المحتوى الرئيسى

صكوك الأضاحى! | المصري اليوم

09/15 01:16

مشهد الأضاحى اختلف هذا العام عن غيره من الأعوام السابقة.. تراجعت عمليات الذبح بشكل كبير.. ليس لأن الأسعار ارتفعت بشكل مبالغ فيه، ولكن لأن هناك من فضّل دفع الصكوك، أو دفع النقود مباشرة للناس.. صحيح الصكوك أسهل لكنها لا تعطى المعنى المطلوب من فكرة الأضحية.. فى المدن، تراجع الذبح وهدأت الشوارع، وخفت الروائح الكريهة.. فى الريف، لا يعرفون الصكوك.. ذبح الأضاحى له طقوس خاصة وفرحة كبرى!

فى السنوات السابقة كانت الشوارع عبارة عن برك، يعفّ عنها الذباب بعد العيد.. ملاحظتى هذا العام أنها خفّت بسبب الصكوك.. فى بعض العمارات كان السكان يقيمون أماكن للذبح فى الروف.. وكان أطفال العمارة يشاهدون يوماً ولا أروع.. الآن، واحد أو اثنان من تمسك بالذبح.. يقولون بلا قرف.. هؤلاء وجدوا فى الصكوك ملاذاً مريحاً، كما أنها فى حدود 1500 جنيه.. وهى سُنة نبوية لا يلتزم بها إلا من استطاع إليها سبيلاً مثل الحج!

المصريون غالباً يحبون أن يروا الأضحية.. عندما كنت فى الحج أول مرة سألونى: هل دفعت صك الأضحية؟.. قلت ليه هو إحنا مش هندبح؟.. ضحكوا وقالوا غيرنا يدبح بقى.. إحنا ندبح ونوكل وهم يذبحون عنا، فى البرازيل والهند وأستراليا.. طب وفقراء بلادنا؟.. متخفش هيجيلهم لحمة برضه.. ومين هيوزعها؟.. متشغلش بالك، اللى ليه نصيب فى حاجة هيشوفها؟.. والآن أصبحت الصكوك فى مصر، ندفع ولا يرى الغلابة فى بلادنا شيئاً!

منذ أكثر من ربع قرن، وأنا مهتم بالأضحية.. كان الخروف فى حدود 200 جنيه.. الآن زاد سعره 1000%.. ولو كان لك سهم فى عجل أو بقرة أو خلاف ذلك، فقد زادت قيمته أكثر من 1500%.. الدنيا ولعت.. كانت مرتباتنا معقولة جداً أو متدنية جداً ولكن كنا نعيش، وكنا نضحى.. وحين التزمت بالأضحية سنويا لاحظت أن رزقها يأتى من عند الله.. فى أحد الأعوام فوجئت بمن يرد لى ديناً قبل العيد.. وكان ثمن الأضحية بالضبط!

الذين يذبحون الأضاحى أقل الذين يحصلون على لحوم.. هذه حكاية معروفة.. أحياناً يعودون بالكبدة.. وربما يقتصر الأمر على ما تم شواؤه أثناء عملية الذبح والسلام.. وقد يشترى كميات أخرى من الجزار لتلبية احتياجات الناس.. الفكرة ليست فى اللحوم.. الفكرة فى إدخال الفرحة على المحتاجين.. الحكاية حكاية تكافل اجتماعى، بمعنى أن تضحى بما عندك للناس.. الصكوك لا تلبى هذا الجانب المعنوى، ولا توفر لك هذا الإحساس بالفرحة!

لا أعرف كيف تصل لحوم الصكوك إلى القرى المحرومة فى الريف أو الصعيد؟.. من يضمن أن تطرق الجمعيات بابها؟.. من يضمن أن يصلها مندوب بنك الطعام؟.. اتعبوا شوية وأسعدوا أهاليكم فى الريف.. قدموا لهم اللحوم مباشرة.. الفرحة فى عيونهم تجعلك تنشط للأضحية فى العام التالى.. يأتيك رزقها فى الموعد تماماً.. صدقونى قد عشت ذلك بنفسى.. ربنا يأتى بالفرج وقت الضحية.. إما باب رزق وإما دين يعود فى وقته، فلا تحرموا أنفسكم!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل