المحتوى الرئيسى

التطرف الفكري يصادر الحق في الاختلاف بالمغرب

09/18 09:23

"المغرب يعرف تنامي خطاب الكراهية، والعنف والتطرف والإرهاب في مواقع التواصل الاجتماعي، والصحف والمواقع الالكترونية"، كما يقول محمد الهيني المستشار والقاضي السابق والمنسق العام للجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب بالمغرب، في مداخلة له مع DWعربية، مشيرا إلى أن هذا الخطاب مغلف بالمفاهيم الخاطئة عن الدين وذو مضمون تحريضي وتكفيري ضد الآخر.

محمد الهيني، قاض سابق وناشط حقوقي، والمنسق العام للجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب بالمغرب.

تبعا لما سلف ذكره، يؤكد محمد الهيني، أن المغرب في ظل هذه الظرفية، في حاجة إلى مبادرات وطنية ومجتمعية تروم نشر قيم وثقافة التسامح ونبد التطرف والإرهاب، واحترام حرية التعبير، والحق في الاختلاف والمجادلة بالحسنى، مؤكدا في السياق ذاته أن هذا هو الهدف الذي تروم الجبهة الوطنية التي يترأسها بهدف تحقيقه.

بخصوص هذه الجبهة الوطنية التي تم تأسيسها حديثا بالمغرب الشهر السابق، يؤكد الهيني، أنه تم العمل على إعداد خطة العمل، و تبويبها بديباجة تقديمية من منطلقات ما تضمنته الأرضية التأسيسية، المتمحورة على استراتيجية ستكون مبنية على ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وعلى أساس المرجعية الكونية لحقوق الإنسان في شموليتها.

يضيف المتحدث ذاته،على أن استراتيجية عمل الجبهة تركز على مناهضة التطرف في جميع أشكاله، "بهدف مجابهة خطاب التطرف الديني السائد حاليا، وغيره من نزوعات التطرف، والذي يحرض على مصادرة حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة وحقوق المرأة، والحق في الاختلاف إلى حد تكفير كل من يتبنى الاختيار الديموقراطي الذي هو أحد الثوابت الدستورية المغربية".

من جانبه عبد السلام البقيوي، الفاعل الحقوقي والعضو في الجبهة الوطنية لمناهضة الإرهاب والتطرف، أشار إلى وجود تنامي ملحوظ لفكر الكراهية والحقد لدرجة كبيرة، مشيرا أن مثل هذه الأفكار تلقى التمجيد من طرف مجموعة من الفاعلين السياسيين في المجتمع، كونهم يعتمدون نهج الإسلام في الترويج لطموحاتهم السياسية، مشيرا إلى "أن الشعب المغربي يشعب عظيم يتبنى الإسلام، الذي ورثه عن الأجداد والذي يدعو للتسامح وعدم التكفير، مهما بلغ خطأ أحد في مجتمع آبائنا لم تصل بهم درجة الوقاحة يوما للتكفير، بل يقولون اللهم اغفر لنا وله".

"نحن ضد الإرهاب والتطرف الفكري"

كما أشاد عبد السلام، بالدور المهم لشبكات التواصل الاجتماعي، التي سيتم الاعتماد عليها بشكل مكثف في التعريف بالأنشطة التي ستقوم بها الجبهة الوطنية، مع الحرص على تمكين الشباب الفاعلين في المجال الحقوقي من الترافع والتعريق بالقضايا الحقوقية بشكل يعتمد على مواقع رسمية للجبهة على الفيسبوك،مشيدا من خلال ذلك بالدور الفعال لشبكات التواصل الاجتماعي، في إيصال الرسالة التي تناضل من أجل إقرارها الجبهة الوطنية، وإلا ستظل مجرد أفكار حبيسة أفق ضيق. وختم حديثه بالقول "نحن لا نواجه حزبا معينا، ولا تيار بعينه، بل نحن ضد الإرهاب والتطرف الفكري، والترويج للكراهية على أساس الدين أو العرق، خصوصا وأن بلدنا المغرب، بلد التنوع الثقافي والاختلاف".

منار السليمي، محلل سياسي مغربي.

في نفس السياق، يضيف الدكتور أحمد الدريري،الكاتب العام للمركز المغربي من أجل ديمقراطية الانتخابات، وعضو في الجبهة الوطنية لمحاربة التطرف، يقول أن تنامي العنف اللفظي، خاصة بين بعض الفاعلين السياسيين، قد ينتج مجموعة من الممارسات المتطرفة، بسبب انتشار العنف المؤسسي، مما يسمح لبعض القياديين في مجموعة من الأحزاب استعمال الدين في الانتخابات. وهو الأمر الذي يحتم المسارعة إلى تفعيل الحقوق الكونية لاحترام حقوق الإنسان.

مشيرا المتدخل نفسه، أن أهداف الجبهة الوطنية لمحاربة التطرف والإرهاب، سطرت مجموعة من الأهداف بعيدة المدى، التي تتمثل في العمل على تغيير العقليات، واحترام حقوق الإنسان وعدم استعمال الإسلام لبلوغ أطماع سياسية، مشيرا إلى أن معظم خطابات اليوم متطرفة.

"ساستنا ينظرون من منظور كلاسيكي، ولا يهتمون بخطر الإرهاب"

رشيد جرموني، باحث مغربي في سوسيولوجيا التدين.

منار السليمي، المحلل السياسي المغربي، يضيف من جانبه، أن المواضيع التي تتحدث عن التطرف تكاد تكون غائبة في خطابات الأحزاب السياسية، كما لو كانت هذه الأخيرة غير معنية بالتحولات الكبرى التي يشهدها المجتمع المغربي، وهذا ما يجعلها أي الأحزاب السياسية، غير معنية ولا تأبه بالقضايا والتحولات السوسيولوجية الكبرى، والأفكار التي تنتجها وتروج لها الجماعات الإرهابية وتستهدف فيما بعد الشباب. مؤكدا أن هذا الغياب والفراغ هو الذي يجعل السياسة تنظر من منظور كلاسيكي، لأن الأحزاب في المغرب تستعمل هذا الخطاب فقط في بعض الأحيان بشكل دعائي.

"الإسلام السياسي أخفق في بلورة نموذج مجتمعي مغرٍ للشباب"

من المنظور السوسيولوجي، يفسر بدوره رشيد الجرموني، الباحث في سوسيولوجيا التدين، توظيف الإسلام في السياسة، من خلال التأكيد على أن العالم اليوم يشهد موجة من الحماس الديني، خصوصا بعد تراجع الإيديولوجيات الكبرى، حصل "فراغ" فكري وإيديولوجي كبيرين، وهو الأمر الذي أدى إلى الارتماء في أحضان المكون الديني بشكل جديد، وفيه نوع من البحث عن الذات والبحث عن اليقين في زمن اللايقين واللامعقول.

ومن بين النتائج الكبرى لهذا التحول، "تفكك البينات التقليدية وصعوبة بناء أشكال جديدة من المؤسسات والبنيات والهياكل، ورغم البروز التاريخي لحركات الإسلام السياسي، إلا أن تجربتها طيلة السنوات الأخيرة، أبانت عن إخفاق مذوي خصوصا، في فشلها في بلورة نموذج مجتمعي مغرٍ للشباب وللمجتمع بصفة عامة".

واجهت الممثلة المصرية إلهام شاهين حملة من عدد من القنوات الدينية حيث اتهمها أحد الشيوخ، الذي ينسب نفسه لجامع الأزهر، بالزنا والفجور مما دفعها لخوض معركة قضائية ضده انتهت بالحكم عليه سجنا نافذا لمدة سنة بالإضافة إلى غرامة مالية.

تعرض نجيب محفوظ إلى محاولة اغتيال سنة 1995 من طرف شابين اتهماه بالكفر بسبب روايته "أولاد حارتنا" الصادرة سنة 1959 وطعناه بالسكين في العنق. نجا محفوظ من الموت بأعجوبة آنذاك. وتوفي الكاتب الحائز على نوبل للآداب في سنة 2006.

في سنة 1992 تم اغتيال المفكر المصري فرج فودة في القاهرة بعد أن اعتبرته الجماعات الإسلامية المسلحة مرتدا عن الدين. قام الرئيس المعزول محمد مرسي بالعفو عن قاتل فرج فودة في سنة 2012. وما يزال فكر فرج فودة يشهد إقبالا، سواء كتبه أو ندواته المتواجدة في شبكة الانترنت.

اتهم المفكر المصري نصر حامد أبو زيد بالارتداد عن الدين بسبب كتاباته حول سلطة النص القرآني، مما دفع بعض الشيوخ إلى رفع دعوى قضائية للتفريق بينه وبين زوجته باعتباره "غير مسلم" في نظرهم، الأمر الذي استجابت له المحكمة. غادر أبو زيد مصر رفقة زوجته إلى هولندا التي اختارها كمنفى له. توفي نصر حامد أبو زيد في سنة 2010.

واجهت الطبيبة والكاتبة المصرية نوال السعداوي تهمة ازدراء الإسلام وتعرضت للتهديد بالقتل مما دفعها إلى مغادرة مصر في عقد التسعينات الذي شهد عمليات إرهابية واغتيالات. انتقدت السعداوي، البالغة اليوم 82 عاما، تعدد الزوجات في الإسلام ونظام الإرث وغيرها من التشريعات الإسلامية.

وُضع اسم عادل إمام في لائحة الاغتيالات التي كانت تنوي الجماعات المسلحة تنفيذها في تسعينات القرن الماضي. عادل إمام تحدى الجماعات وقام بعرض مسرحيته في مدينة أسيوط، التي كانت تعتبر معقلا للجماعات المتطرفة آنذاك، بالرغم من التهديدات. كما رُفعت على عادل إمام دعوى تتهمه بازدراء الأديان في السنة الماضية بُرّئ منها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل