المحتوى الرئيسى

عمال المدابغ.. لا «فلوس» ولا تأمين صحي

09/13 10:04

يدفعون الثمن غالياً والمقابل رخيص ملاليم، 5 آلاف عامل يعملون فى ظروف قاسية، لا يشملهم تأمين صحى أو معاش اجتماعى، يعيشون على هامش الحياة، تركتهم الحكومة يلقون مصيرهم المحتوم إما الموت خنقاً بأزمة تنفسية أو العجز والإصابة.

«أصل الدولة ريحتنا مش عجباها» لسان حال عمال المدابغ بعد قرار نقلهم إلى منطقة الروبيكى وما أن تخطو قدماك منطقة المدابغ ستجد حالها تبدل من سيئ إلى أسوأ.. فى أيام العز من سنين تجدهم يحملون الجلود على أكتافهم يتسابقون فى إخراج قطع الجلود فى أزهى صورها، والنهارده كل يوم دباغ يترك مهنته.

حسن عبدالفتاح يعمل بالمهنة منذ أكثر من 20 عاماً، كانت أجرته اليومية 5 جنيهات حتى وصلت إلى 80 جنيها ومع ذلك يعانى من الفقر، فكل ما يأتيه يصرفه على علاج جهازه التنفسى فهو يشتكى من تأثير المهنة على جهازه التنفسى، نتيجة تعامله يومياً مع الكيماويات السامة ويحكى أنه أثناء عملية التجفيف كثير من العمال يصابون بالاختناق وهو ما دفعهم إلى تعلم عمليات التنفس الصناعى لإنقاذ أى زميل يصاب بأزمة تنفسية.

يقول حسن: رغم الصعوبة التى يواجهها فى المهنة فلا يقع تحت مظلة التأمين الصحى، فأصحاب الورش لا يشغلهم سوى إنجاز العمل.

وعلق «سيد» على قرار الحكومة بنقلهم إلى «الروبيكى» بالظالم وخراب البيوت، مشيراً إلى أن الأجر غير مجزٍ والسفر كل يوم سيكلفهم كثيراً "ويا عالم هيوفروا لنا سكن وله لأ"، واتهم الحكومة بأنها ترغب فى خروج الكثيرين من المهنة خاصة كبار السن.

أما حسن عمر تحدث عن خطورة المهنة خاصة المواد الكيميائية المغشوشة التى يتم استيرادها من الصين «الكيماويات المغشوشة بتحرق جلدنا، ولأن أغلب الورش تعمل بمواد كيميائية فرز ثانى وثالث وهو ما يؤثر علينا صحيا وعلى جودة الجلود، ففى فترة التسعينيات كنا نستورد تلك المواد من ألمانيا وإيطاليا والآن فالصين لم تترك شيئاً وتصنع درجات مختلفة الجودة والمصريون عموما يبحثون عن الرخيص».

ويكمل «حسن»: أصحاب الورش عاوزين الشغل يخلص ومش مهم العامل حتى لو هيرميه عضم، فهناك عمال كانوا محترفين فى الدباغة وبسبب الإصابة اتجهوا للتسول لعدم وجود معاش أو تعويض عند الإصابة، إلى جانب اتجاه بعض المصانع إلى تسريح العمالة المصرية وتشغيل عمالة من الهند.

رامى على تحدث عن المهنة وما بها من مشقة يقول: «إن الدباغة صعبة ولا يتقن أسرارها إلا من التحق بها فى سن صغيرة ولذا فغالبية العاملين بها توارثوها عن آبائهم وأجدادهم. وهى تحتاج إلى أن يتمتع العامل بالصبر وقوة الملاحظة وحسن التصرف فى المواقف الصعبة من واقع الخبرات التى تعلمها واكتسبها ممن سبقوه وأسرار المهنة كثيرة، وكل «دباغ» حريص على ألا تخرج أسرار ورشته بعيداً عن أفراد أسرته، ولا يأتمن إلا أبناءه وأقاربه عليها فيعلمهم ويعهد لهم دوماً بإنجاز الأعمال المختلفة من تنظيف الجلد ودباغته وتفصيله.

ويقول «رامى»: إن الجلد يمر بمراحل فى المدبغة تصل إلى 18 مرحلة حتى يكون جاهزا للصناعة، وتبدأ المراحل بعد عملية الذبح وفصل الجزار للجلد عن لحم الحيوان، وبمجرد أن يصل الجلد إلى المدبغة يوضع فى الملح لمدة 10 أيام حتى لا يتعفن، ثم فى دائرة حلزونية الشكل، ويتم وضع مواد كيميائية عليه وحجر جيرى لمدة تتراوح من 10 إلى 12 ساعة حسب نوع الحيوان فالأبقار والجاموس والجمال تحتاج جلودها إلى ساعات أكثر من جلود الخراف والماعز.

ويضيف «الاستعانة بالحجر الجيرى مهمة لنزع شعر الحيوان من الجلد، وتنظيفه جيداً، ثم تبدأ مرحلة إزالة قطع اللحم والدهن الصغيرة العالقة فى الجلد، ثم يغسل الجلد بماء نظيف، وتلى ذلك عملية ضرب الجلود بوضعها فى حمام ماء مخلوط بمحاليل حمضية بمقادير مختلفة حسب طبيعة الجلد لإتمام تنظيفه نهائياً من أى شعر أو دهن، ثم عمليات الدباغة التى لا يتقنها إلى الصناع المهرة بما يملكون من خبرات فالمقادير هنا ووقت بقاء الجلود فى المنقوع أمر بالغ الدقة، وأى تغيير يأتى بنتائج سلبية ويؤدى إلى فشل العملية وإتلاف الجلد».

وللدباغة أربع طرق فهناك طريقة الدباغة النباتية التى تتم فى أحواض كبيرة مملوءة بمحاليل الدباغة والتى تحضر من الماء ومادة التانين. وتستغرق من شهر إلى ثلاثة، ولكن الجلود السميكة قد تتطلب دباغتها سنة كاملة. وتتميز الجلود المدبوغة بأسلوب الدباغة النباتية بصلابتها ومقاومتها العالية للماء بالمقارنة بالجلود المدبوغة بالكروم. والجلود المعاملة بالدباغة النباتية يتم تشبيعها بمواد مثل الزيوت والدهون وهذا التشبيع يجعلها طاردة للماء وأكثر مقاومة لكل العوامل وتستخدم الجلود المدبوغة بالطريقة النباتية فى تجليد الكتب وصناعة السيور الثقيلة للآلات وتستخدم الدباغة النباتية النقية فى صناعة بعض الجلود الخاصة، مثل جلد الريحان المصنوع من جلود الأغنام وبعض جلود البقر والنعام ووحيد القرن وكلب البحر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل