المحتوى الرئيسى

ماما.. شوفيني وأنا بلعب

09/18 09:24

كل ما أولادي يلعبوا أو يعملوا حاجة جديدة، لازم ينادوا عليّ عشان أشوفهم، وليهم شروط معينة لازم أعملها وأنا بشوف وأتفرج عليهم،  أهمها إني مكونش ماسكه الموبايل، وأكون مركزة ومنتبهة جدًا. وطول ما همّ بيلعبوا عينهم بتكون عليّ، بيحاولوا ياخدوا بالهم كويس من نظراتي وتعبيرات وشي.

ومع تكرار الموضوع مع أولادي الاثنين حاولت أفهم جوايا همّ ليه بيهتموا إني أشوفهم، وأقول مع نفسي ما يلعبوا مع بعض عادي، إيه لازمة إني أكون موجودة؟ إيه اللي هيفرق وأنا قاعدة مش بلعب وببص عليهم بس.

اكتشفت بعد فترة إن المشكلة عندي أنا، أنا اللي مش مستوعبة بشكل كامل أهمية وحجم دوري في حياتهم، أو حصرته في حاجات أقل أهمية، شكلي كده بقيم دوري في الحاجات الظاهرة بس، زي درجاتهم في المدرسة ونظافتهم وأكلهم.

بس واضح إن الأمور مختلفة عندهم، همّ منتظرين حاجة تانية خالص، أنا بالنسبالهم مش حد من أصحابهم بيستعرضوا قوتهم مثلاً قدّامه أو بيتسلوا معاه، أنا الإنسانة اللي بيشوفوا نفسهم وقدراتهم من خلالي، أنا الأم اللي التكوين النفسي لأولادها بيبتدي من عندي،  نظرتي بالنسبالهم دي اللي بتحييهم 

هي اللي هتحدد نظرتهم وفكرتهم عن نفسهم لما يكبروا.

فهمت إنهم محتاجين الأم اللي مقدرة ومستوعبة معنى وجودها ونظرتها وكلماتها وتعبيرات وشها قدام أولادها، الأم اللي تقدر تشوفهم وتحسهم وتكتشفهم في وقت همّ ميقدروش يعملوا ده.

ولقيت إن معظم الحاجات اللي شكلها بسيط بالنسبالنا، عند أولادنا ممكن تشكِّل شخصيتهم على المدى البعيد، والأمور اللي بنشوفها ملهاش قيمة وبنضحك ونستعجب لما بيطلبوها مننا، دي ممكن تكون جوهر تكوينهم، زي إننا نكون جنبهم وهمّ بيتشقلبوا ويتنططوا ويرقصوا ويجروا.

الطفل جواه احتياج طبيعي إنه يتشاف بعمق ويتحس ويتسمع، محتاج أم تتفاعل مع كلماته وحركاته.

أحيانًا كل اللي بيعمله من تنطيط وحركات غريبة وحتي التصرفات المستفزة بيكون هدفها إن الأم تشوفه وتحسه وتهتم بيه، كأنه في كل حركة بيعملها بيقول "أنا أهو يا ماما.. أنا موجود.. أرجوكي حسي بيّ وسط زحمة يومك".

الطفل محتاج أمه تقعد معاه شوية من غير ما تنشغل بأي حاجة تانية، وقت يكون له هو لوحده، توصَّله فيه إن ده أهم وقت عندها، وإنها هي اللي نِفسها تقعد معاه وتسمعه وتشاركه ألعابه.

الطفل إنسان حساس إلى أقصى حد، ممكن تكون كل أمنيته إن ماما تقوله برافو، إنت مبدع، إنت جميل.. الكلام ده هو اللي هيعيش عليه باقي عمره.

أطفالنا بيصدقونا أوي، كل اللي بنقوله حتى لو بهزار بيصدقوه، لأنهم بيثقوا في تقديرنا لشخصيتهم.

كل التعبيرات عن الحب بتكون ضعيفة جدًا قدام الحضن والوقت اللي بنقضيه معاهم بكل تركيز واهتمام. حتى الحاجات اللي بنشتريها الفترة دي عشان تشغل يومهم زي التابلت والموبايلات وكل التكنولوجيا الحديثة دي لا يمكن تشبعه داخليًا وتسد عنده احتياجه للسمع وللحضن ولنظرة الإعجاب. بالعكس، أوقات الطفل بيفهم إن الأم قاصدة بالحاجات دي إنه يبعد شوية عنها ويسيبها تشوف باقي الحاجات المطلوبة منها.

الطفل اللي مش بيشبع اهتمام وتقدير صح، نظرته عن نفسه بتكون مشوهة، وبيكون عنده إحساس إنه مش مهم، ويعيش باقي حياته يثبت لنفسه وللناس إنه مهم، ولو معرفناش نوصل لعمقهم واتعاملنا معاهم بسطحية على أساس إنهم مش فاهمين ومش مستوعبين حاجه دلوقتي، ومقدرناش نشوفهم صح ونكتشفهم ونكتشف مواهبهم وقدراتهم ونشجعهم عليها، هيفضلوا طول عمرهم يدوروا على اللي يشوفهم ويحسهم ويسمعهم ويكتشفهم.

يفضلوا كده طول حياتهم، يعرضوا قدام الناس إنجازاتهم والحاجات الحلوة اللي فيهم على أمل إن حد يقولهم كلمة حلوة أو حد يقدرهم.

لازم نكون عارفين إن اللي بيفقده الطفل من أحاسيس ومشاعر في طفولته بيبقى صعب يتعوض من أي إنسان تاني؛ خلينا ندِّي الوقت الأكبر لأطفالنا نفسهم، مش الحاجات اللي بنعملها عشانهم، الوقت الأكبر لازم يكون لإشباع احتياجاتهم النفسية للحب والاهتمام وإنه بتسمع. لازم نتفاعل معاهم مش نسمعهم ببرود أو بصبر نافد، زي ما نكون بنقوله خلص كلامك، ملوش قيمة، كلام تافه، أنا عندي الحاجات الأهم من كلماتك وأحلامك دي.

أهم أخبار مرأة

Comments

عاجل