المحتوى الرئيسى

عماد غانم يكتب: على هامش أزمة الإخوان الداخلية | ساسة بوست

09/12 12:01

منذ 1 دقيقة، 12 سبتمبر,2016

– قال تعالى: «قلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا».

هذه الآية نزلت في أهل الكتاب، ولأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن ظلال هذه الآية تصل لكثيرين من أبناء أمة الإسلام، أفرادًا وجماعات.

رباه عذنا بك اللهم من جهل

كي لا نكون مثل من قد ضل سعيهمُ

ويحسبون أنهم قد أحسنوا العملَ

وقالوا: إن النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد.

– تمر جماعة الإخوان المسلمين بمحنة هي أشد محناتها على مدار تاريخها كله. لم يكن أحد يتوقع أن يأتي على الإخوان أطغى من عبد الناصر، وأن تمر عليهم محنة أشد من محنته.

لقد كان شيوخ الإخوان الذين عايشوا محنتهم إبان فترة حكم عبد الناصر، يتحدثون عن ما لاقوه من إيذاء وسجن وتنكيل وتعذيب، فينهمر السامع لهم في البكاء، ويذهل من هول ما يسمعه.

حتى وصل الأمر إلى أن يقرن الأستاذ محمد قطب بين ما حدث للإخوان من تنكيل وتعذيب واضطهاد، وبين ما حدث لبقايا المسلمين في الأندلس في محاكم التفتيش التي صنعها لهم الصليبيون.

ثم جاءت المحنة الأشد، مجزرة تاريخية في رابعة، اعتقال عشرات الآلاف، قتل للناس في الشوار ع والبيوت، اغتصاب للفتيات، تعذيب حتى الموت.

وقد كان المفترض أن يتلاحم الصف الإخواني في هذه المحنة ويشتد تلاحمه، لا أن يخرج من هنا ومن هناك من يثقل الحمل ويكسر الظهر، ويصرف الصف عن معركته الرئيسية مع الانقلاب وعصابته إلى خلافات داخلية.

– كان ياسر عرفات يرد على من يطالبه بتغيير مَن حوله مِن القيادات بقوله: أنا لا أغير خيلي في أرض المعركة والحرب دائرة.

هذه الجملة جملة منطقية عقلية، وهي حق، سواء أراد عرفات بها الحق حينها، أو أراد بها الباطل.

ليس من العقل ولا من الحكمة تغيير الخيل في أرض المعركة، وخصوصًا إذا كان الضراب شديدًا، والوطيس حاميًا.

– حالة الخلاف الكبيرة التي عليها جماعة الإخوان المسلمين حاليًا تؤشر إلى أن نهايتها ستكون أكبر. الخلاف ما يزال دائرًا، وما تزال كل الأطراف مصرة على مواقفها.

صحيح أن ما تسمى بالقيادة القديمة قد حسمت الكثير لصالحها، إلا أنه على الجانب المقابل تصر ما تعرف بالقيادة الجديدة على خطواتها التصعيدية، وها هي تجري انتخابات في بعض المحافظات الموالية لها، لانتخاب مجالس شورى جديدة، للتصعيد من بينها بعد ذلك، وانتخاب مكتب إرشاد جديد.

هذا الخلاف من المستحيل أن يمر بلا خسائر، لا بد من انشقاق حتمي يحدث في نهايته، أو على الأقل استقالات وإقالات للمئات من شباب الجماعة وقياداتها الوسطى.

– الأستاذ صبحي صالح القيادي الإخواني المعروف فك الله أسره، علق يومًا على فكرة انشقاق بعض الأفراد والقادة عن الجماعة، فذكر الرجل وجهة نظر مختلفة في هذا الأمر. قال: إن ذلك يزيد الجماعة قوة وتماسكًا. ثم شرع في شرح رؤيته، حيث ذكر أن بعض الأفراد والقيادات يصلون إلى حد من الخلاف مع توجهات الجماعة ومؤسساتها إلى الدرجة التي تشوش على الجماعة، وتضعف من قوة بنيانها وتوحدها. ويكون ترك هؤلاء للتنظيم هو الحل الأنجع لبقاء التنظيم بقوته في مؤسساته وتوجهاته، وبقاء صفه على قلب رجل واحد.

ويسع التاركين العمل للفكرة الإسلامية العامة بحرية بعيدًا عن التنظيمية والجماعية التي أعيتهم وأعيوها، أو من خلال جماعة أخرى، أو حزب آخر إن أحبوا ذلك.

– أي جماعة هي فكرة في النهاية، والفكرة بنت واضعيها، وأولى الناس بها واضعوها المؤسسون. ولذلك فإن أي صراع بين جيل الآباء المؤسسين والأجيال التي بعدهم يجب أن تكون نتيجته لصالح الآباء المؤسسين.

وعلى الأجيال التي بعدهم أن تتصالح معهم وترضى بفكرتهم وأطرها التنظيرية والتنظيمية، أو عليهم إن أجهدهم ذلك أن يجدوا لأنفسهم فكرة مختلفة، وتنظيمًا مختلفًا.

ليس من المصلحة أبدًا أن تظل في جماعة لا ترضى عن توجهاتها وإستراتيجياتها وبنيتها التنظيمية واللائحية. ليس من المصلحة لا لك ولا للجماعة.

– لقد كان من الحكمة والعقل أن ننشغل بثورتنا على الأرض، وأن نترك الأمور التنظيمية للجماعة لبقية قياداتها الحرة، وأن لا ننازعهم في الأمر الآن.

مع الأخذ في الاعتبار أن قيادات الإخوان قد أخذت توجهًا إستراتيجيا في معركة الثورة، وقطعت جازمة أن الحراك الثوري هو ملك لمحركيه على الأرض، ولا تدخل فيه البتة لأحد من خارجه.

وذلك يعني أن الجماعة لم تكن تنوي فرض شيء على الحركة الثورية، ولم تتدخل إلا لتأكيد النهج السلمي في الثورة، وكل إبداع داخل الإطار السلمي مطلوب، والإبداع ابن مبدعيه على الأرض.

لقد تركت قيادات الجماعة إدارة الثورة على الأرض لشبابها، وكان يجب على الشباب أن يتركوا إدارة الجماعة وتنظيمها لقياداتها الشرعية الموجودة، بقية مكتب الإرشاد مع بقية مجلس الشورى العام.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل