المحتوى الرئيسى

صور| «التحرير» تزور قرية المتهم الأول في «هجمات 11 سبتمبر»

09/11 17:51

تحل اليوم الأحد، الذكرى الخامسة عشرة لهجمات 11 سبتمبر، أو ما أطلق عليها الغرب أحداث "أيلول الأسود"، التي راح ضحيتها نحو 2973 شخصًا، ولازال هناك 24 مفقودًا حتى الآن، والمتهم فيها تنظيم القاعدة بقيادة زعيمه أسامة بن لادن، ومساعده المصري المهندس أيمن الظواهري وخالد الشيخ محمد، رمزي بن الشيبة، وأخيرًا المهندس طيار محمد عطا السيد وكُنيته أبو عبد الرحمن المصري، الذي كان على متن الطائرة المختطفة رقم (11) لشركة الخطوط الأمريكية، حسب تقارير الاستخبارات الأمريكية.

بداية الخيط .. "جواز سفر"

"206 عمارات الضباط بمزرعة الهرم في محافظة الجيزة".. معلومة عابرة لم تتجاوز السطر الواحد كانت واردة ضمن بيانات جواز السفر الوحيد الذي ذكرته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش الابن، أنّها عثرت عليه ضمن بقايا حطام الطائرة الأولى المنكوبة لشاب مصري من محافظة كفر الشيخ، يُدعى محمد الأمير عوض السيد عطا، الشهير بـ"محمد عطا"، المتهم الأول في تفجير برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك.

من هنا بدأنا البحث عن موطن الرجل الأول، والوارد اسمه في القائمة المطلوبة دوليًا ضمن طاقم الطائرة الأولى، التي استهدفت أحد برجي التجارة العالميين، وعلى رأس التسعة عشر متهمًا المشاركين في تنفيذ تلك الهجمات التي وصفها "بوش" بأنّها "حرب صليبية" على الغرب.

في عمارات الضباط لا أحد يعرف شيئا عن "عطا"، وكانت الدهشة تعلو وجوههم عند سؤالهم عنه كأنّهم لأول مرة يعلمون ذلك، وإنّ كان أغلبهم يعرفون جيدًا خطورة ما ارتكبه ضمن أفراد تنظيم القاعدة، ولكن أحد الشيوخ الكبار في السن هناك ذكر أنّ والده المحامي المتقاعد، محمد الأمير، يقطن بحي العمرانية في محافظة الجيزة .

والده: "البنتاجون قتله ولفق التهمة ليه"

وهاتفيًا اتصلنا بوالده، الذي رفض التسجيل معنا أو الحديث عمّ وصفه بالأكاذيب التي يرددها الإعلام عند مطلع سبتمبر من كل عام مع الذكرى السوداء، حسب تعبيره، قائلاً "ما عنديش أي أخبار عن ابني تطفي النار اللي جوايا عن غيبته، وآخر مرة اتصل بيّ محمد كانت في اليوم التالي للأحداث، للاطمئنان على صحتي، لكن الأخبار انقطعت عنه بعد ذلك تماما"، متابعًا: "لو كان ابني حيا لبادر بالاتصال بنا كعادته، ولكن ابني اختفى، وكل الأخبار بتقول إنه تمت تصفيته من قبل البنتاجون".

في المقابل، نجد أن المعلومات الصادرة عن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" تؤكد الانتهاء من تفريغ التسجيلات التي تدل على وجود "عطا" على متن الطائرة "التي اصطدمت بالبرج الشمالي" لمركز التجارة العالمي، الذي توفّر بعد بضعة أيام من انهيار الأبراج الثلاثة.

هنا يقول والده المحامي ساخرًا، "لقد عثر أحد رجال الشرطة على جواز سفر محمد عطا بين ركام البرج الشمالي، كل شيء احترق مع البرجين وحطام الطائرة، لكن جواز سفر ابني محمد الذي يُمثّل دليل إدانته الوحيد ظل سليما لم يحترق، في أي منطق وبأي عقل يمكن تقبل تلك الخرافة؟"، ثم يستطرد: "فقط مع تكنولوجيا الأمريكان والجرافيك وعصر الفوتوشوب يصبح كل شىء ممكنًا".

ويضيف والد عطا، "إدارة بوش أرادت أنّ تدعم هذا الدليل الواهن فبثّت صورا ضوئية تُظهر محمد عطا وشريكه زياد جراح، في أفغانستان، قبيل تسجيل وصية كل منهما على الكاميرا في يناير 2000، لكن الإدارة الأمريكية ذكرت أنّهما كانا يصعدان على متن الطائرة، لكنها الطائرة التي أقلعت من مطار بورتلاند، وليست تلك التي انطلقت من بوسطن نحو البرج الشمالي في نيويورك"، علي حد قوله، متابعًا "إضافة إلى شريط آخر تم بثه في 2006 يظهر عطا، وهو يتدرّب في مخيم تابع لأسامة بن لادن في أفغانستان خلال نهاية عام 2000".

أبو دشيش.. هنا وُلد المتهم الأول في "أيلول الأأسود"

وعن مكان مولده ونشأته أخبرنا والده أنّه من مواليد كفر الشيخ وتحديدًا في حي أبو دشيش، بمركز بيلا، في الأول من سبتمبر 1968، هنا أخذنا الخيط واتجهنا إلى موقف ميكروباصات محافظة كفر الشيخ في عبود، وتجاذبنا أطراف الكلام مع عدد من السائقين، وحينما ذكرنا اسم "محمد عطا"، خشى البعض من إكمال الحديث أو التفوه بكلمة واحدة إلينا، كي لا تُحسب عليه بمجرد سماع كلمة "تفجيرات"، حتى أكّد لنا أحد السائقين القدامى بالموقف أنه يعلم عنوان منزل عائلة "عطا" القديم بمركز بيلا.

كما أخبرنا والده وأعطانا رقم أحد الأهالي هناك، ويُدعى "عم مجاهد" الذي أكَّد معرفته الشخصية لـ"محمد" ووالده، وأنهما من مواليد "أبو دشيش" بالفعل.

وحينما وصلنا إلى هناك، عند موقف المؤسسة على طريق "المقابر" في طريقنا إلى "أبو دشيش"، كان الصمت التام يُخيم على القرية، التي يشق طريق الدخول إليها ترعة صغيرة علي طول الطريق و"مزلقان" قطار السكة الحديد، وكلما اقتربنا من الحي، وسألنا الأهالي عن منزل أسرة "عطا"، كان رد الأهالي: "إحنا ما نعرفش حاجة عن الاسم ده.. أه عيلته من هنا، لكن أول مرة نعرف إنه أتولد هنا، والناس هنا في حالهم زي ما إنت شايف أغلب من الغُلب وفي حالهم وعلى باب الله".

وخلال تجولنا بين شوارع الحي تصادفنا بجنازة أحد أفراد العائلة من شارع "البوسطة"، وبعد انتهاء الجنازة اقترب منا أحدهم هامسًا "أنت بتصلي؟" السؤال كان مباغتًا وصادما، وإنْ كانت نبرته تكتسي بالهدوء والوعظ الديني، لكنني أجبته بنفس الهدوء، فأكمل نصائحه لي وسط المقابر "لازم تداوم على الصلاة وما تسيبش فرض ربنا وتبرّ أبوك وأمك وتطيع ربنا، وتعمل للإسلام"، ثم أخرج زجاجة عطر "فل" كانت في جيبه ونثرها على يدي وفوق ملابسي، هنا سألته: "إنت من عيلة عطا؟ فرد بالإيجاب، فسألته عن محمد عطا منفذ تفجيرات سبتمبر في أمريكا، أو كما يطلق عليه المقربون منه "منفذ غزوة مانهاتن" وصاحب عملية الثلاثاء المبارك، هنا أصابه الصمت وانصرف بعيدًا كما جاء دون استئذان.

وعلى بعد خطوات من "أبو دشيش"، توجد قرية إبشان التابعة لنفس المركز، التي يقطن بها عدد غير قليل من أفراد عائلة "عطا"، حيث يقدر كبار العائلة عددهم بـ25 ألفًا، وهناك التقينا أيمن عطا الضادي، أحد المرشحين السابقين لانتخابات مجلس النواب، الذي نفى معرفته بمحمد عطا من قريب أو بعيد، قائلاً "كانت مفاجأة لي إنه من بلدنا، وإنه يفجر نفسه في برج أمريكي وهذا شىء لا يتقبله عقل أو منطق أو دين مستغلين جهل الناس، والمشكلة إننا بندور للغرب على حجة لتشويه صورة إسلامنا، ليقولوا عليه إرهابي، وديننا برىء من كل ذلك، وإحنا ديننا دين السماحة والوسطية، والغرب هما اللي صدروا الإرهاب للعالم".

 وأضاف الضادي، "التعليم مالوش دخل بالإرهاب، ومش مقياس للثقافة"، ضاربًا مثلاً بجماعة الإخوان الإرهابية المسيطرين علي جميع النقابات ويقومون بالتفجيرات هنا وهناك لإرهاب الجميع، متابعًا "في ثقافة الحياة أكبر بكثير والجماعات الدينية المتطرفة تمارس الدور الأكبر في تغييب العقول والسيطرة عليها".

عدد من الأهالي أجمعوا على ما ذكره الضادي، قائلين "ماعندناش إرهابيين هنا في بيلا، والإخوان اللي هنا ملتزمين بيوتهم، وحي أبو دشيش أهله مثقفين وطيبين جدًا، ولا يمكن محمد عطا يكون أحد أبناء هذا البلد الهادئ المسالم".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل