المحتوى الرئيسى

صور| مهن أصحابها في خطر - أسايطة

09/17 11:01

الرئيسيه » بين الناس » تحقيقات » صور| مهن أصحابها في خطر

أسيوط – كوثر حسين وأميرة محمد:

تجدهم طوال اليوم يؤدون عملهم دون كلل أو ملل، يحوطهم الخطر، أينما كانوا في الشوارع أو في البالوعات أو على قضبان السكة الحديد، أو حتى في المستشفيات، وإن تعرضوا لأي طارئ – ليس لهم دية- ولكنهم برغم من ذلك لا يعبأون بهذا الخطر، من أجل لقمة العيش، وإعالة أسرهم وتلبية احتياجاتهم..”ولاد البلد” يرصد في التحقيق التالي بعض نماذج للعاملين في المهن الخطرة.

محمد سالم: بسلك المجارى ومنين ما أخلص شغلى ألم عدتى وامشى

شاءت الأقدار أن تكون مهنة محمد أحمد محمد سالم، 27 عامًا، في الشوارع، يتخذ من عمامته واقيًا من لهيب الشمس، ومن بذلته الصفراء حمايةً له من المخاطر، التي قد يتعرض لها كل يوم، في سبيل الإنفاق على زوجته، التي تنتظر طفلها الأول بعد 5 سنوات من الزواج.

يقول محمد: “أنا بقالي سنتين شغال في الشغلانة دي، في البلاعات والشوارع طول النهار، وشغلانتي حسب ما الشركة توديني مرة حي شرق ومرة حي غرب على حسب العطل في شبكة الصرف، اتحمل سخونة الجو، ولهيب الشمس عشان أصرف على بيتي وابني اللى جاي في السكة”.

في منتصف إحدى شوارع حي غرب أسيوط يقف محمد ممسكًا بفأس حديدية ليفتح بها بالوعة صرف صحي توسطت الشارع ليربك حركة المرور بجانبه، وما إن ينتهي من إلقاء الغطاء الذي يبلغ وزنه نحو 150 كيلو مترًا، إلا وتنبعث عليه ألوان من الروائح والمخلفات الكريهة ليحضر “خرازان” التسليك الذي يحمله ويبدأ في تسليك المجاري داخل البالوعة.

قد تستغرق عملية تسليك البالوعة ساعة أو أكثر، كلٌ بحسب كمية العوائق داخل  البالوعة، ويقول محمد: “أنا بفتح البلاعة وبشوف إيه اللى وراها ومنين ما تتسلك بلم عدتي وامشي”.

وعن المخاطر التي يواجهها يؤكد أن غالبية البالوعات تقع في عرض الشوارع الرئيسية، وتكون ذات عمق كبير للغاية.. “ممكن تيجي عربية تشيلني ولا أقع في البلاعة مطلعش تاني”، ولكنه يجد صعوبة في تسليك البالوعات التي تحتوى على مخلفات صلبة خاصة في موسم عيد الأضحي والذبح داخل الوحدات السكنية.

ينهي سالم حديثه بقوله برغم كل ما يعانيه في عمله، إلا أنه مازال مؤقتًا، ويأمل هو وزملاؤه في التثبيت لضمان دخل ثابت يعول منه أسرته، حيث يحصل على راتب لا يتجاوز الـ350 جنيهًا.

ممدوح جلال: وارد أُصاب بصعق كهربى أو أقع من فوق كوبرى

تركنا محمد سالم أثناء انتهاء عمله فى إحدى البالوعات، لنجد عم ممدوح جلال، فني كهرباء بشركة المقاولين العرب، أسفل كوبري الأزهر الجديد يرتدى زي العمل، ويحمل في يده زرادية وبعض المفكات، حيث بدت عليه علامات الهرم، إذ يبلغ من العمر 50 عامًا، قضى منها عشرون عامًا في العمل في التوصيلات الكهربية في المواقع المختلفة.

يقول جلال إنه في بداية عمله واجه صعوبات كثيرة أولها عمله باليومية في الشركة عام 1996 وظل على هذا الوضع نحو 12 عامًا،إلا أن تم تثبيته في عام 2008 الماضي والتأمين عليه وزملاءه، ويتراوح راتبه من 2500 إلى 2700 جنيهًا ويتم الخصم منهم بحسب ظروف العمل.

ويحكى عن مخاطر مهنته فيقول: “المهنة فيها مخاطر زى أي مهنة تاني، أنا شغال في الكهرباء والتوصيلات الكهربية، وارد أصاب بصعق كهربائي، ووارد أقع من فوق كوبري، وحياتي تخلص على كدة، لكن الحمد لله أهي مهنة بناكل منها عيش ونكفي عيالنا”.

العم جلال هو المكلف بتنفيذ التوصيلات الكهربية لأي موقع تتبناه شركة “المقاولون العرب” في أي مكان، إذ يقول إنه يسافر إلى المحافظات الأخرى طبقًا لظروف العمل لينجز مهامه في توصيل الكهرباء.

ويضيف “أي صنايعي شغال ممكن فردة السلك تسيح منه وتموته”، مشيرًا إلى أنه كلما مضت سنوات من العمل في هذه المهنة زادت خبرته، ويقول: “الشغل بيتكرر في كل مكان، بس الأهم الخبرة والحرفنة في العمل”.

تركنا العم محمد بعد حديثه الأخير عن استياءه من درجات التعيين حيث تتم ترقيه من هم أصغر منه سنًا برغم من إفنائه نصف عمره في العمل، للكشف عن إحدى التوصيلات بجسم الكوبري.

وائل زكريا: جمع الزبالة شغلانة كلها خطر وملناش تأمين صحى

بضع مئات من الجنيهات هي قيمة ما يتقاضاه وائل زكريا، شهريًا عن عمله في جمع عملية القمامة والمخلفات، غير عابئ بسخونة الشمس أو برودة الجو، إنما هدفه أداء عمله.

وائل شاب يبلغ من العمر 24 عامًا، ويعمل في جمع القمامة منذ ثلاثة أعوام بحي غرب مدينة أسيوط، متزوج حديثًا، ويتقاضي نحو 445 جنيها في نظير عمله.

يسرد تفاصيل يومه قائلا: “بصحى يوميا من الساعة 6 صباحا، أفطر وأركب مواصلاتى من قرية سلام إلى المدينة، وأجي على حي غرب أعرف خط سيرى على حسب المشرف ما يقلي، ومعايا صندوقي ومكنستى وعلاقتي، وبدخل في الشوارع اللى اتحددت ليا، أشيل منها الزبالة والمخلفات”.

“أنا بحب أشتغل بما يرضى الله، بس المهنة دى مليانة خطر، ساعات الزبالة بيكون فيها زجاج وبلاستيك ناشف مش بشوفه وأنا بشيلها، وممكن ألاقى عقرب في الزبالة فلو مخدتش بالي أروح في شربة ميه، وكمان الأمراض اللي بنشوفها بتيجى من الزبالة والريحة اللى محدش يقدر يستحملها، بس دى لقمة عيشنا”.

ويكمل: “طب أنا لو قرصتنى عقرب هروح فين وأجي منين؟، لا فيه فلوس ولا تأمين صحي ولا حتى تعويض، وأدينى بشتغل والأعمار بيد الله، كل يوم الصبح ألم الزبالة وكل حاجة، وبتمنى يثبتونى عشان أقدر أصرف على بيتي وعيالي”.

يختتم زكريا حديثه بقوله: “أنا مش عارف أعمل إيه البلد مفيهاش شغل ولا حاجة، والواحد مش عارف يعيش، والدنيا كلها مصاريف وأديني متعلق بقشاية لحد ما ربنا يفرجها بشغلانة كويسة”.

عم فتحي: بشتغل على صيانة القضبان.. ورجلى اتكسرت ومحدش سأل فيا!

“انتو الصحافة طب تعالوا شوفونا ده إحنا بنموت كل يوم على القضبان، ومحدش معبرنا”، جاء مهرولًا مرتديًا ملابس العمل البالية، وطغت على ملامح وجهه التجاعيد، وتركت الشمس آثارها على جبينه أشعة، ليصر على الاستماع لشكواه ومعايشة معاناته.

بدت عليه ملامح الخوف لبرهة، ثم طلب أن نناديه بالعم فتحي فقط دون معرفة بقية اسمه، وأخذ يتحدث قائلا:”إحنا بنرمي نفسنا فوق القضبان ومش بناخد مليم على شغلنا ده، ومكلفين بصيانة قضبان السكة الحديد وأحيانًا بنشتغل فنيين براد وكل ده ببلاش”.

ويتابع: “أنا بشتغل بقالي 20 سنة في صيانة القضبان، وأغلب المواقع مفيهاش مزلقانات وساعات ييجى القطر على طول، ولولا ستر ربنا وإننا بنبلغ بعضينا كنا بقينا حتت تحت القطر، واللى يتعور في شغلانتا دي ملوش دية”.

ويشرح فتحي عن واقعة حدثت له قائلا: تعرضت من قبل لكسر في ساقي، حينما كنت أقوم بتغيير القضيب، وفوجئت بجرار قطار يصدمني، وعالجت نفسي على حسابي الخاص، “ولا كأننا شغالين في هيئة ولينا تأمين ولا وزير يسأل فينا، وأنا مرتبي 950 جنيه مش بيكفي مصاريف بيتي ولا عيالي الخمسة وأمهم”.

وينوه بأن أحد زملائه فقد ساقه تحت عجلات قطار، ويعيش الآن دون عمل ولا مقابل مادي، لافتًا إلى أنه برغم من إضافته وزملائه على عملية التشغيل، إلا أن الهيئة لا تلتزم بهم صحيًا ولا اجتماعيًا، بل إنهم يؤدون عمل إضافي دون مقابل، ومطالبون بتنفيذه، ويختم حديثه: “أدى الله وحكمته، وياريت يا وزير النقل تبص على عمال الصيانة”.

طه عبادة: نتعرض يوميًا للإشعاعات الخطرة.. وبناخد بدل عدوى 4 جنيه

يستقبل عشرات المرضي يوميًا ويساعدهم على التماثل للشفاء، دون أن يعبئ بحجم المخاطر، التي قد تحدث له جراء ذلك، بل يعتبر ذلك رسالة سامية يؤديها كل يوم دون كلل أو ملل، طه عبادة، 28 عامًا، شاب متزوج حديثًا، ويعمل فني أشعة في أحد المستشفيات الحكومية، حيث يتعامل ويحتكك بشكل مباشر بالمرضى الراغبين في عمل الأشعة بأنواعها، وبالفعل يجريها في غرفة معقمة وأجهزة معدة لذلك، وما إن يخرج من الغرفة لا يدرى ماذا أصابه ولا حجم الإشعاعات التي تعرض لها.

يقول طه: “أنا شغال فني بقالي حوالي 7 سنين، وعارف إنى في مجال مليان خطر وممكن أنصاب، بس دى شغلتى ورسالتي اللي لازم أعملها على أكمل وجه”.

ويضيف أن تأثير الأشعة على الفني لها شقين الأول تأثير لحظي ومنها تغير كرات الدم الحمراء، التي بدورها تضعف خلايا الجسد، والشق الثاني التأثير على المدى البعيد مع كثرة الجرعات التي نتعرض لها مثل السرطان وعتامة العين.

ويشير إلى أن التعامل المباشر مع المريض خاصة المصاب بأمراض معدية في الجهاز التنفسي والإنفلونزا بأنواعها ونزيف الدم، له تأثير خطير للغاية، فضلا عن لمس المريض ووضعه في نطاق معين قبل الأشعة المقطعية بخلاف الأشعة العادية، ونتغلب على المخاطر بأقل الإمكان بالوقوف وراء حاجز معين للابتعاد عن المريض قدر الإمكان، ومن المحتمل ارتداء بدلة واقية ونظارة وهذا غير متوافر في أغلب الأحيان.

وطبقًا للقانون يقول إن العمل لمدة 6 ساعات فقط، ولكننا نقسمه فيما بيننا، فضلا عن توفير وجبة تتضمن بروتين حيواني ولبن وبيض للتغلب على المخاطر التي نتعرض لها، كما أن هناك وحدة لقياس مدى التعرض للأشعة ليتم رفعه للوزارة كل ستة أشهر لتحديد مقدار الإشعاع بالجسم، فضلا عن تنفيذ متابعة دورية لكل فني تشمل تحليل صورة دم.

ويختتم حديثه قائلا: “كل البلاوي دى وفي الآخر بدل العدوى من 4 إلى 6 جنيهات، مقارنة ببدل عدوى القضاة والطبقات الأخرى”.

أحمد جابر: دباغة الجلود أخدت مننا وماعطتناش غير المرض

لا تظن به سوءً إذا رأيته يقف عاريًا أثناء عمله، فهو يتحمل أعباء تفوق طاقة البشر تجعله لا يقوى على ارتداء ملابسه، إذ تعد مهنة دباغة الجلود من أكثر المهن الشاقة وأشدها خطورة، ولكن يحرص العاملون فيها على حمايتها من الاندثار.

“الدباغة أخدت مننا وماعطتناش غير المرض”، هكذا يصف أحمد جابر، 55 عامًا، عامل في دباغة الجلود، صعوبة العمل بمهنته قائلا: إنه يعمل بهذه الحرفة منذ أكثر من 40 عاما، شهد خلالها الكثير من المتاعب وضيق العيش.. “الدباغة مش بتجبلنا فلوس بس إحنا شغالين فيها لأنها مهنتنا الوحيدة وياما اتعرضنا لأمراض بسببها”.

ويوضح أن أغلب العاملين بدباغة الجلود يتعرضون لأمراض جلدية، نظرا لشدة المادة المستخدمة فى الدباغة “بتهري جلدنا”، وأيضا ضيق التنفس بسبب الروائح الشديدة بسبب تراكم الجلود فوق بعضها البعض، التي تتسبب في أمراض صدرية، نظرا لاستنشاق أدخنة وأبخرة الدباغة، بالإضافة لعدم توافر صرف صحي في المكان مما يزيد الأمر سوءً علينا، ويقول: “طلبنا من المسؤولين توصيل هذا المرفق أكثر من مرة ولكن محدش نفذلنا طلب”.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل