المحتوى الرئيسى

«زي النهارده».. إعدام رئيس وزراء تركيا عدنان مندريس بعد انقلاب 17 سبتمبر 1960 | المصري اليوم

09/17 02:47

شغل عدنان مندريس، منصب رئيس وزراء تركيا، خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي، وخرج من معطف مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، ليتحدى تشريعاته العلمانية.

وعلى الرغم من أنه أدخل تركيا في حلف شمال الأطلسي، وجعلها رأس حربة الغرب في مواجهة الاتحاد السوفييتي، فإن ذلك لم يشفع له حينما تحرك الجيش ضده في أول انقلاب في تاريخ تركيا المعاصر، ليحكم عليه بالموت مع عدد من رفاقه بعد عشر سنوات قضاها في الحكم.

ولم يكن «مندريس» إسلاميًا، بل كان عضوًا في حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه «أتاتورك» ونائبا عن الحزب في البرلمان، لكنه اتخذ، عام 1945، مع ثلاثة نواب آخرين موقفًا معارضًا لزعيم حزبهم ورئيس الوزراء، عصمت إينونو، خليفة أتاتورك وحامي ميراثه العلماني.

وانفصل النواب الأربعة ليشكلوا حزبًا جديدًا هو الحزب الديمقراطي بزعامة «مندريس»، وفي عام 1946 شارك الحزب الجديد في الانتخابات العامة، ولم يحصل إلا على 62 مقعدًا، ثم عاد ليشارك في انتخابات 1950 ليفوز بأغلبية ساحقة.

وشكّل «مندريس» الحكومة ووضعت حدًا لهيمنة حزب الشعب الجمهوري، الذي حكم تركيا منذ إعلان الجمهورية،عام 1923، ووفى بوعوده الانتخابية، إذ جعل رفع الأذان في المساجد باللغة العربية، وأدخل الدروس الدينية إلى المدارس العامة، وفتح أول معهد ديني عال إلى جانب مراكز تعليم القرآن الكريم.

وقام بحملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة وافتتاح المصانع وتشييد الطرقات والجسور والمدارس والجامعات، وفي عهد حكومته استطاع تطوير الاقتصاد وتقلصت البطالة وتحررت التجارة وساد الاستقرار السياسي.

ولم يكن «مندريس» على ضوء ما حققه إسلاميًا أو مؤيدًا للإسلاميين، بل على العكس من ذلك وضع تركيا في قلب العالم الغربي، حينما انضمت في عهده إلى حلف شمال الأطلسي، وأقام علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وساند مخططاتها في المنطقة وخارجها، بما في ذلك إرسال قوات تركية إلى كوريا.

كما ووضع تركيا في مواجهة حركة القومية العربية الصاعدة، آنذاك، بزعامة عبدالناصر، وفي انتخابات عام 1954 فاز الحزب الديمقراطي بالأغلبية المطلقة واستمر «مندريس» في رئاسة الحكومة، لكنه لم ينجح في إنقاذ الاقتصاد التركي من التدهور، فخسر جزءًا من مقاعده في انتخابات عام 1957.

ومع نهاية الخمسينيات كانت إجراءات «مندريس» الداخلية استفزت القوى العلمانية، التي تمكنت من حشد قوى اجتماعية، وخاصة داخل الجامعات والجيش لمعارضة سياسات الحكومة، فوقعت أحداث شغب ومظاهرات كبيرة في شوارع إسطنبول وأنقرة.

وخرج طلاب مدرسة القوات البرية في مسيرة صامتة إلى مجلس الشعب بأنقرة، احتجاجًا على سياسات «مندريس»، وفي27 مايو 1960 تحرك الجيش التركي ليقوم بأول انقلاب عسكري في العهد الجمهوري، وسيطر على الحكم 38 ضابطًا برئاسة الجنرال جمال جورسيل، وأحال الانقلابيون 235 جنرالًا و5000 آلاف ضابط بينهم رئيس هيئة الأركان إلى التقاعد.

واعتُقل «مندريس» ورئيس الجمهورية، جلال بايار، مع عدد من الوزراء، وبعد محاكمة صورية تم سجن رئيس الجمهورية مدى الحياة، فيما حكم بالإعدام على «مندريس» ووزير خارجيته، فطين رشدي زورلو، ووزير ماليته حسن بلاتقان.

وكانت تهمة «مندريس» ورفاقه هي اعتزامهم قلب النظام العلماني وتأسيس دولة دينية، وتم تنفيذ الحكم «زي النهارده» في 17 سبتمبر 1960.

وبعد أيام نفذ حكم الإعدام بوزيريه، وتم دفنهم في الجزيرة ذاتها وكان إحساس الكثير من الأتراك أن مندريس ورفيقيه قتلا ظلما، واستمر هذا الإحساس يتصاعد شهرا بعد شهر وعاما بعد عام حتى عام 1990 عندما التقط الرئيس تورغوت أوزال نبض شعبه فاتخذ قرارا جريئا بإعادة الاعتبار لمندريس ورفيقيه بولتكان وزورلو، وأوعز إلى نواب حزبه (الوطن الأم) الذين كانوا يمثلون الأغلبية في المجلس الوطني الكبير (مجلس النواب) بإصدار قانون يردُّ الاعتبار لمندريس ورفيقيه وهذا ما قام به البرالمان التركي الذي أصدر في 11 أبريل 1990 القانون رقم 3623 الذي قضى بإعادة الاعتبار لعدنان مندريس وزملائه الذين أعدموا في نفس القضية.، وسارع إلى إصدار مرسوم جمهوري بالقانون.

ثمَّ أصدر أمرا بنقل رفاتهم من جزيرة ياسي أضه حيث دفنوا بعد إعدامهم إلى مقبرة خاصة أقامتها بلدية إسطنبول على تلة مطلة على أحد أوسع شوارع منطقة توب كابي، وفي 17 سبتمبر 1990 في الذكرى 29 لإعدامه شارك أوزال بنفسه مع أركان الدولة وقادة الجيش ورؤساء الأحزاب وجماهير غفيرة من الشعب في استقبال الرفات، وواكب بنفسه مراسيم إعادة دفن رفاتهم في القبور الجديدة، وقرأ الفاتحة على أرواحهم ووصفهم في كلمة تأبينية خلال الحفل بشهداء الوطن، وخرجت الصحف في اليوم التالي لتصف عدنان مندريس وفطين زورلو وحسن بولتكان بشهداء الوطن والديمقراطية تم تسمية مطار مدينة إزمير باسمه والعديد من الشوارع والجامعات والمدارس مثل جامعة عدنان مندريس.. امتناناً لدوره في الحياة المدنية التركية.. وإدانة ودفناً لإرث العسكر وانقلاباتهم.

وفي عام 2010 جاءت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تُجرًّم الانقلابات العسكرية ليعاقب عليها القانون بأثر رجعي، بمثابة إعادة اعتبار شعبي له بعد خمسين عاما من الانقلاب العسكري الذي أطاح به وفي عام 2012 اشتكى عدد من نواب البرلمان التركي، من إهمال قضية إعادة الاعتبار لرئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس.

وفي نهاية العام 2012، تقدم برهان كوزو رئيس اللجنة الدستورية بالبرلمان التركي بطلب إلى البرلمان بإعادة الاعتبار إلى رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل