المحتوى الرئيسى

جهاد الخازن يكتب: حلب الحبيبة تموت | المصري اليوم

09/13 23:39

نقلاً عن صحيفة «الحياة» اللندنية

عدد القتلى فى سوريا منذ 2011 يزيد على القتلى فى هيروشيما وناجازاكى مجتمعتَيْن بعد إلقاء الأمريكيين قنبلة ذرية على الأولى فى 6/ 8 /1945، وعلى الثانية بعد ثلاثة أيام. الضحايا فى سوريا تجاوز عددهم 400 ألف وربما 450 ألفاً، مقابل حوالى 200 ألف فى المدينتَيْن اليابانيتَيْن، مع أن عدداً أكبر توفى فى الأيام والأسابيع اللاحقة من التلوث النووى.

قبل حلب، وفى أيام يذكرها القارئ جيداً، قُتِلَ أكثر من 20 ألفاً فى حماة سنة 1982، وقُتِلَ آلاف فى حمص منذ 2011 ولايزال القتل مستمراً.

عرفت حلب صغيراً كبيراً، وأذكر من أيام المراهقة أن سندوتش الفلافل فى حلب يزيدون عليه اللبن وليس الطحينة (طراطور)، وأذكر من السنوات الأخيرة أن الرئيس بشّار الأسد استُقبِلَ بحفاوة فى المدينة خلال احتفال دعيتُ إليه بألفية مار مارون، وهو ضيَّع شعبيته فى أقل من أسبوع بعد أحداث درعا.

مرشح أمريكى للرئاسة سأل: ما هو حلب؟ أنا أقول له.

قرأت عن حلب أنها مدينة عظيمة مسوَّرة، ونهر قويق يجرى على بابها، وفى جانبها قلعة منيعة، ولها سبعة أبواب، منها باب الجنان وباب أربعين وباب أنطاكية وباب الفراديس. وأسواق حلب مسقفة، وفيها جماعة من النصارى (نسطوريين) ويهود.

قال بعضهم: حلب قدرها خطير وذكرها فى كل زمن يطير. فى القلعة ماء نابع فيها لا يُخاف معه الظمأ، والطعام يصبر فيها الدهر كله، وعليها سوران وراءهما خندق لا يكاد البصر يبلغ مدى عمقه، والبلد حفيل الترتيب بديع الحسن واسع الأسواق، وجامعها من أحسن الجوامع وأجملها، وفى صحنه بئران معينتان، وقد استفرعت الصنعة جهدها فى منبره، واتصلت الصنعة الخشبية إلى المحراب فتخللت صفحاته كلها حسناً على تلك الصفة الغريبة، وكل ذلك مرصع بالعاج والأبنوس، وحُسن هذا الجامع أكثر من أن يوصف، ويتصل به من الجانب الغربى مدرسة تناسب الجامع حُسناً وإتقان صنعة، وجوارها الشرقى مفتح كله بيوت وغرف فوقها، ولها طبقان يتصلان بعضهما ببعض. وفى المدينة سوى هذه المدرسة أربع مدارس أو خمس، وبها مارستان، وإن لها ربضاً كبيراً من الحمامات ما لا يحصى عدّه.

وكان بحلب سنة ست وثلاثين وأربعمائة وقيعة كبيرة على أرمانوس الرومى. وأمير حلب يومئذ شبل الدولة نصر بن صالح بن مرداس الكلابى، وأسر فى الواقعة سبعة آلاف وخمسمائة من كبارهم وبطارقهم، وكثرت الغنائم والسبى بأيدى المسلمين حتى بيع الفرس من الروم بسرجه ولجامه بمثقالين...

أتوقف هنا لأقول إن ما سبق نقلته باختصار عن «الروض المعطار فى خبر الأقطار» لمحمد بن عبدالرحمن الحميرى، وتحقيق أستاذى إحسان عباس.

اليوم حلب الشهباء شهيدة، خيار أهلها المجاعة أو الموت، وأستعيد ذكرياتى فيها وعنها وأقول ما قال العربى القديم: ليتنى متُّ قبل هذا.

مَنْ لى مِن حلب؟ صديقى رجل الأعمال عادل وزوجته الجميلة جويل، وهو يقضى وقته بين لبنان والخليج. صديقتى الشابة ديما تحمل دكتوراة فى الفيزياء النووية من الولايات المتحدة وتعمل فى كاليفورنيا، وأنا فى لندن أبكى على الأطلال.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل