات يذبح بنات قنا.. ومأذون يعترف بإتمامه عرفيا

09/19 07:47

الخوف على الميراث والطمع في المال يذيقا المرارة لطفلتين

إمام بالأوقاف يرفض استغلال الدين في زواج القاصرات

وطبيب يحذر من خطورته على الطفلة 

لو أنك خلقت في جسد فتاة ترعرت من طينة نجوع الصعيد لحملت همّ عبارة «هنسترك إمتى».. كلمات حزينة أطلقتا إحدى فتيات محافظة قنا، معبرة عفي حديثها مع "التحرير" عن مأساة تجرعتها وتسقط في مثيلاتها أخريات يوميا تحت ما يعرف باسم "زواج القاصرات" و"الخوف من العنوسة".

ورغم تجريم زواج الفتيات القاصرات التي لم يبلغن السن القانونية 18 عاما في مواد قانون الطفل، وتهديد من يتمم ذلك بالحبس قضاءً لعقوبة التزوير، أكدت دراسة أجرتها الأمم المتحدة أن محافظات الصعيد تتصدر نسبة 23% من تلك الحالات مقارنة بالمحافظات الأخرى.

"كان بيقولي يا عيّلة كل دقيقة" جملة استدعتها "حنان، أ" من ذاكرتها لتستدل بها على كرهها لتجربة زواجها قبل أن تكمل السن القانونية. 

وتروي الفتاة التي تبلغ من العمر  حاليا 20 عاما، لـ"التحرير" تجربة خوضها "زواج القاصرات"، أنها عانت من معايرة زوجها بأنها طفلة، كما أنها كانت تشعر بوحشية في العلاقة الحميمية معه.

ابنة محافظة قنا، ذكرت تفاصيل تجربتها المعتثرة، قائلة: "تزوجت ابن خالي فى سن الرابعة عشرة، وخرجت من المدرسة جرّاء ذلك"، مشيرة إلى أن زوجها السابق كان يبلغ 37 عاما حين ارتبطا بعد أن طلق زوجته الأولى.

وندبت حظها بأن طليقها كان يعمل في الخليج وتقدم إليها بعد عودته وإغراء أسرتها بالأموال، لافتة إلى أنها شعرت منه خلال فترة ارتباطهما أنه ما كان يريدها إلا لإشباع رغباته الجنسية ولتربي أبناءه.

 واستطردت بأن والدها طلب من زوجها عقب طلبها الزواج منها بالتوقيع على وصلي أمانة على بياض مع ورقتي زواج عرفي، وقام جدّها بتوثيقها فى الشهر العقاري لضمان إثبات النسب، وتم الاتفاق على عقد قرانهما رسميا عندما تبلغ السن القانونية، وعندها يسترد زوجها وصولات الأمانة مرةً أخرى، لكنها انفصلت فيما بعد. 

وفي واقعة تعتبر من أقبح وقائع زواج القاصرات في محافظة قنا، باع أب كريمته إلى شخص رغم أنها لم تكمل عامها الثاني عشر، مقابل أموال يفك بها ضائقته المالية وديونه لأحد البنوك.

تقول "ف .أ" لـ"التحرير" إنها تزوجت من أحد الأشخاص عقب مرور والدها بـ"ضائقة مالية" تعثر خلالها في سداد ديونه لبنك الائتمان الزراعي.

وتابعت حديثها بأن والدها طلب منها قبول زواجها من أحد العائدين من الخليج، مقابل دفع 40 ألف جنيه مهر زواج، مشيرة إلى أنه أقنعها بأن تلك الأموال سيسدد بها ديونه للبنك الزراعي وإلا سيتم إلقاء القبض عليه والحجز على الأراضي الزراعية التى يمتلكها.

وذكرت الفتاة القاصر أنها طُلّقت بعد عامين من الزواج بسبب معاملة الزوج وعدم التوافق معا في حياتهما الأسرية، فضلا عن معايرته لها بأنه من أنقذ والدها بسداد ديونه، وزادت قولها: "مكناش متفقين فكريا ولا ثقافيا أو اجتماعيا، وواجهتني المشاكل وأنا لسة طفلة".    

وعن كيفية إتمام زواج القاصرات رغم منعه قانونا، يخبرنا محمود رضوان، مدرس بمركز مدينة أبوتشت شمالي قنا، أن الزواج في في العديد من القرى والنجوع بالمحافظة يبدأ للفتيات اللاتي يتممن 11 عاما، شريطة أن يكن بالغات. 

ويضيف رضوان أن أفراد أسرة الفتاة يكونون في انتظار بلوغها بـ"فارغ الصبر" حتى يتمّوا زواجها، وهناك العديد من الحالات تتزوج فيها الفتاة عقب بلوغها بأشهر قليلة جدا. 

وأوضح المدرس القناوي أن المأذون يكتب عقد زواج عرفي ويشهر الزواج في ديوان عائلة الفتاة وعائلة العريس، ثم يتم كتابة قائمة الزواج التى في معظم الأحيان لا تقل عن 200 ألف جنيه، معللا ارتفاع الرقم بقوله: "لأن دي بنت لسة صغيرة، وبنضمن به حقها". 

وتابع أن الزوج يوقع "شيك على بياض" باسم والد العروسة، وإذا استمر الزواج والحياة الأسرية، فيتم إلغاء الشيك عندما تكمل الفتاة السن القانونية، ويكتب عقد رسمي لدى المأذون نفسه الذي قام بكتابة العقد العرفي. 

ونوه أحمد ياسر، مزارع بمركز نجع حمادي، أن حالات زواج الفتيات القصر الذين لم يبلغن السن القانونية للزواج، منتشرة في جميع القرى والنجوع بمدن ومراكز محافظة قنا، وذلك من أجل ما وصفها بـ"ستر البنت"، فضلًا عن كون الزواج في كثير منها بسبب عدم خروج "الميراث" لأي شخص من خارج العائلة.

واستكمل ياسر حديثه لـ"التحرير" قائلا إن "ستر الفتاة" تكون عقب بلوغها ولابد من زواجها، وجميع العائلات والأسر تقوم بزواج الفتاة القاصر ويتم التحايل على القانون من خلال كتابة العقد العرفي، مختتما قوله: "الزواج إشهار والعيلة بتشهر الزواج في ديوان العيلة وكل مأذون في كل قرية يفعل هذا". 

ورأى الدكتور عمرو فاروق، طبيب النساء والتوليد، أن زواج القاصرات أو الفتيات اللاتي لم يمر سوى بضعة أشهر على بلوغهن يسبب لهن العديد من الأمراض أهمها تشوهات في العضوي الجنسي الأنثوي، إلى جانب التسبب في تشوهات الجنين في حالات الحمل المباشر عقب ذلك، وأرجع ذلك لعدم اكتمال الحالة الجنسية بشكل كامل لدى الفتاة القاصر. 

واستنكر محمد حسين إمام مسجد بمديرية أوقاف قنا، من يروجون للزواج من فتيات قصّر تحت مسميات دينية، قائلا الادعاء بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة وهي في التاسعة من عمرها افتراء على النبي‏.

وبيّن أن الزواج له شروطه وأركانه التي تحددها الدولة وهو سن 18 سنة, ومن حق الحاكم أن يعدل هذه السن إذا ارتأى مصلحة في ذلك، متابعا: "كيف للقاصر  أن تربي جيلا وتقوم بأعباء أسرة وأمثالها يلعبن في الشارع فكل الأسانيد التي يستند إليها المطالبون بزواج القاصرات ليس لها أساس من الصحة، وتعليم الفتاة من شأنه رفع سن الزواج, حتى يتكون لديها الإدراك والوعي بالمسئولية التي ستلقى على عاتقها". 

وأكد الإمام بالأوقاف أن الشرع يجرم زواج القاصرات حتى وإن كنّ بالغات, فهناك من تبلغ في سنوات مبكرة ما بين 9 و21 عاما لكنها بالقطع مازالت لا تستطيع تحمل مسئوليات الزواج.

وزاد على ذلك بقوله: "يحرص الدين الإسلامي على أن يكون الزواج شرعيا، وإذا أقر الدستور رفع سن الزواج فيصبح ذلك من مصلحة الفتاة وليس ضدها".

وتحدثت "التحرير" مع "ح . ق" مأذون بمحافظة قنا، رفض نشر اسمه، الذي علق على ذلك بقوله إن زواج القاصرات عادات وتقاليد متعارف عليها في جميع أنحاء محافظات الصعيد وليست محافظة قنا فقط. 

وأكد المأذون أنه يقوم بإتمام حالات زواج القاصرات، موضحا أن ذلك يتم عقب بلوغ الفتاة مباشرةً، ويتم كتابة العقود عرفيا، وذلك بسبب عدم وجود سند قانوني لإتمام الزواج بشكل رسمي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل