المحتوى الرئيسى

كريم كمال يكتب: الوفاء والولاء | ساسة بوست

09/17 18:05

منذ 11 دقيقة، 17 سبتمبر,2016

هناك الكثير من القصص الواقعية عن الوفاء والولاء تدمع لها الأعين وترقّ لها القلوب، إحداها قصة الكلب «هاتشيكو»؛ فقد أُلف فيه كتاب، وأُنْتِج عنه فيلم شهير، والقصة تحكي قصة كلب أحب سيده «هيده – سابورو أوينو» البروفسور في قسم الزراعة في جامعة طوكيو، وكان هاتشيكو يذهب الى محطة القطار لملاقاته يوميًا عند قدومه من العمل، وفي يوم ما، تعرض البروفيسور لأزمة صحية أدت إلى وفاته وعدم عودته من العمل، فظل هاتشيكو يذهب لانتظاره يوميًا عشر سنين متتالية، وأصبح مثالًا للوفاء في اليابان.

وهناك العديد من قصص الوفاء بين الأزواج والأصدقاء، ولكن هنا يأتي السؤال، هل معنى الوفاء واحد؟ هل الوفاء المبني على حب غير مشروط، كالوفاء المبني على الحب المشروط؟ أو كالوفاء للشركة التي نعمل لها؟ وما معنى الوفاء في العمل؟ هل يعني أن أبقى مدى الحياة أعمل لدى شركة واحدة لا أنظر يمينًا ولا يسارًا بحثًا عن فرص أخرى؟

ظلت الأسئلة حول الولاء في العمل تدور بخلدي محاولا بلورة مفهوم احترافي عن الوفاء في العمل المبني على علاقة الربح لكلا الطرفين، الربح للموظف متمثلا في ربح مادي وزيادة في الخبرات والعلاقات وتحقيق المزيد من التقدم على المستوى الشخصي والاحترافي، وكذلك الربح للشركة التي تستفيد من عمل موظفيها لتحقق الأرباح وتضخّمها بالإضافة إلى التأثير في حياة البشر والمجتمع عبر تطوير المنتجات والخدمات.

فيما يلي سأعرض عليكم جزء مترجمًا بتصرف من كتاب THE SERVANT LEADER يتحدث فيه الكاتب عن أزمة الولاء «كلما زاد عدد الشركات التي تعتمد على المعرفة والمعلومات والخدمات، وبالتالي الاعتماد على الناس من أجل تحقيق النجاح، كلما اعتقد المزيد من الشباب أنهم قادرون على قيادة حياتهم العملية باستقلالية، وأصبحوا أقل اعتمادية على المؤسسات في تحقيق النجاح والشعور به، وتوجهوا للعمل كوكلاء، فأصبح الشاب يمضي العقد لكي يقوم بعمل وظيفة ما، بينما يبني ترسانة من المهارات والخبرات؛ لكي يحسّن سيرته الذاتية ثم ينتقل إلى الفرصة التالية، وهذا على ما يبدو يقوّض معنى الولاء كما هو معروف قديمًا.

الكثير من المدراء التنفيذيين قلقون حيال ما يحدث للولاء والوفاء في تلك بيئات العمل الجديدة.

دعنا نعرض بعض الخرافات عن الولاء في العمل:

الولاء يجب أن يكون شرطًا في التوظيف. الولاء مجرد شعور. ساعات العمل الطويلة علامة على الوفاء، وأن أكثر الموظفين ولاءً هم من يقضون أكثر ساعات عمل. أكثر الموظفين ولاءً هم من لا يعترضون على أي شيء، ولا يتناقشون ولا يسألون. الموظف الوفي لا يبحث عن فرص في شركات أخرى. الولاء يجب أن يكون طويل الأمد، وإلا فليس ولاء.

تلك التصورات عن الولاء غير دقيقة ولا تمت للواقع الحالي بصلة.

إن كان هناك فعلًا أزمة ولاء في السوق كما يعتقد المتابعون، فهي في الأصل من فعل الشركات؛ إذ تسرح الكثير من الشركات موظفيها؛ بحجة إعادة الهندسة أو تعديل الرؤية، حيث إن المفهوم القديم السائد عن الولاء هو في اتجاه واحد، وهو من الموظف إلى الشركة، حيث يفرض على الموظف أن يكون وفيًّا ناحية الشركة، والشركة لا ينبغي عليها الوفاء ناحية موظفيها.

لذلك على المدراء والقادة أن يعوا أن الولاء يولّد الولاء، وأن الولاء ليس مجرد شعور: الولاء كالحب، على الشخص المحب أن يظهر حبه من خلال أفعاله لا أقواله.

ما هو الولاء متمثلًا في الفعل؟ بالنسبة للموظف، هو عمل الواجب كما تم الاتفاق عليه بأقصى قدرة ممكنة بأمانة ونزاهة، وأن يكون مفيدًا للشركة وللزملاء ، وبالنسبة للشركة ومديريها، الولاء للموظفين يعني الصدق والأمانة والثقة، ومعاملة الموظفين كأفراد وليس كأعداد، الاستجابة للاحتياجات الخاصة للموظفين، توفير الدعم والموارد، وأهم شيء التصرف بنزاهة، وذلك يعني التواصل ومشاركة المعلومات.

الولاء لا يولد بالقوة ، وبالتالي لا يمكن فرضه، الولاء يجب أن يُكتسب ويستحق.

الولاء يجب أن يكون في الاتجاهين، في الواقع يجب أن يكون في عدة اتجاهات في نفس الوقت: من الشركة إلى الموظف، من الموظف إلى الشركة، من الموظف إلى زملائه وهكذا.

الولاء لا يعني الالتزام مدى الحياة بين الشركة والموظفين، وهذا يعني القبول بدون إجحاف أو تحيز بإمكانية أن يكون الموظف وفيّا للناس والمكان والوظيفة ويقبل بفرصة أفضل في الشهر التالي.

في حال أردات شركة تسريح موظفين قسم كامل، يجب عليها أن تتصرف بولاء عبر أفعال لا أقوال، فمثلًا تستطيع إعادة توزيع وتشغيل الموظفين في أقسام أخرى، وان لم تكفي الأقسام، فعليها استغلال قسم الموارد البشرية في البحث عن فرص عمل أخرى للموظفين المسرّحين، كما يمكن مثلًا توفير قروض بدون فائدة للموظفين الذين تم تسريحهم من أجل مساعدتهم على الخطوة التالية في حياتهم».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل