لهذه الأسباب.. أمريكا تخفي بنود "الهدنة السورية"

مرت ثمانية أيام على بدء سريان الهدنة السورية والتي وقعت قبيل عيد الأضحى بيومين بين وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري ونظيره الروسي سيرجيه لافروف، ولا تزال بنود الاتفاق مجهولة.

الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ الإعلان عن الهدنة، رفضت طلب حلفائها الاطلاع على تفاصيل الاتفاق بينها وبين روسيا بخصوص سوريا، مبررة هذا التكتم بوجود بنود حساسة، لا يجب الكشف عنها، الأمر الذي رفضته موسكو مستغلة القرار الأمريكي بحجب بنود الاتفاق، بالتهديد لنشره منفردة.

حيث اقترح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، نشر تفاصيل الاتفاقات الروسية – الأمريكية حول سوريا لإزالة أي ازدواجية بشأن فهم حالة الأمور المتعلقة بتنفيذها، وهو ما أعلنه ثانية الوزير الروسي والذي اقترح مرة أخرى نشر الاتفاقات الروسية - الأمريكية حول التسوية السورية.

المراقبون أوضحوا في تصريحاتهم لـ"مصر العربية" أن إخفاء بنود الاتفاق الأمريكي الروسي في الهدنة الأخيرة، تقاسم للحصص بين أمريكا وروسيا، مؤكدين أن كلتا الدولتين تطمحان في شرق أوسط جديد عبر خطط سرية ستنكشف في الأشهر القادمة.

ورفضت الولايات المتحدة الأمريكية، طلب حلفائها الاطلاع على تفاصيل الاتفاق بينها وبين روسيا بخصوص الوضع السوري مبررة هذا التكتم بوجود بنود حساسة.

ونقلت وسائل إعلام قول المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر بشأن مطالبة فرنسا واشنطن بإطلاع حلفائها على تفاصيل الاتفاق، لصحيفة (الشرق الأوسط)، هناك بعض التفاصيل التنفيذية التي لها حساسية، ونعتقد أنه لم يكن في مصلحة الاتفاق أو في مصلحة أحد الكشف عنها.

وتابع تونر "هناك بعض المفسدين الذي يرغبون في إفشال الصفقة ونحن ندرك ذلك. ولا يزال تقييمنا أننا لا نرغب في الكشف عن تفاصيل الاتفاق علنا، وهذا هو تقييمنا المستمر حتى الآن، ولكن إذا وصلنا إلى نقطة نعتقد معها أننا يمكننا أن نعلن التفاصيل فسوف نفعل ذلك".

الخبير العسكري السوري المقدم إبراهيم الطقش، أحد قادة القوى المعارضة قال، إن هناك مؤامرة كبيرة تُحاك ضد الشعب السوري من كل دول العالم، وليس من الولايات المتحدة الأمريكية فقط.

وشبه الخبير العسكري السوري لـ"مصر العربية" تكتم الولايات المتحدة الأمريكية على مشروع الاتفاق الروسي، بأنها مثل الفتاة التي تضع الحجاب على رأسها وتتعرى من الأسفل لترضي الله والناس، فأمريكا لا تعرف حالها من ترضي  دول الخليج وتركيا، أم روسيا، فهي مع مصالحها فقط وأينما كانت، تارة تضرب المعارضة لإرضاء روسيا، واليوم تضرب النظام في دير الزور، فهي مثل "الزانية" "تفعلها" وتخاف من الحمل.

أما تهميش المعارضة وأقصد السياسية منهم، فقد اختبرتهم الولايات المتحدة جيدا، وعرفت ثمنهم لذلك، باعتهم بثمن بخس.

وبخصوص مشاركة أمريكا في درع الفرات مع تركيا عسكريًا، فكانت من أجل أن يكون لها موطأ قدم بالقرب من الفرات ومن دير الزور، حيث النفط، وأيضا لكي لاتترك تركيا صاحبة القرار هناك، وأيضا في نفس الوقت ابتعدت عن مناطق النفوذ الروسي في الساحل، كما أنه يظهر حسب رأيهم تقاسم حصص وأدوار.

بدوره، قال المحلل السياسي السوري عمر الحبال: إن روسيا اعتادت أن تعلن كل ستة أشهر عن وقف إطلاق النار لمراجعة حساباتها العسكرية والسياسية والمالية، وأتى إعلان وقف إطلاق النار هذا مصادفة مع قدوم عيد الأضحى ومناشدات دولية، لكنه كان سيحدث في كل الأحوال..

وأشار الحبال إلى أن تلك الهدنة تأتي من قبيل جس نبض الثورة والشعب الثائر إذا كان قد دخل مرحلة الاستسلام للقبول بحلول تبقي نظام عصابات الأسد، دون الأسد، تقوم الاستخبارات بتنسيقه ضمن ما تسمى هيئة المفاوضات والتي ترأسها أحد منتجات نظام الأسد الأب والابن والذي يقود منذ انشقاقه تجمعاً من البعثيين القدامى، ويستهدف امتطاء الثورة لإحداث ما يشبه انقلاباً ضمن النظام، فأتانا بمشروع طبقه حافظ الأسد عندما قام بانقلاب عسكري ضمن نظام البعث والعسكر وطرح مشروع جبهة وطنية من كل الأحزاب السورية والتي صدقته الأحزاب في بدايتها، لكنها رفضت عندما أعلن حافظ الأسد ميثاقها وأدت إلى انشقاقات في كل الأحزاب من وقتها وحتى اليوم..

لكن مجموعة رياض حجاب بالتعاون مع دول وغرف مخابراتية نجح بطرح خطة تعيد إنتاج النظام على أن يتم إبعاد بشار الأسد وبعض من أعوانه وإبقاء النظام بحصة 50% والباقي يوزع على باقي أعضاء هيئة المفاوضات كمنظمات وأحزاب وأفراد.

وتابع الحبال لـ"مصر العربية" أن هذا البرنامج بلا أدنى شك يناسب روسيا أيضاً، لكنه لازال مرفوضا من الثورة والشارع الثائر الذي لن يقبل بأقل من اجتثاث النظام من جذوره وتغييره. وجار التحضير لإعلان قرار يصدر عن الاجتماع السنوي القادم بتاريخ 21 سبتمبر المقبل. وهذا يحتاج أيضاً إلى سحق قوى الثورة على الأرض ويحتاج إلى تعاون أمريكي روسي تنضم إليه كل القوى الإقليمية.

وأكمل السياسي السوري حديثه، "هنا تأتي بنود وقف إطلاق النار السرية التي لابد هناك أكثر من اعتراض عليها إن كان الخلافات داخل مراكز القوى الأمريكية من مخابرات وبنتاجون ومجلس نواب والتي في غالبيتها ترفض التعاون التقني الأمريكي الروسي، كما إننا نشم رائحة العفونة تفوح من تلك الإتفاقية 'التي لابد أنها في صالح الغزو الروسي والشراكة في ضرب كل القوى الثورية التي ستعارض مشروع رياض حجاب وهيئة المفاوضات والذي أودعت كوثيقة في مؤتمر المانحين يوم 7 سبتمبر الحالي كما أودع لدى الأمم المتحدة ولجنة مفاوضات جنيف التي يرأسها ديمستورا والذي أيضاً يبشر بقرارات مجلس الأمن القادمة يوم 21-9-2016.

وأشار إلى أن روسيا تريد فضح التعاون الأمريكي الروسي خاصة في الوعود التي قدمتها أمريكا لبعض الفصائل المشاركة في هيئة المفاوضات والذي بدوره سيؤدي إلى انشقاقات ضمن تلك الفصائل والتي لن تقبل بما قد تقبله بعض القيادات وستحدث تلك الانشقاقات كما حدثت يوم أعلن حافظ أسد ميثاق الجبهة الوطنية أوائل عام 1972، لكنها هذه المرة ستكون دموية وسياسية وهذا هو صميم الخطة الروسية للقضاء على الثورة من داخلها بعد فشلها بالقضاء عليها من خارجها.

من الواضح أن وعي الشارع والثورة قد نما بشكل كبير، الكلام لا يزال على لسان الحبال، والذي أكد أن الولايات المتحدة تشعر بنضج الشارع السوري وتشعر به باقي الدول، ولن تستطيع كل قوى العالم أن تجهض هكذا ثورة عظيمة،  رغم ما علق بها من غبار وتشوهات باسم الدين..

واستطرد قائلا: "من يعيش الثورة يعرف قوتها وطهارة جوهرها وحتمية انتصارها والذي تبحث أمريكا دوما أن تدعي لتكون في صف المنتصر،  ولن تقامر مع روسيا،  إضافة إلى أنها لاتريد للثورة أن تنتصر قبل أن تنكسر روسيا وتخرج ذليلة مدحورة،  حتى من المضحك أن نسمع روسيا، التي ابتلعت الطعم وتورطت في الوحل السوري،  تهدد أمريكا بالانسحاب من الساحة السورية".

وتابع: "من هنا نجد كيف تتصارع الكباش الروسية والأمريكية في الأجواء والاراضي السورية ونستخدم فيها وقودا،  لكنه لن ينضب وستنتصر الثورة لتحقيق دولة العدالة والحرية والقانون لتقوم سوريا بدورها الحضاري الذي اعتادته منذ آلاف السنين مشعلا يضيء الطريق للبشرية، وكثورة من ثورات التاريخ العظيمة".

وألمح إلى أنه من الغريب في عدم نشر تفاصيل الإتفاق بأن أمريكا أيضاً ترفض إطلاع شركائها الأوربيين عليه، وتقوم روسيا بابتزاز الولايات المتحدة بين التهديد بنشره أحيانا وتلطيف الأجواء أحيانا، حيث عادت للقول بأنها لن تنشره طالما لمست عدم رغبة واشنطن بذلك، وهنا تفوح رائحة صفقة روسية أمريكية على حساب سوريا وأوربا معا، وبالتأكيد على حساب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمن فيهم دول الخليج..

وتساءل الحبال، هل مؤمرة تقسيم ( كيري لافروف) التي تتم مناقشتها ورسمها منذ سنتين في زيارات جون كيري المطولة إلى موسكو والتي بعضها تجاوز أسبوعاً كاملا ستتحقق؟، وهنا القضية ليست مجرد موضوع هدنة ووقف إطلاق النار، بل صفقة دولية ذات أبعاد مختلفة يستحيل التكهن أو الإلمام بما تحتويه من مفاجآت وأسرار قد لا تكشف لسنوات طويلة.

وأوضح السياسي السوري، "ليست خمسة بنود أرادت أمريكا اخفائها بل هناك خمسة وثائق مع إعلان وقف إطلاق النار الذي لا يتواجد إلا في الإعلام فقط، ولا شك أن كل وثيقة تتعلق بمنطقة من المناطق المشتعلة منها العراق ومنها قضية أوكرانيا واليمن وليبيا التي تعتبر روسيا نفسها أنها خرجت من "المولد بلا حمص"..

وكانت تلك الوثائق تتضمن تقاسم الحصص في الشرق الأوسط بما فيها الخليج ومصر لتكون سوريا الفرن الملتهب لطبخة قذرة لم يحن وقت التهامها لتتلذذ أمريكا وروسيا بها منفردتين، وتبدوا أمريكا تريد أن تضع المزيد من الملح والبُهارات وتغطهيا بدخان المدافع علها تنضج وتكون قابلة لبيعها بالإكراه.

من جهتها، أعربت مستشارة الهيئة العليا لـ "المفاوضات السورية المعارضة" مرح البقاعي عن مخاوفها من تقسيم البلاد ضمن الاتفاق الروسي الأميركي لـ "الهدنة في سوريا"، في ظل خلاف الطرفين على إعلان تفاصيله.

وقالت البقاعي إن هناك تفاصيل للاتفاق لا تريد وزارة الدفاع الأميركية (بنتاجون) أن تخرج إلى التداول، معربة عن استغرابها من عدم وصول تفاصيل الاتفاق إلى هيئة المفاوضات المعنية بالحل السياسي في البلاد.