المحتوى الرئيسى

وصفة الهلالي المسمومة | المصري اليوم

09/18 22:09

فيما كان الدكتور الهلالي الشربيني الهلالي، وزير التعليم الهُمام، ينزل ضيفاً، مساء السبت الماضي، على برنامج الإعلامي أسامة كمال بفضائية القاهرة والناس، متحدثاً عن تناوله عددا من القضايا المسكوت عنها، والتي «لم يتحدث أحد بشأنها طوال السنوات الماضية»، على حد قوله، ومنها معضلة «الدروس الخصوصية»، موحياً بأنه سيقضي عليها، ومبشراً بكل جرأة بأن وزارته وضعت برنامجًا محددًا لإصلاح التعليم منذ عام، وفقًا لخطة مصر لسنة 2030، مع أن هذه «الخطة المزعومة» هي مجرد عبارات إنشائية مكررة، لمجرد الاستهلاك الإعلامي، ولا طائل من ورائها.

بالتوازي وفي نفس الليلة، كان الإعلامي محمد مصطفى شردي على قناة النهار يستضيف الدكتور طارق شوقي، مستشار الرئيس لشئون التعليم، وخلاصة تصريحات الأخير لـ«شردي»، أنه وآخرين «يدرسون» و«يفكرون ويفكرون ويفكرون» لحل مشكلات التعليم وتطويره، ملمحاً إلى أن «مجانية التعليم» هي أم المشاكل وأبوها الشرعي، وأن علينا الانتظار من 15 إلى 17 عاما، أخرى على هذا الحال، يعني على سنة 2035، عليكم بخير، بما ينفي تصريحات الوزير، عن وجود خطة من الأساس، وليس أدل على هذا من «القضية» التي يتحدث عنها «الوزير الهلالي»، معلناً الحرب بلا هوادة على «مراكز الدروس الخصوصية»، اعتماداً على أساليب بوليسية مقيتة، إذ يشن رجاله الحاصلين على صفة الضبطية القضائية حملات لضبط المدرسين وغلق هذه المراكز، بمشاركة «المحافظين» فيها بحماس ونشاط يحسدون عليه، حيث تتوالى قراراتهم بالغلق وتحريك قوات شرطة المرافق لمطاردة روادها من المعلمين والطلاب، وتشميعها بالشمع الأحمر، وكأن محافظاتنا قد خلت من الفساد المتغلغل في دواوينها والأحياء ومجالس المدن وعموم المحليات، واختفت منها جبال القمامة، وأنصلحت مرافقها وخدماتها، ولم يبقَ سوى هذه «المراكز» التي يلجأ إليها الطلاب للتقوية على يد معلمين مشاهير بتبسيط المادة التعليمية وتلخيصها، مقابل «أسعار شعبية معقولة»، بديلاً عن الدروس الخصوصية «المنزلية» ذات «الأسعار المرتفعة» التي تفوق قدرات السواد الأعظم من أولياء الأمور.. هذه المراكز تسد فراغاً تعليميا بالمدارس، وتوفر «مصلحة» للطالب وولي أمره، بدليل تظاهر أولياء الأمور في بورسعيد وغيرها احتجاجاً على هذه الحملات الشرسة، ورفضا لقرارات الغلق، وهو ما يثير الشكوك، إن كان الوزير يقود هذه المعركة من أجل تفعيل سبوبة مجموعات التقوية بالمدارس فقط، أم أن هناك هدفاً خافياً، يماثل السم حين يوضع في العسل، وهو إثارة سخط وغضب «المواطنين» أولياء أمور 18 مليون تلميذ، بزيادة معاناتهم والأعباء عليهم، بينما هم مطحونين أصلاً من الغلاء الذي يطاردهم في شتى مناحي الحياة ودون أي زيادة في دخولهم؟

منذ أيام قليلة، شدّدَّ «الهلالي الشربيني»، في تصريحات صحفية خلال زيارته لمدينة دمنهور، على محاربة «الدروس الخصوصية»، مؤكدا لافض فوه ومات حاسدوه، أنه «لا تراجع عن غلق هذه المراكز».. فهل مجرد «نقل» الدروس«من» السناتر«إلى المدارس يعالج المشكلة؟ وإذا كان أبناؤنا ينفرون ويفرون من المدرسة.. فكيف لهم أن يعودوا إليها، لتعاطي المجموعات التي يريدها الوزير غنيمة من وراء هذه الحرب.. هل الدروس حرام للمعلم والمراكز.. حلال للمدارس؟!

إن هذه المراكز تماثل «المستوصفات»، كلاهما يعالج عجزاً حكومياً، إذ إن الأخيرة تستقبل المرضى محدودي الدخل، تقدم لهم العون بمقابل زهيد عوضاً عن غياب الخدمات الطبية الحكومية، والمعلم في تعاطيه للدروس الخصوصية، مثل الطبيب، الذي يفتح عيادة خاصة.. كما أن أسباب مشكلة الدروس معروفة.. فهي نتاج لتهافت المدرسة وافتقادها لدورها التعليمي بفعل الفوضى الشائعة بها، وسوء الإدارة التعليمية وجمود المناهج واقتصار أعمال التقييم على قياس مدى حفظ الطالب وتطابق إجاباته مع نموذج الإجابة.. قبل هذا وبعده تدهور حال «المعلم» مادياً، وهو ما يدفعه إلى الدروس لتحسين دخله والوفاء بالتزاماته أمام أسرته، مضافاً إلى هذا غياب برامج التدريب اللازمة لتطويره مهنياً وزيادة مهاراته التربوية والتعليمية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل