المحتوى الرئيسى

ثمانية أسباب للخوف والإحباط | المصري اليوم

09/10 22:20

كيف يبدو المصريون عشية الاحتفال بعيد الأضحى المبارك هذا العام، أى عند كتابة تلك السطور؟

ليس هناك كيان بحثى موثوق وعملاق يستطيع أن يجرى مسحاً دقيقاً لتقديم إجابة عن هذا السؤال، ومع ذلك، فقد أمكننى أن أجازف باقتراح إجابة، من خلال مشاهداتى الشخصية، وحديثى مع قطاعات من النخب والجمهور، وتحليل ما ينشر ويبث فى وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعى، وكان ما يلى:

أولاً: يعيش المصريون أزهى عصور الشكوى راهناً. يبدو أن الجميع يشكو، إما من زيادة الأسعار، أو من تراجع الصحة، أو من مشكلات الحياة اليومية الضاغطة.

ثانياً: توقعات متشائمة؛ إذ يميل المجموع العام للمصريين حالياً إلى توقع المزيد من التراجع والخلل والتردى، ويبدو أن الكل واثق فى ذلك، ومتأهب له.

ثالثاً: شعور مهيمن بحالة من الإحباط؛ حيث يبدى الكثيرون دهشة وأسى، لأنهم تلقوا صدمة فى كيان أو شخص كان موضع ثقتهم، ويتساءلون «كيف لم نر هذا؟ كيف خُدعنا؟ كيف لم نتوقع هذا؟».

رابعاً: مخاوف عميقة من المستقبل؛ بحيث لا يتم استبعاد أى احتمال مهما كان قاتماً أو مرعباً.

خامساً: رغبة واسعة فى الرحيل. لا يمكن القول إن الجميع يريد أن يرحل. لكن كثيرين يظهرون الرغبة فى الخروج. يسألون عن فرصة للبقاء بعيداً بعض الوقت. بعض الذين يطلبون الخروج أو يسألون عن فرصه يتحدثون عن رغبة فى تغيير المكان، وليس بالضرورة رغبة فى زيادة الدخل. البعض يسأل عن وظيفة فى الخارج بنفس معدل الدخل الذى يحصل عليه فى الداخل.

سادساً: تزعزع اليقين؛ وهو الأمر الذى ينعكس فى حالة عمومية من التخبط والتردد. تتراجع معدلات الثقة المعهودة، ويحل مكانها قدر كبير من الشكوك. البعض كان واثقاً فى النظام واليوم يتردد فى منح الثقة، البعض كان واثقاً فى البرادعى واليوم تنتابه الشكوك فى الرجل، والبعض كان قد انتخب حمدين، والآن يسأل «من أين ينفق؟»، والبعض كان مؤمناً بالإسلام السياسى، واليوم يشكك فى مقاصد «الإخوان» بل ووطنيتهم، والبعض كان يكره أمريكا، أو يقدر السعودية، أو يحب الإمارات، أو يعجب ببوتين، أو يغرم بالجيش، أو يُتيم بخيرت الشاطر، أو يُصدق باسم يوسف، واليوم إذا سألته؛ فربما أجاب: «لا أعرف».

سابعاً: الغموض المخيف. لا أحد يعرف على وجه التحديد ما يجب أن يعرفه لكى يتخذ القرار المناسب ويُكّون الرأى الأقرب للصواب. لا نعرف إذا كان وزير التموين المستقيل فاسداً أم شريفاً ضحية مؤامرة، ولا نعرف إذا كانت الولايات المتحدة عدوة أم صديقة، ولا نعرف إذا كانت إسرائيل تكيد لنا أم تساندنا، ولا نعرف إذا كانت إثيوبيا تتعاون معنا أم تأخذنا إلى العطش، ولا نمتلك تقديراً لمدى فاعلية مواجهتنا الإرهاب فى سيناء، ولا يمكننا توقع سعر الدولار بعد العيد، ولا جدوى إقامة العاصمة الإدارية، ولا سبب عدم استرداد د. عمرو الشوبكى مقعده فى مجلس النواب، ولا دوافع محاكمة د. هشام جنينة، وغير هذا مما هو أهم وأخطر.

ثامناً: هذا العنصر بالذات خطير. فقد ساد شعور، أمكننى رصده، باللاجدوى ومفاده، أنه ليس هناك ما يُعول عليه للإصلاح والإنجاز من كل ما يطرحه الساسة ويبثه الإعلام.

يبدو أن ثمة توافقاً على أننا ماضون إلى الطريق المظلم، والبعض يرسم أطياف هذا الطريق كما يراه فى كوابيسه وتحليلاته؛ ويقول أشياء عن «انتفاضة جوعى»، أو «إفلاس دولة»، وغير هذا من التوقعات السوداء.

ليس هذا حديثاً متناسباً مع أجواء العيد، التى يجب أن تكون متفائلة وإيجابية، وخصوصاً أن معظم المصريين سيخرجون إلى الحدائق والمتنزهات كما اعتادوا كل عام، وبعضهم سيطير إلى الغردقة وشرم الشيخ، أو يقود إلى الساحل الشمالى، وآخرون سيحجون إلى بيت الله الحرام، وكثيرون سيذبحون الأضاحى، وسيتبادلون التهانى والزيارات العائلية ورسائل المعايدة.

ستستمر الحياة إذن، برغم ثمانية أسباب للخوف والإحباط، تم ذكرها فى السطور السابقة من هذا المقال، ومع ذلك يقتضى الإنصاف إيراد سمات إيجابية، أزعم وجودها أيضاً ضمن تلك الحالة المصرية الراهنة؛ ومنها:

أولاً: تراجع حدة الاستقطاب بين المصريين، خصوصاً فى السياسة.

ثانياً: تراجع معدلات الحسم والقطع فى شأن القضايا العامة مقارنة بما كان سابقاً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل