المحتوى الرئيسى

تميمة «أحمد شفيق» التى تحكم مصر

09/13 14:02

- من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الأسبوعية

12 محافظا و4 وزراء من العسكريين والأمنيين يمنحون الرئيس «الثقة فى الإنجاز».. ويهدون أعداء الدولة «فرصة تشويه النظام»

من ضمن السيناريوهات الأكثر رواجًا فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، كان تشكيل حكومة طوارئ بقيادة شخصية عسكرية قوية، لإعادة الانضباط إلى الشارع المكتظ بالحركات الاحتجاجبة المتفرقة، سواء كانت سياسية ككفاية و6 أبريل، أو محسوبة على الشرائح الفئوية، فضلًا عن الأداء الحكومى الذى كان يميل إلى ترسيخ نفوذ طبقة رجال الأعمال لدرجة هبطت بشعبية النظام إلى أدنى مستوياتها فى ذلك الوقت.

كان الحديث فى ذلك الوقت يرجح تولية الفريق أحمد شفيق، وزير الطيران آنذاك، المهمة خلفًا للدكتور أحمد نظيف.. وكان الحل يلقى رواجًا بين أوساط عدة ومتباينة، وبعضها على نقيض دائم، منها من كانت تؤرقها تجاوز شباب ومثقفين وسياسيين حواجز الخوف والجهر بإسقاط الفرعون العجوز من فوق عرشه أو رفض مخطط التوريث المطروح من جانب نجله الأصغر، جمال، ومنها من كان يستشعر خطر تغول رجال البزنس فى أروقة الحكم، بما كان يمثل خطرًا على السلام الاجتماعى والأمن الشعبى، إن جاز التعبير.

آخرون روجوا لمثل ذلك السيناريو ببعض الرتوش التعديلية، بالدعاية لإمكانية تولى رئيس المخابرات العامة، فى ذلك الوقت، اللواء عمر سليمان، المسؤولية خلفًا لمبارك، كحل سحرى للضبط والربط وللإجهاز على مخطط التوريث.

لكن زلزال «25 يناير» عقّد الغزل، لتصبح الدولة كلها فى معية المجلس العسكرى، بقيادة المشير حسين طنطاوى، قبل أن تتصاعد وتتواصل التغيرات السياسية الحادة فى البلاد وصولًا إلى حكم الإخوان، فخروج «30 يونيو» الكبير، وسقوط دولة المرشد، إلى أن غدت القيادة فى يد الرئيس عبد الفتاح السيسى، وسط ترحيب شعبى كبير، صاحبه عدائية طاغية للرجل ونظامه من قبل أنصار الجماعة وتيارات الإسلام السياسى والراديكالى، اعتمدت فى حربها ضده على محاولة ترسيخ مفهوم الحكم العسكرى على ضفاف النيل.

سهام العداوة الإخوانية اعتمدت فى خطتها لتشويه سمعة نظام السيسى خارجيا وبين قواعد المتأسلمين والمتعاطفين معهم، بل وفى أوساط اليسار المعادى بالفطرة لكل ما ينتمى للمؤسسات الأمنية والعسكرية الراسخة، على النفخ فى مشاهد تقليدية لدولاب البيروقراطية المصرية المعتمد فى جزء لافت منه، وعلى مدار عقود طويلة ممتدة منذ يوليو 1952، على وجود لواءات سابقين من الجيش والشرطة، فى الحكومة ومجلس المحافظين، وفى نوافذ المصالح والمؤسسات الخدمية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية والمحلية بالدولة.

أعداء السيسى، تعاملوا مع تراث الاستعانة بالعسكريين والأمنيين، كدليل من وجهة نظرهم على عسكرة الدولة. أضف إلى ذلك أن الرئيس نفسه أبدى ثقة علنية فى القوات المسلحة على مستوى المشروعات القومية والتنموية، بيد أن غالبية الإنجازات الكبرى فى عهده حتى الآن، تقف خلف أغلبها، الهيئة الهندسية للجيش.

الرئيسى كان يبحث عن الانضباط فلجأ للكيان الذى يؤمن بأنه قادر على تحقيق أحلامه دون أدنى تأخير وفى صمت، لكن بمرور الوقت توسع الاعتماد لأمور غير متوقعة، حتى صار الجيش حلا سحريا، لضبط الأسعار بطرح سلع بأثمان معقولة، ولبناء مساكن شعبية، وأخيرًا حتى فى توفير لبن الأطفال.

أصوات غربية بين مغرضة أو تدعى الموضوعية، فضلًا عن المناوئين للنظام الحالى فى الداخل وفى أوساط الإسلاميين، يتحدثون ليل نهار عن التغول الاقتصادى الكبير للمؤسسة العسكرية.

ثم تطورت الأمور فى مستويات السلطة العليا، وبالأخص فى مجلس الوزراء والمحافظين اليوم.

نحو 12 محافظا من لواءات الجيش والشرطة السابقين يتقلدون منصب المحافظ.. فضلًا عن 4 فى وزارة شريف إسماعيل، كان آخرهم وزير التموين الجديد، اللواء محمد على الشيخ، الرئيس الأسبق لهيئة الإمداد والتموين وجهاز الخدمات العامة بالقوات المسلحة.

الملاحظة الأهم هنا، أن الكوتة المباركية لهوية المحافظين قبل 25 يناير، والمتمثلة فى تعيين لواءات جيش سابقين فى المحافظات الحدودية أو ذات البعد الأمنى القومى، كسيناء ومرسى مطروح، ولواءات شرطة سابقين فى محافظات الصعيد، حيث تنشط الجماعات الإرهابية، توسعت أكثر وأكثر، حتى وصل الأمر إلى تقلد عسكرى للعاصمة مثلًا، وهى التى طالما كانت من نصيب التكنوقراط.

صحيح قد يكون منح وزارة التموين للواء سابق، فى تلك اللحظة، وخلفًا لوزير تطارده شبهات فساد بالمليارات، مُتفَهَّمًا، على أساس الرغبة فى إعادة الانضباط لكيان حيوى بالدولة، لكن إلى متى سيظل المحافظون المسيسون خارج نطاق الخدمة فى وزارة شريف إسماعيل.

بنظرة مدققة إليها، سيتضح أن التشكيل الحكومى لدولة بحجم مصر، يفترض أنها تصارع طواحين الهواء فى الداخل والخارج، من أزمات اقتصادية وضغوط خارجية، واضطراب أمنى وتربص قوى راديكالية متطرفة، صار من المنفذين لا المبتكرين، من متقنى أعمال السكرتارية لا المتألقين فى قيادة الملفات الجماهيرية والإدارية.

صحيح الدولة فى حاجة إلى العمل، ومن ثم يمكن اللجوء إلى عناصر «شغِّيلة»، لكن من الضرورى تطعيمهم بمسيسين يصنعون الفارق داخليا وخارجيا، كذلك لا يجب منح جميع مؤسسات الدولة بعيدًا عن الجيش والشرطة، صك الفشل، عبر عدم استقدام عناصر منها إلى سدة السلطة العليا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل