المحتوى الرئيسى

الكونغرس يتحدى السعودية مجددا ويصادق على قانون ملاحقتها

09/14 09:51

الأربعاء 14 سبتمبر 2016 - 06:20 بتوقيت غرينتش

الكونغرس يتحدى السعودية مجددا ويصادق على قانون ملاحقتها

لا نعتقد ان مصادقة مجلس النواب الاميريكي، وبعد اشهر من مصادقة مجلس الشيوخ، على قانون يسمح لضحايا اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة السعودية، ومطالبتها بتعويضات مالية، جاء بمحض الصدفة، ولاسباب قانونية بحته، خاصة ان هذا التصديق تزامن مع مرور الذكرى الـ15 لهذه الاعتداءات، بل تجيء في اطار مخطط مدروس جرى اعداده منذ سنوات.

هناك اكثر من 740 مليار دولار من الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة الاميريكية، من بينها 119 مليار دولار على شكل سندات للخزينة الاميركية، وان الاستيلاء على هذه المليارات هو الهدف الاساسي لهذا القانون والذين يقفون خلف اصداره، ونحن الآن في مرحلة التمهيد قبل صافرة معركة الاستنزاف الشرسة.

الاميركيون كانوا “يسايرون” القيادة السعودية طوال السنوات الثمانين الماضية، لان بلادهم كانت بمثابة “البقرة الحلوب” بالنسبة اليهم، و”حليف” يمكن توظيفه بفاعلية لتمويل الحروب، وتخفيض اسعار النفط داخل منظمة “اوبك”، ومحاربة المد الشيوعي السوفييتي من خلال الاسلام بشقيه المعتدل والمتطرف، الآن انتهت، او تقلصت، هذه المصلحة الامريكية الى حدودها الدنيا، وسقطت “البقرة السعودية”، وبدأ الامريكان يشحذون سكاكينهم دون رحمة، ويبحثون عن دفاترهم القديمة بحثا عن اعذار وذرائع.

البيت الابيض الاميركي الذي احيل اليه القانون رسميا يوم الجمعة الماضي، هدد باستخدام “الفيتو” لاجهاضه، ليس حبا بالسعودية وقيادتها، ورأفة بشعبها، وانما لانه يخشى من تأثيره على مبدأ “الحصانة السيادية” التي تحمي الدول من الملاحقات المدنية او الجنائية، فالدول التي من المسموح ملاحقتها اميركيا هي تلك المدرجة على لائحة الارهاب الاميركية.

استخدام البيت الابيض لحقه في رفض القانون لا يعني دفنه، لانه، اي القانون، سيعود الى مجلسي النواب والشيوخ مجددا، حيث يحتاج الى تصويت ثلثي الاعضاء لاقراره، وسهولة التصديق عليه في المجلسين، وبنسبة تصويت عالية توحي بأن اعتماده بصيغته النهائية مسألة مضمونة.

مجلس النواب الاميركي لا يكن اي ود للعرب والمسلمين، ويخضع بالكامل للوبيات اعدائهم، ورفض قبل اسابيع المصادقة على صفقة اسلحة ودبابات اميركية للسعودية قيمتها حوالي مليار وربع المليار دولار، تحت ذريعة الخوف من استخدامها ضد المدنيين في اليمن، وفي اطار حملة التحريض والضغط ضد الحليف السعودي “السابق” الذي لم يعد يملك الخدمات التي يمكن ان يقدمها للولايات المتحدة، بل بات عبئا دفاعيا عليها.

السلطات السعودية ليس لها اي علاقة رسمية بهجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001، وتنظيم “القاعدة” بصيغته “البنلادنية” يكن لها عداءا اكبر بكثير من عدائه للغرب وزعيمته اميركا، ويعتبرها سلطات “كافرة”، وقال لي زعيم “القاعدة” الشيخ اسامة بن لادن شخصيا عندما التقيته للمرة الاولى في اواخر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1996 في كهوف تورا بورا، انه رفض عرضا حمله اليه عمه (زوج امه)، ومجموعة من شخصيات الحجاز وعلمائها البارزين، يتضمن رفع التجميد لارصدته البنكبة العائدة من نصيبه في شركة والده (شركة بن لادن للمقاولات)، وكان مقدارها 250 مليون دولار، ومضاعفتها، مقابل ان يعود الى المملكة، ويقول خمس كلمات عند وصوله الى مطار الرياض وهي “ان المملكة تطبق الشريعة الاسلامية”.

الكونغرس الامريكي يعرف هذه الحقائق، مثلما يعرف ما هو اكثر منها، ولكنه يمارس “الابتزاز″ و”البلطجة”، في ابشع صورهما واشكالهما ضد المملكة، وضد العرب والمسلمين، ويقف في معظم الاحيان في الخندق المعادي لهم.

الصحف الاميركية ظلت طوال الاعوام الماضية تتحدث عن 28 صفحة جرى طمسها من التقرير الصادر عن تحقيقات لجنة الكونغرس في هجمات سبتمبر، وتؤكد تورط الاسرة الحاكمة السعودية فيها، هذه الصفحات وبعد نشرها خلت من كل هذه الادعاءات، وها هو “الكونغرس″ يرد بالتصديق على قانون الملاحقات المذكور.

القيادة السعودية وقفت دائما ضد كل تحرك عربي حقيقي لمواجهة الخطرين الصهيوني والاميركي، وجندت "المجاهدين" العرب والمسلمين لالحاق هزيمة بالاتحاد السوفييتي، صديق العرب في افغانستان، واستقدمت نصف مليون جندي اميركي لتدمير العراق واسلحته تحت ذريعة تحرير الكويت، وايدت فرض حصار تجويعي ادى الى مقتل مليون من اطفاله على مدى 13 عاما.

المكافأة الاميركية لكل هذه الخدمات تأتي على شكل قوانين لملاحقتها بتهمة دعم الارهاب والارهابيين تماما مثل تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، التي تحاربهما حاليا بشراسة، يا لها من نهاية.. يا لها من مأساة.

اميركا هي اكبر دولة تمارس الارهاب في العالم، واذا كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر الارهابية قتلت ثلاثة آلاف اميركي، وهي هجمات مدانة، فإن اميريكا قتلت الملايين في العراق وسوريا واليمن وافغانستان وليبيا بشكل مباشر، او غير مباشر، وهي التي هيأت الحاضنة الاكثر دفئا لنمو الجماعات المتشددة مثل “داعش”، التي تدعي انها الخطر الاكبر على السلم والاستقرار العالميين.

القيادة السعودية تحالفت مع امريكا ضد معظم اعدائها، ان لم يكن كلهم، سعيا من اجل حمايتها ودعمها، وهي تدفع، الثمن غاليا من اموالها، التي هي حق لشعبها، وتواجه وشعبها خطر الافلاس لانها استمعت للنصائح الاميركية، بتخفيض اسعار النفط لالحاق الاذى والشلل بالاقتصادين الايراني والروسي، ودخول حرب في اليمن وسوريا وليبيا، وبما يخدم المصالح الاميركية بشكل اساسي.

اليوم الاستثمارات السعودية، وغدا الكويتية، وبعد غد القطرية، والاماراتية، والذرائع والوثائق جاهزة ومحفوظة في الادراج، وسيتم اخراجها في الوقت الملائم، ودعم الارهاب احداها.

نشعر بالمرارة في الحلق، مثلما نشعر بالقهر والالم.. لاننا كنا، والكثيرون غيرنا، نتوقع هذه النهاية، ونعارض كل حروب اميريكا، ونحذر من الثقة فيها، والتحالف معها، ونالنا ما نالنا، وهذا قدرنا وامثالنا، وما اكثرهم في هذه الامة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل