المحتوى الرئيسى

شقيقتان خلف أسوار الحياة!!

09/15 15:02

ينطلق أذان الفجر، فتبدأ الأم الستينية رحلتها الصباحية المعتادة، تعد فطور ابنتين مقيدتين بالسلاسل منذ 13 عاماً، لا تبرحان أماكنهما، تغادر منزلها باتجاه عمل شاق في تنظيف بيوت الأغنياء، تاركةً ابنتيها رهن السلاسل الحديدية لما يقارب 15 ساعة يومياً، دون ذلك لا تستطيع مواجهة أعباء الحياة.

زارت «الوفد» منزل الأسرة، حيث لم يكن سوى زوجة شقيق الفتاتين، التي تقيم في شقة منفصلة داخل حيز المنزل الريفي البسيط، على مقربة من مكان مغلق على الشقيقتين المسلسلتين، من شرفة تتوسط محل إقامتهما أطلت الشقيقة الكبرى «حسنية» ممسكة بقضبانها، وبدت أميرة جالسة القرفصاء، كعادة لا تفارقها ليلاً ونهاراً.

قالت زوجة شقيقهما: إن الأم الستينية تغادر منزلها فجراً، وأن شقيقهما يعمل باليومية في أحد مصانع الطوب، وينفق بالكاد على أبنائه، حيث لا استقرار في عمله، ولا فائض في دخله، وأخبرتنا أن الباب يظل مغلقاً على الشقيقتين، خوفاً من هروبهما.

قصة الفتاتين تلخص قسوة الحياة، حسبما روت لنا الأم فيما بعد، حيث رحلة علاجية على أمل تشخيص واضح للمرض لم تسفر عن شيء، ورغبة أم مقسومة على وجع توفير لقمة عيش كريمة، وألم البحث عن مخرج لفتاتين مقيدتين بالسلاسل، دون أثر لحياة، نظير إقامة دائمة في غرفتين متجاورتين، لا تبرحانهما حتى لـ«قضاء الحاجة».

في شارع عبدالمحسن رزق، قرية عرب القميعي، التابعة لمركز الصف، يقع منزل أسرة السيدة فوزية محمد عبدالمحسن- 60 عاماً- والدة الفتاتين، للمنزل بوابة حديدية خضراء اللون تتوارى خلفها ملامح الفقر المدقع الذي تحياه أسرة تُسلسل ابنتيها «حسنية، أميرة»، لتصبح قضبان الحياة أشد قسوة، والمنزل زنزانة أبدية يلخص قهرها في وجه الأم.

إلى جوار الباب الرئيسي يقع حوض أسمنتي تعلوه «حنفية» للشرب والأغراض الأخرى، والحوض ليس له جهة صرف سوى «حَلّة» تنزح بها «فوزية» المياه حال تساويها مع حافته، وعلى اليمين غرفة صغيرة للنوم، يتقدمها مساحة خالية لا تتجاوز «متر ونصف» للمعيشة، ويجاورها بابٌ لغرفتين متداخلتين، والغرف الثلاث تعرّفها فوزية بـ«الدفانة»، وتشترك في سقف خشبي حديث النشأة، تبرع به فاعل خير.

«الدفانة» هو مكان لإقامة «حسنية عيد عبدالرازق» وشقيقتها «أميرة»، بعد رحيل والدهما في منتصف عام 2011 بـ«مستشفى الصحة النفسية بحلوان»، للشقيقتين غرفتان يفصلهما جدار به فتحة تشبه النافذة لكنها ليست مغطاة بأي شيء.

 تقول فوزية، إنها سميت الدفانة بسبب دفن السلاسل في الأرض بطبقة خرسانية، وربط الوالد الذي كان يعاني الصرع والتخلف العقلي بعد بلوغه سن الأربعين بها، ومن بعده ابنتاه، منعاً لأي اتصال بينهما ينتج عنه «أكل بعضهما البعض» وتقطيع الملابس ورشق من تقابلانه بالأحجار».

داخل إحدى الغرفتين، بدت حسنية عيد عبدالرازق- 22عاماً- الابنة الكبرى، ذات البشرة السمراء الداكنة، والشعر الأجعد القصير، والجسد الذي تحسبه متورماً، لولا أن والدتها أشارت إلى «فتاء» يتزايد على بطنها دون أي محاولة للعلاج؛ بسبب فقرها الشديد، جالسة على الأرض المنحوتة ببقايا «سيراميك» تبرع به فاعل خير- ليس رفاهية- كما يبدو الأمر للوهلة الأولى، وإنما لتخفيف عناء الأم في مسح «بول وبراز» الشقيقتين- بحسب قولها.

ومن الفتحة التي تتوسط الجدار الفاصل بين غرفتيهما، بدت أميرة -18عاماً- الشقيقة الصغرى- جالسة القرفصاء، واضعة رأسها بين قدميها كاعتراضٍ ضمني على تجاهل المجتمع لمعاناة أسرة مصلوبة على وجع الفقر، تتقاسم أميرة مع شقيقتها بشرة سوداء داكنة، وشعراً أجعد قصيراً، وتحتفظ بخصوصية الجسد النحيل، وإلى جوار كل منهما سرير ليس عليه شيء سوى قطع من الأخشاب بلا «مرتبة» أو بطانية أو ما يمكّن من النوم..

الشقيقتان ذاتا «السلاسل» تشتركان في خاصية الأكل بشراهة شديدة، «لو حطيت قدام كل واحدة فيهم أي كمية أكل بيخلصوه في أي وقت، بس مصاريفي قليلة ويادوب بتكفيهم»، قالت الأم.

حكت الأم تفاصيل مهمة «ربط السلاسل» اليومية، قالت إنها تبدأ بالقدم اليمنى لكل منهما على حدة، وسط استسلام تام، فإذا بدت عليهما علامات التورم، تنتقل السلسلة إلى القدم اليسرى، وبعدها اليد اليمنى ثم اليسرى، وأحياناً تلجأ إلى وضعها بالرقبة.

واستطردت: «أنا بعمل كده عشان بطلع من الفجر ومبرجعش غير بعد المغرب».. هكذا عقبت السيدة فوزية التي تعمل خادمة بحسب الطلب.

غرفة حسنية يكاد ضوؤها الخافت المنبثق من لمبة صغيرة يضعف حاسة البصر، قبل الحديث إليها قالت الأم «حسنية بتتكلم بس مدخلتش مدرسة خالص»، عن السلسلة الحديدية قالت الفتاة «مش بتضايقني، وبقطعها وبتخانق مع أختي وبعورها، بس بنتصالح»، مرض حسنية لم يمنعها من الامتنان لأمها «أمي بتجيب لنا اللي احنا عاوزينه»، سألتها عن أمنيتها «طلبها» فأجابت «معرفش بقى»..!

غرفة أميرة في مقابلة الباب الرئيسي، الذي تتسلل منه أشعة الشمس، دون أن تخالط رأسها، أميرة تجلس دائماً في وضعية «تنكيس الرأس»، «ارفعي وشك يا أميرة»، قالت أمها، استجابت لدقائق ثم عاودت الاحتجاج بإخفاء وجهها، أردفت الأم قائلة «هي كده على طول، لكنها حين تثور، تقتلع هذه السلسلة من الأرض، وتقطّع أختها».

 «حسنية» كانت تراقبنا من الشرفة التي تتوسط الجدار الفاصل بينهما، سمعت صوت ارتطام «بولها» بـ«السيراميك»، فأدارت الأم وجهها في خجل.

صمتت «فوزية» التي خطت الأيام على وجهها تجاعيد الألم حين كنا نتنقل بين ابنتيها في محاولة للتعرف إليهما، وتخطت حاجز الصمت حين طلبنا منها رواية القصة منذ بدايتها، وإلى أي مدى يمكننا التعرف على تشخيص واضح لحالة الفتاتين، وكيف تحتملان السلاسل طوال الوقت، وماذا يحدث حال غيابها عن البيت؟

روت الأم وقد غالبتها الدموع متنقلة بين فقرها ومرض ابنتيها «أصيب زوجي بعد سن الـ40، وكان يعمل في مصانع الطوب التي تقع على أطراف القرية، حتى فوجئنا بأنه يخرج إلى الشارع هائجاً كالثور، ويضرب المارة بالأحجار، وقتها كانت حسنية وأميرة في سن صغيرة، واقترح شقيقه الراحل رزق تقييده بالسلاسل في غرفة «الدفانة»، تجنباً لمشاكله وحفاظاً عليه، ظل هكذا لمدة 19 عاماً، قبل أن ينتقل في نهاية 2010 إلى مستشفى الصحة النفسية بحلوان، ويوافيه الأجل هناك بعد 6 أشهر من احتجازه بها».

«أميرة كانت كويسة حتي أولى إعدادي»- تستكمل الأم روايتها- لافتة إلى أنها جلست في المنزل إلى جوار شقيقتها «حسنية»، التي ظهرت عليها أيضاً أعراض المرض، وهي في سن الحادية عشرة من عمرها.

 وتضيف: تقضيان اليوم بأكمله داخل الغرفتين، ومن الخارج نضع قفلاً على الباب حتى لا تخرجا للشارع أثناء غيابي عن البيت، مؤكدة استطاعتهما نزع السلسلة من الأرض، وكسر الباب في أي وقت، والهروب إلى أماكن خارج القرية، وقد غابت حسنية شهرين قبل كذلك، وعثر عليها خالها أسفل كوبري المنيب.

قصة غياب حسنية وضعت الأم في مواجهة ماض لا تريد ذكره، قالت «فوزية»: الغرفتان لم يكن عليهما سقف حتى فترة قريبة، وذات يوم بعد وفاة والدهما، عدت من العمل قبل المغرب، ومع دخولي غرفة «البنات» شاهدت قدم شخص تتسلق الحائط المؤدي للشارع، لم أتمكن من اللحاق به، وفجر اليوم التالي استيقظت فلم أجدها- «حسنية»- في المنزل، بحثت عنها داخل القرية دون جدوى، واستمر البحث عنها لمدة شهرين حتى وجدناها أسفل كوبري المنيب.

«حسنية وأميرة» ممنوعتان من تناول اللحوم، حتى لا تزيد قوتهما، فيتطور معهما الأمر بعد نزع السلاسل إلى «تقطيع لحم بعض».. حسب روايتها.

تخرج فوزية لعملها بعد الفجر مباشرةً، قبل خروجها حسبما تروي تعد لهما طعامهما، وفراشهما، وتنظف أماكنهما، وحين تعود تغسل لهما آثار الطعام و«البول والبراز»، حسنية وأميرة تتبولان وتتبرزان في ذات المكان الذي تأكلان فيه».

يومية الأم في خدمتها 30 جنيهاً، والعمل يأتيها وفق حاجة منازل الأغنياء إلى «خادمة» ، لكنَّ أحداً لم يسعف حاجة ابنتيها للعلاج، وفي ذلك قالت راوية أحمد قرني، الناشطة الاجتماعية بالقرية، إن الأثرياء ليسوا من أهالي القرية أصلاً، وإن رحلة علاج الفتاتين عمرها 8 سنوات دون نتائج تذكر.

«راوية» التي تملك مفتاح التعامل مع «حسنية وأميرة»، قالت: ذهبت بهما مرتين لمستشفى استثماري للصحة النفسية، وقيمة الكشف العالية منعت من الوصول إلى تشخيص واضح للحالة، والأطباء أخبروني أن «الحجز بـ 600 جنيه للفرد، ولم نستطع توفير هذا المبلغ الكبير».

وأضافت لـ«الوفد»: في مستشفى حلوان العام، صرفوا 6 أنواع من الحبوب، لكنها لم تمنع نوبة الهيجان التي تأتيهما، وتوقفنا عن متابعة الكشف بسبب قلة «الفلوس»، وتستطرد قائلة: «آخر مرة روحنا المستشفى من 3 سنين».

روت الناشطة الاجتماعية تفاصيل رحلة علاج الفتاتين، التي تضمنت تشخيصين مختلفين، أحدهما داخل مستشفى عام للصحة النفسية، والآخر في مستشفى استثماري، أملاً في الوصول إلى علاج واضح يضمن لهما على الأقل (كارنيه إعاقة) يسعف في الحصول على معاش شهري، يزيح عن الأم عبء خدمة البيوت التي أرهقت بدنها، ويفرغها لخدمة الفتاتين.

رحلة العلاج كانت مصحوبة بتخوف الأم من حجز ابنتيها، حيث غالبتها عاطفة الأمومة، واستوحشت فراق الفتاتين، ولو على حساب علاج لن يأتي إلا باحتجازهما لتوفير عناية كاملة، تخفف حدة الألم المكرر يومياً، في رعايتهما، والبحث عن نفقات علاج شهري يقيهما حالات التشنج، والصرع.

تقول «راوية»، اصطحبت الأم وابنتيها لـ«مستشفى ح. العام للصحة النفسية»، على البوابة الرئيسية للمستشفى استوقفنا فرد أمن -«شاب عشريني يرتدي زياً «كحلي»- أشبه بزي الشرطة، سألنا مباشرة «كشف ولا زيارة».. قلنا له «كشف»، سأل رجل الأمن عن سن الفتاتين فأخبرته: إن حسنية 20 وشقيقتها 16 عاماً، فقال «لا مينفعش.. كده واحدة بس اللي هتكشف، لازم تبقى أكبر من 16، فقالت له اعتبرها 18، طلب فرد الأمن بطاقتيهما، فأخبرته أنهما بلا «بطاقات شخصية».. فسجل بياناتها وطلب منها عدم توضيح عمرهما في الداخل لتتمكنا من إجراء الكشف.

في الطريق إلى المستشفى الذي امتد لساعة كاملة لم تنطق الأم بكلمة واحدة، أما حسنية وأميرة فلم تلتفتا يميناً أو يساراً طوال الرحلة»- بحسب روايتها، داخل المبنى المكون من طابق واحد جلست الأم وابنتاها على «دكة» مجاورة للحمام، بضع دقائق حتى بدأ المُمرض في النداء على المرضى بحسب ترتيب التذاكر، وفي الحادية عشرة جاء دورنا في الدخول إلى غرفة الطبيبة، حيث مكتب يقابله ثلاثة مقاعد ملتصقة فقط، جلست عليها الأسرة، واستمر الكشف لفترة لم تتجاوز الـ7 دقائق.

 سألت الطبيبة «أ. ع» بعد اصطفافهم على المقاعد الثلاثة في مواجهتها، عما إذا كانت هذه أول زيارة للمستشفى، فأجابت راوية «نعم»، واصلت أسئلتها عن الأعراض التي تظهر على «حسنية وأميرة»، فقالت راوية «هما بيجيلهم صرع ومسلسلين في البيت، فأبدت الطبيبة دهشتها «مسلسلين إزاي»!! فأردفت راوية «مقيدين يعني»ّ، سألت أيضاً عن نوبات الصرع، فقالت الأم: نعم، أبوهم كان مصاباً بنفس المرض، ومات في المستشفى، وجبناهم من سنين هنا، وليس معنا علاج».

سألت الطبيبة، ما إذا كانت لديهما قدرة على النطق، فقالت لها «نعم»، فنادت الطبيبة «أميرة.. أميرة» دون رد منها، قالت الأم ردي يا أميرة.. فنطقت «إيه»، سألت الطبيبة «بتشتكي من إيه»، أجابت أميرة ولم تزل رأسها إلى أسفل «مفيش حاجة».

شرعت الطبيبة مباشرة في كتابة العلاج، قاطعتها- راوية- «ما هو التشخيص يادكتورة؟»..فقالت «صرع مع تخلف عقلي»، واصلت الأسئلة «هل هي حالة نادرة؟» فأجابت «لا مش نادرة».

أخبرتها راوية، بأنهما حين تنزعان السلاسل، تتشاجران حد تقطيع الأجساد، فصمتت دون رد، وبعد دقيقتين قلت لها «هل هناك عامل وراثي» فاكتفت بكلمة «أكيد»!. واستمرت في كتابة العلاج، وطلبت من الأم حكاية قصتها للطبيبة، لكنها خجلت إزاء تركيز الأخيرة في كتابة العلاج «6 أنواع من الحبوب»، وتوصية بمتابعة بعد أسبوعين، فصرفت من صيدلية المستشفى، وانصرفت.

 التشخيص في المستشفى العام لم يكن مقنعاً، لذلك ذهبت راوية بالفتاتين، إلى مستشفى استثماري بـ«مركز العياط»، هناك أخبرها الموظف الثلاثيني، أن التذكرة للفرد تكلفتها 60 جنيهاً فقطعت تذكرتين، وأعطتهما للممرض الذي يجلس في طرقة ممتدة أمام غرفة الطبيب، «إنتوا رقم 18 يعني هتستنوا ساعتين وربع».. هكذا أخبرها الممرض.

في الثانية ظهراً، جاء دور «حسنية وأميرة» في الكشف ، دخلنا معهما حيث غرفة بها مكتب الطبيب يعلوه جهاز قياس الضغط، وأمامه مقعدان متقابلان، وثالث في مواجهته، وعن يساره سرير لم تطأه إحداهما.

قالت: إن المشهد يختلف في المستشفى الاستثماري عن نظيره العام، من حيث ساعات الانتظار، والزحام الشديد، وجهاز قياس الضغط، وأسئلة الطبيب.

وأضافت: في المستشفى الاستثماري استمر الكشف 11 دقيقة، بزيادة تبلغ خمس دقائق على نظيره العام، بدأ الطبيب «و. م» بالسؤال عن عمريهما، فقلت «20، 18»، وأن المرض بدأ بعد بلوغ كل منهما سن الحادية عشرة، سأل: «عملتوا لهم اختبار ذكاء ولا معملتوش»، فأجبت «لا»، وجه سؤالاً آخر للوالدة «فوزية».. بيفهموكي كويس ولا مبيفهموش.. قالت «لأ.. مبيفهموش».

طلبت راوية منها أن تروي له حقيقة تشاجرهما معاً، وتمزيق الملابس، وانتزاع السلاسل، فقالت الأم «ساعات وساعات»، لم ينتبه وسأل «هل عندهم ضغط أو سكر؟».. قالت الأم ..لا..!

لفتت راوية نظر الطبيب الذي لم يسأل مطلقاً عن صحة الأبوين، وما إذا كان هناك سبب وراثي، إلى أن الوالد كان مصاباً بهذا المرض حتى توفي، لكنه عرج على إشارتها متطرقاً إلى حديث مع «حسنية» على النحو الآتي.. «إزيك يا حسنية.. أخبارك إيه»؟.. «لم تجب»،.. اسمك حسنية إيه؟.. أجابت.. حسنية عيد، بلدكم اسمها إيه؟.. مش عارفة.. قال «مش عارفة بلدكم اسمها إيه؟».. قالت «الحبة السمرا،.. كرر سؤاله فكررت  «الحبة السمرا..!» وأردفت قائلة «مش عارفة»..

سألها «النهاردة يوم إيه؟».. فقالت «الأربعاء» طب أنا بشتغل إيه، معايا سماعة أهه يبقى أنا بشتغل إيه؟..فقالت «الحبة السمرا.. عرب القميعي»..

كرر سؤاله «جايبينك هنا عشان أكشف عليكي يبقى أنا بشتغل إيه..؟.. ردت حسنية «دكتور».!، بعدها طلب من أمها تعرية ذراعها لقياس الضغط، وانتقل إلى أميرة مكرراً نفس السيناريو «إزيك يا أميرة.. إزيك»..لم ترد على الإطلاق.

أخبرته رواية أنهما منفصلتان، كل واحدة في غرفة، ويبدو أن اكتئاباً أصاب أميرة فجعلها تجلس دائماً منكسة الرأس.. أومأ الطبيب برأسه وقاس لـ«الفتاة» الضغط وشرع في كتابة العلاج..

أجرى الطبيب كشفه في 8 دقائق، وكتب علاجه «نوعين من الحبوب» في صمت لمدة 3 دقائق، ثم استطرد قائلاً: «يمشوا ع العلاج ومتقلقوش لو ناموا، وتجيبوهم السبت الجاي».

سألت راوية: هل هذا صرع؟ فقال لا.. ده تخلف عقلي، قالت والعامل الوراثي إلى أي مدى تأثيره؟.. فقال «مؤثر طبعاً»، أخبرته أن لهما أختاً «وسطى» تزوجت في الثالثة عشرة من عمرها دون أن يصيبها شيء.. فقال مش شرط، فاستطردت «هل هذا تخلف عقلي طبيعي كالحالات المنتشرة في مصر، أم أنهما حالة نادرة؟».. قال في إجابة مقتضبة.. لا طبيعي..!

نقلت له رواية الأم عن القوة المفرطة التي تأتيهما في لحظة الهياج، والأكل الشرِه، وعلاقتهما بالمرض، لم يجب إجابة واضحة، واستطرد قائلاً: «الأهم هدوؤهما أولاً.. والروشتة فيها رقمي لو فيه أي حاجة اتصلوا عليّ».

المفارقة بين الكشفين في المستشفى العام ونظيره الخاص الاستثماري، تأتي في أن الأول استغرق فيه الكشف 3 دقائق، وتحدثت الطبيبة إلى أميرة فقط، دون شقيقتها، ولم تسأل مطلقاً عن أي مرض عضوي، أما في الاستثماري فاستمر الكشف 6 دقائق ممهورة بتساؤل عن إصابتهما بأمراض عضوية، دون أن يتطرق إلى العامل الوراثي، وأمضى دقيقتين أو يزيد في كتابة «روشتة العلاج»،..وأجاب عن مداخلات في 3 دقائق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل