المحتوى الرئيسى

ما درجة القرابة بين البديل الألماني والجبهة الوطنية الفرنسية؟

09/13 18:50

بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات المحلية في ولاية ميكلينبورغ - فوربمرن، التي جرت يوم الأحد (الرابع من أيلول/سبتمبر 2016)، وإحراز حزب "البديل من أجل ألمانيا" على حوالي 21 بالمئة من الأصوات، متقدماً بذلك على حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، غردت رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسي، مارين لوبان على حسابها في موقع تويتر: "كنس حزب البديل الألماني حزب المستشارة ميركل. أتقدم لهم بالتهنئة!".

في واقع الحال لا تحتاج مارين لوبان لدعم من الخارج؛ فهي تحرز نصراً انتخابياً تلو الآخر. وحتى على المستوى الأوروبي، فقد تصدر حزبها الانتخابات الأخيرة عام 2014 بواقع 25 بالمائة من الأصوات، بل إن والد مارين لوبان ومؤسس الحزب، جان ماري لوبان، كان قد وصل للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002، غير أنه وفي هذه الجولة رُصت الصفوف لمواجهته، ففازالديغولي جاك شيراك بالرئاسة، وبأغلبية كبيرة. في نهاية المطاف، لم ينتخب قطاع كبير من المجتمع الفرنسي جان ماري لوبان، المعادي للسامية. إذ إن لوبان كان قد وصف أفران الغاز النازية بأنها "فقط جزء تفصيلياً من تاريخ الحرب العالمية الثانية".

تسلمت ابنة لوبان مارين، الزعيمة الحالية للحزب، قيادة الحزب عام 2011. وبدأت بتجريد والدها من سلطته شيئاً فشيئاً ثم طردته من الحزب بسبب "تجاوزات خطيرة". ومنذ ذلك التاريخ تسعى مارين استخدام خطاب معتدل، وبسبب هذا الخطاب حققت نجاحها.

تغير خطاب مارين، غير أن تصوراتها السياسية قد تكون بالكاد أقل راديكالية مقارنة بوالدها. فهي تريد إعادة التعامل بالفرنك الفرنسي والخروج من حلف الناتو وإقامة استفتاء شعبي حول قبول دخول أعضاء جدد في الاتحاد الأوروبي. وقد جاءت نتيجة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) لتخدم مارين. وتعتقد مارين أنه لا يجب تقليل قيمة المساعدات الاجتماعية للفرنسيين في فرنسا، وأن منح الجنسية الفرنسية يجب أن تقتصر على من أصله فرنسي أو من قدم خدمات جليلة لفرنسا، وليس لـ"مجرد" أن الشخص مولود في فرنسا.

مؤسس الجبهة الوطنية في فرنسا جان ماري لوبان

الخوف من العولمة وفقدان سلطة الدولة هو القاسم المشترك بين ناخبي حزب البديل وبقية الأحزاب اليمينية في أووربا، حسب رأي معظم الخبراء. وجاءت أزمة اللاجئين لتزيد الطين بلة وتقوي هذه المخاوف. ويعتقد الخبير في قضايا التطرف، الفرنسي نيكولاس ليبورغ، أن اليمنيين الشعوبيين استفادوا من تدفق اللاجئين، حيث "تلاقت عدة أزمات مع بعضها البعض ومنها، الأزمة المالية والأزمة الأوروبية". ويذهب رئيس "مؤسسة روبرت شومان" الباريسية، جون دومينيك غيولاني، بأن التصويت لصالح الشعوبيين اليمينيين جاء "كردة فعل على المصداقية الغائبة في إوروبا للاجابة على الأسئلة التي تشغل بال المواطنين، وبالتالي يعكس التصويت صورة الاحتجاج ضد الدول التي لا تقدم حلولا لمشاكل المواطنين". وحسب غيولاني فقد أصبح لمواضيع الهجرة والهوية جانبا كبيرا من الأهمية لدى المواطنين، وهنا سارع اليمين الشعبوي لتلقف هذه الفرصة.

حتى الآن حافظ حزب البديل الألماني على وجود مسافة بينه وبين حزب الجبهة الوطنية الفرنسي. وعلى الرغم من أن نائب حزب البديل في البرلمان الأوروبي، ماركوس بريتسل، انضم لكتلة لوبان في البرلمان، "أوروبا الأمم والحرية"، فإن شريكة حياته، فراوكي بيتري، وهي في رئاسة حزب البديل، لم تلتق بلوبان حتى الآن. وتعتقد الفرنسية كلير ديميسمي، العاملة في "الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية "أن اقتراب حزب البديل كثيراً من الجبهة الوطنية لن يعود عليه بمكاسب في ألمانيا، وذلك لأن الجبهة الوطنية تُعتبر في ألمانيا حزبا متطرفا يمينيا. فكل حزب يرتبط بمعادة السامية، لا يمكن له أن يكسب نقاطاً ويحقق نجاحات في ألمانيا". ورغم ذلك يرى الكثيرون وجود العديد من القواسم المشتركة بين الحزبين في الأجندة الحزبية وفي التوجه الحزبي.

لوبان في حاجة إلى علاقات دولية. في الصورة مرشح حزب الحرية اليميني الشعبوي في النمسا، نوربرت هوفر. الذي خسر السباق الرئاسي بفارق ضئيل.

من جهة أخرى فمن المهم بالنسبة لشخصية سياسية فرنسية، تطمح بالرئاسة، أن تُظهر "أن لها علاقات في الساحة الدولية ووجود اعتراف بها. وبالطبع فإن ألمانيا جزء من هذا الأمر". ويطالب حزب الجبهة الفرنسية في برنامجه الحزبي باتحاد بين روسيا وفرنسا وألمانيا، كنموذج مقابل للاتحاد الأوروبي. ويسعى حزب الجبهة الوطنية بمثل هذا التحالف الثلاثي إلى قيادة العالم. ويمثل حزب البديل الشريك المناسب له في ألمانيا، والكلام دائماً للخبيرة كلير ديميسمي.

أحزاب أخرى تتبنى البرنامج الحزبي للجبهة الوطنية

بينما يتعين على حزب البديل-حتى الآن- أن يرضى بدور صغير، غير أنه متنامي، فإن إقل ما تطمح إليه مارين لوبان هو الوصول لقصر الإليزيه في العام المقبل . وتشير استطلاعات الرأي إلى أنها قد تستطيع الوصول للجولة الثانية، بل والحصول على أغلبية الأصوات. يتوقف هذا الأمر بالطبع على المرشحين الآخرين. بالنسبة للرئيس الحالي، فرانسوا هولاند، لن تكون له حظوظ إذا رشح نفسه من جديد. وليس هناك من مرشح اشتراكي له فرصة الفوز بمنصب رئيس الدولة.

مارين لوبان أطاحت بوالدها ومؤسس الحزب، جان ماري لوبان للظهور في صورة معتدلة .

إذاً سيبقى على الساحة السياسية المرشحون المحافظون فقط. فإذا تنافست لوبان مع الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، فقد تفوز عليه في الجولة الأولى، حسب عدة استطلاعات للرأي. وفي حال دخول آلان جوبيه السباق الرئاسي الذي يعتبر معتدلا وأكثر جدية، فإن حظوظه ستكون أفضل. غير أنه وفي انتخابات الإعادة، الجولة الثانية، يتوقع معظم المراقبين السياسيين إعادة سيناريو عام 2002، عندما خسر والد لوبان أمام شيراك بفارق كبير. آنذاك اضطر اليساريون-على مضض- لمنح أصواتهم للمرشح المحافظ شيراك، ومنع لوبان الأب من الفوز بالانتخابات. وحسب الرأي العام فإنه من المنتظر أن يكور المرشح جمهوريا. ففي فرنسا، عندما يكون المرشح الرئاسي جمهوريا، فإن هذا الأخير هو الذي يصبح سيد الإليزيه.

وتعتبر الخبيرة الفرنسية كلير ديميسمي، العاملة في "الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية" أن حظوظ جان ماري لوبان بالفوز بالرئاسة توجد في نقطة "الصفر". ورغم ذلك ذلك فقد "تأخذ أحزاب أخرى بعض أفكار حزب الجبهة الوطنية وتدخلها في برامجها الحزبية". إن ذلك يحصل الآن بالفعل. "وهذا بالفعل خطر حقيقي وداهم"، كما تحذر الخبيرة الفرنسية كلير ديميسمي في ختام حديثها.

لسنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه مونلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته شيبه. ضحاياهم: ثمانية أشخاص من أصل تركي ويوناني بالإضافة إلى شرطية. دافعهم المحتمل في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.

في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011 تم كشف النقاب عن سلسة عمليات القتل التي راح ضحيتها ثمانية أتراك ويوناني بالإضافة إلى شرطية. في ذلك اليوم حاول أوفه موندلوز ورفيقه أوفه بونهارت سرقة بنك بمدينة آيزناخ، ولكن العملية باءت بالفشل. وعندما حاولا الفرار في شاحنتهما، تتبعتهما الشرطة وحاصرتهما. عندها قام موندلوز بقتل رفيقه بونهارت قبل أن يضرم النار في الشاحنة وينتحر، وفقا لتحريات الشرطة.

بعد مقتل أوفه موندلوز وأوفه بونهارت انفجرت الشقة التي كانا يسكنا فيها رفقة بيآته شيبه في بلدة تسفيكاو بشرقي ألمانيا. بعدها بأربعة أيام سلمت شيبه نفسها للسلطات الألمانية التي تقول إن المتهمة أضرمت النار عمدا في المنزل لإخفاء أدلة تدين الثلاثي في عمليات القتل. ولا تزال شيبه في الحبس التحفظي إلى حين مثولها أمام القضاء.

وجد المحققون في حطام المنزل، الذي كان يسكن فيه موندلوز ومونهارت رفقة بيآته شيبه، شريط فيديو يتضمن اعترافات الثلاثي الذي يطلق على نفسه اسم "الخلية النازية السرية" بقيامه بعمليات القتل. ويعرض شريط الفيديو، الذي يبلغ طوله 15 دقيقة، أماكن وضحايا عمليات القتل التي نفذتها الخلية في ألمانيا ما بين عامي 2000 و2007.

ويتضمن الفيديو الذي صور على شكل صور متحركة رسائل معادية للمهاجرين ومقاطع تحتقر ضحايا عمليات القتل. ويقال إن بيآته شيبه قد قامت، قبل إلقاء القبض عليها، بإرسال هذا الفيديو إلى أشخاص آخرين.

إلى يومنا هذا لا تزال دوافع عمليات القتل وكذلك القاتلين والمتورطين فيها والمدبرين لها في كنف الغموض. وفي البداية كانت هناك تخمينات بأن القتلة ربما من تجار المخدرات، ولكن شريط الفيديو الذي عثر عليه خلال عمليات التحري أظهر أنهم من اليمنيين المتطرفيين أو بالأحرى النازيين الجدد...

في 10 من يونيو/حزيران عام 2004 أي بعد يوم من عملية اعتداء بقنبلة مسامير في أحد شوارع مدينة كولونيا الألمانية الذي تقطنه غالبية تركية أسفرت عن جرح 22 شخصا، قال وزير الداخلية الألماني آنذاك أوتو شيلي إن كل الأدلة تشير إلى أن الدوافع إجرامية. وبعدها بسنوات، أي عام 2011 تبيَّن أن المدبرين ليسوا مجرمين عاديين وإنما من النازيين الجدد...

في 23 من فبراير/شباط عام 2012 أقيمت في برلين مراسم إحياء ذكرى ضحايا عمليات القتل اليمينية المتطرفة. وقد شارك في هذه المراسم أهالي الضحايا وعدد من كبار المسؤولين الألمان على غرار المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي اعتذرت لأهالي الضحايا، مؤكدة لهم العمل على كشف ملابسات هذه العمليات ومحاسبة المسؤولين عنها.

في الرابع من نوفمبر/تشرين الأول عام 2012، أي بعد كشف النقاب عن الخلية النازية السرية بسنة، خرج الناس في عدة مدن ألمانية تضامنا مع أهالي ضحايا عمليات القتل النازية، منددين باليمين المتطرف. كما طالبوا بكشف الحقيقة عن المدبرين والمنفذين لها ومحاسبتهم، موجهين انتقادات للسلطات الألمانية بالتباطئ في عمليات التحري والتحقيق.

نرشح لك

Comments

عاجل