المحتوى الرئيسى

الجماهير التهمت محمد سعد (فوق الترابيزة)! | المصري اليوم

09/18 21:29

لم أتصور أن أسأل فى دار العرض عن فيلم محمد سعد (تحت الترابيزة) فتأتى الإجابة ألغينا الحفل، فلم يقطع أحد التذكرة، بالضبط هذا هو ما حدث فى أيام العيد، عشت هذه التجربة فى الأعوام الأخيرة مع أفلام من بطولة عمرو عبدالجليل ومحمود عبدالمغنى وأحمد عيد ومحمد لطفى وهشام إسماعيل وغيرهم، كنت أتصور أن اسم سعد بما له من رصيد أكبر ونجاح رقمى استثنائى لدى جمهور الألفية الثالثة سيضمن له الحماية لسنوات قادمة، نعم كانت الإيرادات تتناقص فى السينما من فيلم إلى آخر، ولكن أن يموت الفيلم بالسكتة الجماهيرية، وفى الساعات الأولى من عرضه، فإننا نُصبح فى الحقيقة وبكل المقاييس أمام كارثة متكاملة الأركان. لعب سعد دور البطولة فى الهبوط باسمه سريعا من نجم شباك إلى الهاوية، لأنه برامجيا ودراميا ومن ثم سينمائيا استنفد كل المسموح من مرات الرسوب، هزائمه المتكررة عبر الشاشة الصغيرة دفعت جمهور السينما لإعلان طلقة بائنة وبالثلاثة مع آخر أفلامه، ورغم ذلك، فلا يمكن تصور أن سعد الممثل قد انتهى تماما من الخريطة الفنية، ولكن من صار خارجها هو محمد سعد النجم، ويبقى له لو امتلك القدرة والجرأة على الاعتراف والتعايش مع تلك الحقيقة، من الممكن أن تمنحه سنوات قادمة داخل الدائرة كممثل قادر على أداء العديد من الشخصيات، ولكن تحت المظلة الجماهيرية لنجم آخر للشباك، أشرف عبدالباقى مثلا فعلها مع هنيدى فى (صاحب صاحبه).

قبل 23 عاما استوقفنى أداء محمد سعد فى فيلم (امرأة وخمسة رجال) إخراج الراحل علاء كريم، الفيلم بطولة فيفى عبده ولعب هو دور أحد أزواجها الخمسة، كان ملفتا كممثل بداخله مخزون من الإبداع ويومها أشرت إلى موهبته، حيث كان قادرا على الأداء الهامس الموحى، وبدأت رحلة النجومية ليقف فى مقدمة دُنيا الأرقام متربعا على العرش، منذ (اللمبى) 2002 كان آخرها (كتكوت) 2006، وبدأ العد التنازلى بعدها بعام فى (كركر)، ولم يدرك من وقتها أن الخطر قادم لا محالة.

الفيلم التفصيل هو دائما بداية السقوط، أن يأتى الكاتب والمخرج لدى النجم ويقدمان ما يريده بالضبط وهكذا تعامل معه الوسط السينمائى، فالكل ينظر إليه باعتباره صاحب المشروع السينمائى ومن ثم عليه أن يحدد المواصفات المطلوبة، بالإضافة إلى أن لديه قناعة مسبقة بأنه يعرف الجمهور أكثر من كل المحيطين به، فهو الأدرى بما يضحكه، وفى العادة يضرب لكل من يتعامل معه عشرات من المواقف التى لم يلتزم فيها برأى سوى رأيه، برغم معارضة الجميع، وكانت النتيجة فى الشباك هى إقبال الجمهور ومزيداً من الضحك، وكالعادة يسلم الكاتب والمخرج له بأنه يفهم الجمهور أكثر، ولهذا لا يضيف له أحد لمحة أو فكرة أو حتى خطا ثانويا، يظل هو فقط المسيطر على الجميع، وبرغم أن جماهيريته تبدأ فى التآكل، بينما هو يتصور أنها مجرد عوارض ثانوية.

الناس فى علاقتها بالنجم تشبه بالضبط الآلهة التى كان يصنعها العرب القدماء من العجوة يعبدونها، ومع مرور الزمن وعندما يستبد بهم الجوع يلتهمونها، ليصنعوا آلهة أخرى، وتتكرر الحكاية، وهكذا بدأت الجماهير فى التهام أجزاء من سعد فى أفلامه الأخيرة حتى أنهوا عليه تماما فى (تحت الترابيزة) وتناسى الجميع فى لحظات أنه كان معبودهم الأول.

فى سنوات ذروة النجاح لم يتمكن سعد من التعامل مع تلك الطاقة التى فتحتها السماء، وعندما بدأت إيراداته تترنح، بدأ فى الإنكار أمام الإعلام، ثم اكتشف هو بعدها الحقيقة، واستمر فى الإنكار إعلاميا، رغم أنه كان يتجرع داخليا مرارة الهزيمة، هناك دائما إرهاصات تشير إلى ذلك، منها أن ترى مثلا هروب الكثيرين من الوقوف أمامه فى البطولة النسائية الموازية، وهكذا تابعنا مؤخرا اعتذار إلهام شاهين، عندما رفض شرطها أن يسبق اسمها على التترات اسمه، فلم يعد يفرق معها أن تُمثل فيلماً من بطولة سعد، وهكذا وجد الحل فى الاستعانة بفنانة خارج الخريطة وهذا سيجعل الأمر يمر بلا أى طلبات أدبية أو مادية من الفنانة البديلة، وهكذا جاءت نيرمين الفقى، كل الاختيارات تضيق أمام الفنان عندما تُدرك شركات الإنتاج أن اسمه فى التوزيع بلا قوة شرائية وأنه يسير بخطى حثيثة إلى (سكة اللى يروح)، شركات لا قلب ولا مشاعر ولا عشرة ولا عيش ولا ملح، لا تعرف ولا تعترف سوى فقط بعدد التذاكر التى أسفر عنها الشباك.

الفيلم الذى أخرجه سميح النقاش وكتبه وليد يوسف، تتابعت عناوينه وكان العنوان الأقرب للصحة هو (حنكوا فى المصيدة) فهى الشخصية الثانية التى يقدمها فى الفيلم، والتى نرى فيها سعد كما يحب أن يكون بتلك اللزمات الصوتية والحركية، كما أنه أضاف أيضا لزمة تتردد بين الحين والآخر وهى (واااى) كلمة بلا معنى اعتقد أن الجمهور بعد العرض سيرددها فى الشوارع فتعيده مرة أخرى إلى الصدارة كنجم جماهيرى واسع الانتشار.. هل تتذكرون لزمات نادية الجندى (سلم لى ع البتنجان) مثلا، النجم تردد له الناس لزماته فقط فى مرحلة ذروة النجاح، وغالبا لا تجد للكلمة أى معنى، ولكن الناس هى التى تتكفل بالبحث عن المعنى، ولم أسمع أحد من الجمهور القليل الذى شاهدت الفيلم معه يردد (واااى).

عندما كنا نطالب سعد فى عز نجاحه أن يعيد التفكير فى الحالة الصارمة التى لم يتجاوزها فى اللمبى مع تعدد أسماء الشخصيات التى يقدمها كان يقول إسماعيل ياسين لم يغير من إسماعيل ياسين بل كانت الأفلام تحمل مباشرة اسمه وليس فقط اسم الشخصية الدرامية، وذلك كدلالة على فرط التوحد مع الشخصية التى يؤديها، وبالطبع كلنا نتذكر أن إسماعيل ياسين فى السنوات العشر الأخيرة من عمره عانى الأفول، بل كان هو الذى يسارع بالاتصال بشركات الإنتاج لتمنحه الفرصة، ورغم ذلك فإن سنوات النجومية التى عاشها سُمعة كنجم أول وبطل فى الشباك تجاوزت العشر سنوات، بينما سعد لم يتجاوز خمسة، والفارق هو أن إيقاع الزمن تغير، زمن الانتشار الفضائى غير زمن الانتشار الأرضى، فى الماضى لم يكن النجم الجماهيرى متاحا بكثافة، وهذا ساهم فى أن يمتد العمر بالشخصية الدرامية سنوات أكثر، فالآن أمامك ألف فضائية ناطقة بالعربية، تُقدم الفنان عشرات المرات يوميا، وهكذا حدث التشبع بإيقاع أسرع من الماضى.

العامل الثانى أيضاً أن سعد قرر أن ينفق رصيده الجماهيرى المتبقى فى صفقة سريعة، عندما قدم برنامج (وش السعد) فى (إم بى سى)، كان فيما يبدو الإغراء المادى كبيرا، كما أن المتاح أمامه من اختيارات أخرى قليل جدا، فلم يجد غير الموافقة، المؤكد أنه تذكر أنه فى الغد ربما لن يجد حتى هذا القليل، فهو يعلم أنه قبل نحو عام كان يساوى برامجيا بضعة ملايين، وكان يخشى بعد قليل هبوط فى معدل الأصفار على يمين الواحد الصحيح، فقرر أن يلحق الأصفار الستة قبل أن تتناقص صفرين أو ثلاثة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل