المحتوى الرئيسى

«الملاهي».. ضحكات الصغار وحكايات الكبار في «درب السعادة»

09/14 19:21

تعابير وجه تحمل في طياتها مزيدًا من الحكايات، منهم من اختار العمل بالملاهي طوعة، وآخرون فرض عليهم سوق العمل الملىء بالعرض تلك المهنة الشاقة والمسؤولية الضخمة التي تستوجب عليه النشاط واليقظة والتعامل الحذر مع هؤلاء الصغار الذين لا يسعون سوى للبحث عن دقائق قصيرة من المرح في ذلك العالم السحري بالنسبة لأحلامهم البسيطة، والشاق بالنسبة للعاملين به.

بهيئته الرثة وجسده الهزيل يقف "عم سعد بتاع المراجيح" كما يناديه الصغار، يدفع أرجوحته ويتركها تندفع بقوة يكرر حركته تلك كلما ألح عليه أحد، بصوته الجهوري ينادي الأطفال ليحثهم على ركوب تلك الأرجوحة التي يمتلكها منذ عشر سنوات، وينتقل بها من مكان إلى آخر حتى أنهكه التعب، وقرر أن يقف في شارع المدينة المنورة بالعمرانية بعدما وجد مكانًا يضع فيه الأرجوحة بدلًا من نقلها كل يوم.

بعدما يخف وهج العصر، ويقل احتدام الشمس يخرج من الورشة التي يعمل بها نجار، ويصحب أرجوحته وينادي على الصغار "تعالي اتمرجح بجنيه ونص" "من كام سنة كان اللفة بنص جنيه بس الدنيا غليت والأسعار بقت نار"، قالها ببشاشة وجهه، التي لا تفارقه على الرغم من ضيق العيش الذي يعيشه وهو على مشارف الخمسين ويعمل طيلة ساعات النهار.

كان "عم سعد" يتنقل بتلك الملاهي المتحركة من مكان إلى آخر "في العيد الكبير أو الصغير باقف عند المسجد.. وفي عيد المسيحيين باقف عند الكنيسة" قالها، مشيرًا إلى أن فترة الأعياد من أكثر الأوقات التي يجني فيها الأموال لكثرة توافد الأطفال عليه، كما أن علاقته الجيدة مع هؤلاء الصغار سمحت له بتكوين علاقة صداقة جعلتهم يتركون جميع الملاهي ويأتون إليه.

"أنا باعملها صيانة بنفسي كل مدة"، قالها الرجل الخمسيني مستطردًا: كل اللي بيركبوا دول ولادي ولازم أخاف عليهم، الأمانة التي تحلى بها "عم سعد" جعلته يحرص على تلك الأرواح الصغيرة التي لا ترغب سوى في دقائق قليلة تروح قلوبهم وتسعدهم، أمنية بسيطة أيقنها من عشرته الطويلة للأطفال وسماع أحاديثهم والإصغاء لأمنياتهم.

 "ناصر".. بتاع مراجيح على ما تفرج

بحيوية الشباب يتنقل "ناصر" بين الألعاب بخفة يحرك أحدهم ويقوم بتشغيل الأخرى بينما يفض اشتباك نشب بين أحد الأطفال حول الصعود أولًا، ساعات طويلة من العمل المرهق الذي يزداد مع أيام الأعياد والمناسبات، لم يختر تلك المهنة الشاقة بنفسه، فهو لم يكن لديه رفاهية الاختيار تلك، البحث عن عمل مناسب أكثر ما أرهقه أثناء دراسته بكلية التجارة، فقرر أن يكون "بتاع مراجيح على ما تفرج".

عالم مختلف لم يألفة "ناصر" قائلًا "التعامل مع الأطفال عايز صبر طولة بال.. وأنا ماعنديش طاقة"، لم يرغب في أن يقضي حياته هكذا يعمل في ذلك المجال الذي لم يرق له من البداية، لكنه قرر أن يكون عملًا مؤقتًا بالنسبة له حتى يحصل على عمل آخر "بس الشهر جر سنة في سنة".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل