المحتوى الرئيسى

الدكتور خالد عزب: العرب ما زالوا يعانون صدمة «الحروب الصليبية» | المصري اليوم

09/13 16:53

حذر الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع الخدمات والمشروعات بمكتبة الإسكندرية‏، الحاصل على جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية، من أن القادم أسوأ عام 2025 ما لم تعالج الأنظمة العربية الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحراك العربي عام 2011.

وجاء تحذير عزب خلال مشاركته بمنتدى الجامعة الصيفية الذي نظمه مشروع منبر الحرية ومؤسسة «فريدريش ناومان من اجل الحرية»، في تونس، تحت عنوان: «5 سنوات من الحراك العربي: الرهانات والتحديات»، بمشاركة نحو 40 من السياسيين والأكاديميين والإعلاميين من مختلف الدول العربية.

وتحت عنوان «التطرف الثقافي والفكري وأثره على مستقبل المجتمعات العربية»، قال عزب إن أزمة العالم العربي تتمثل في غياب منهجية النقد «القائم على التحليل والعلم»، حيث تحول النقد في العالم العربي، خاصة ما يسمى ببلدان الربيع العربي، إلى سباب، وأصبحنا شعوبا «شتامة» لا مجال للعلم أو التحليل في مناقشاتنا. وأرجع ذلك في جزء منه إلى فترة الحروب الصليبية، وقال إن العالم العربي والإسلامي ما زال يعيش في حالة صدمة وهزيمة نفسية من تلك الحروب حتى الآن، «لأنها أتت بعد أن كنا أسياد العالم لبضع قرون، وكانت الحروب الصليبية هي أول حرب تضربنا من الداخل، من الشام والقدس قلب العروبة.. ومنذ ذلك الحين أصبحنا نخاف من أي شيء يأتينا من الخارج ونعتبره شرا، ونشكك في أي شيء يصنعه الآخر، إلى درجة الهوس».

وأوضح أن العرب استبعدوا نظريات النقد باعتبارها قادمة من الخارج، رغم أن ذلك ليس صحيحا، لافتا إلى أن مؤسس علم النقد هو الجاحظ، معتبرا إياه مبدعا لا يقل عن ابن خلدون في العلوم الاجتماعية. وقال إن الجاحظ تم إهماله والتعمية عليه لأنه ظهر في العصر العباسي، حيث كان من أنصار مدرسة العقل التي دخلت في مواجهة مع مدرسة النقل التي قدست النصوص دون أن تخضعها للعقل والنقد، وقامت على حفظ النصوص دون تأملها. وكشف أن ذلك أدى إلى ظهور نصوص وهمية مختلقة بالكامل مثل باب «خلافة قريش» في صحيح البخاري، مؤكدا أنه مكذوب ومختلق وظهر في ظروف سياسية، ولا يوجد به أي حديث نبوي صحيح، خاصة أن جميعها أحاديث عنصرية تتعارض مع أبسط مبادئ الإسلام، متسائلا: «كيف أصدق حديثا يقول إنه لا يجوز أن يتولى الحكم حاكم لا ينتمي إلى قريش؟!».

وأوضح أن صناعة القرار في العالم العربي تقوم على استدعاء التاريخ، «لكننا نستدعي التاريخ دون فهم الانسان الذي صنع ذلك التاريخ في سياق عصره، الأمر الذي جعلنا في النهاية نستدعي النصوص، وليس التاريخ».

وأثار الدكتور خالد عزب ضجة وجدلا كبيرا بين المشاركين حين انتقد المبالغة في حقوق الملكية الفكرية التي اعتبرها تعرقل مواكبة المجتمعات لكل جديد في العلوم والمعارف. وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال إنه يؤيد انتهاك حقوق الملكية الفكرية على غرار ما فعلته الصين في البداية، واصفا الأجواء بأنها حالة حرب للحصول على المعرفة من العالم، لافتا إلى أن الصناعة اليابانية والصينية والكورية بدأت بتقليد الماركات العالمية وكسر حقوقها، ثم تطورت إلى ابتكار ماركاتها الخاصة بها. ووصف حقوق الملكية الفكرية بأنها حاجز لا بد من كسره من اجل مواكبة كافة التطورات في مختلف المجالات، في الطب والصيدلة والعلوم الإنسانية والثقافة والكيمياء.. إلخ، مؤكدا أن من لا يملك المعرفة لا يملك مستقبله.

وقال إن الأنظمة العربية تحارب الحكومة الإلكترونية ولا تريد لها الظهور لأنها ستنتقص من صلاحيات الدولة وتثبت عليها اتهامات البيروقراطية والفشل والفساد، وستجعل الأفراد أكثر شراسة في انتقاد الدولة والأنظمة.

وأوضح أن سخط الشباب العربي على الأنظمة الحاكمة يرتبط بشكل مباشر بشبكة الانترنت وتكنولوجيا الاتصالات، حيث بات الشباب العربي قادرا وهو في مكانه على الاطلاع على مستويات الحياة بمختلف مجالاتها في دول العالم المتحضر، ويقارن ذلك تلقائيا بما يتلقاه من خدمات في وطنه، فيدرك أن الحكومات العربية فاشلة وساقطة من مسار التاريخ والحياة. وقد أدى ذلك كله إلى ترسيخ العقلية الناقدة لدى الشباب، في ظل غياب الإعلام المسؤول، والذي قال إنه أصبح الآن يعتمد فقط على الترفيه من رقص وغناء أو برامج السباب تحت مسمى «التوك شو». وحذر من أن استمرار هذه الأوضاع سيؤدي إلى ما هو أسوأ من 2011 في 2025.

وحذر من الاستهتار بتنظيم داعش، أو التعامل بسذاجة مع أعضائه، الذين وصفهم بأنهم مجموعة من المثقفين النخبة والمفكرين والشباب المميز، ولم يجدوا فرصة للتعبير عن أنفسهم في مجتمعاتهم بشكلها الحالي، فلجأوا إلى عالم افتراضي غير موجود ليحاول إحيائه ليعيشوا فيه، وكان ذلك العالم هو عالم الدولة الإسلامية المزدهرة. وقال: «لذا كان أول ما فعله داعش هو اختراع علم، واختار علم الدولة العباسية الذي يعبر عن ان لديهم الرغبة في إحياء الدولة الإسلامية في أقوى عصورها وأكبرها من الناحية الجغرافية. ثم اصدروا جواز السفر، ثم بدأوا ينتجون العملة، ما يعني انهم ينتجون دولة، حتى انهم اخذوا يركزون على التعليم باعتباره اهم شيء في تكوين الدولة، ولذلك سنجد ان مرتب المدرس في دولة داعش يعادل 4 أضعاف راتبه في الدول العربية.. وينبغي هنا التساؤل عن مصير الاجيال التي تعلمت في مدارس داعش حتى إذا غادرت داعش».

وحذر الدكتور خالد عزب من استغراق المجتمعات العربية في الثقافة الاستهلاكية، مطالبا بدراسة أسلوب داعش الذي أقام مجتمعا مقاوما لثقافة الاستهلاك، واصفا ذلك بأنه «انجاز مجتمعي كبير لمجموعة نعتبرهم مجرد إرهابيين».

ولفت إلى أنه حتى وقت قريب جدا كان المثقف التقليدي هو ذلك الشخص الذي يقرأ الكثير من الكتب ويخزن الكثير من المعلومات في رأسه ثم يقدمها للناس بصورة لغوية خاصة به، على غرار الاديب الكبير محمود عباس العقاد. وقال: «اما الان فنحن في عصر الكمبيوتر، حيث انتهى عصر المثقف التقليدي، واصبحت الأهمية الكبرى لمن ينتجون المعرفة، وليس للنخبة أو المثقفين، وبالتالي اصبح من ينتج المعرفة هو من سيغير المجتمع».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل