المحتوى الرئيسى

إشارة غامضة لم تنتج عن المادة المظلمة، فما هو مصدرها؟

09/10 20:07

أثارت حماس علماء الفضاء إشارة غامضة من الأشعة السينية قادمة من عناقيد من المجرات، تساءل العلماء عن مصدرها، وإمكانية صدورها عن المادة المظلمة (dark matter)، التي لم يتمكن العلماء من رصدها حتى الآن برغم تشكيلها لحوالي 80% من مادة الكون!

و في محاولة للإجابة عن هذا السؤال، قام علماء الفيزياء في معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية في هيدلبيرغ بالتحقق مما يمكن أن يكون تفسيراً بديلاً لتلك الإشارة الغامضة، ووفقاً لما توصلوا إليه فإن تلك الإشارة السينية الغامضة قد يكون مصدرها أيونات الكبريت عالية الشحنة التي التقطت الكترونات من ذرات الهيدروجين. لكن مع ذلك لابدّ من مواصلة البحث عن المادة المظلمة التي من الصعب رصدها.

قبل حوالي السنتين، بثّ قمر الأشعة السينية الصناعي إكس إم إم نيوتن XMM-Newton بيانات إلى الأرض أحيت آمال علماء الفيزياء الفلكية، فقد التقط القمر الصناعي إشعاعاتٍ ضعيفة قادمة من عدة عناقيد من المجرات وقد بلغت طاقتها حوالي 3.5 كيلو إلكترون-فولط (KeV) ولم يكن باستطاعة ما نعرفه عن طيف الأشعة السينية تفسير هذه البيانات.

وبسرعة برز تخمين يقول أن مصدر هذه الإشعاعات قد يكون جسيمات متفككة من المادة المظلمة، مما قد يُعتبر أول أثر مادي للمادة المظلمة التي طالما بحثنا عنها. ولكن ما خيّب الآمال هو أنّ المناطق التي رصد القمر الصناعي فيها هذه الإشعاعات لم تكن تتطابق مع التوزّع المكانيّ للمادة المظلمة الذي تنبّأت به تحليلات علماء الفيزياء الفلكية. 

إضافة إلى وجود عدد كبير من العمليات الفيزيائية التي لا يعلم علماء الفلك بصماتها في طيف الأشعة السينية، وبالتالي لا يمكن استبعادها حالياً من أن تكون سبباً لتلك الإشارات الغامضة. وفي الحقيقة لاتزال البيانات الطيفية الموجودة في مجموعة الجداول التي يستخدمها الباحثون لتقييم الأطياف الفلكية غير كاملة، وهي مبنية في بعض الأحيان على افتراضات نظريّة، وبالتالي هي ليست محلاً للثقة.

سدّ علماء الفيزياء العاملون مع خوسيه كريسبو José Crespo -قائد مجموعة بحثية في معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية- إحدى الثّغرات في بيانات الأشعّة السينية عبر ما أنجزوه من تجارب، ونتيجة لذلك أصبحوا يدعمون وجهة نظر شركائهم الهولنديين ليي غو وجيل كاسترا Liyi Gu and Jelle Kaastra فيما يخص مصدر تلك الأشعة السينية الغامضة.

فوفقاً للحسابات التي أجراها الباحثان في المعهد الهولندي لأبحاث الفضاء (سرون SRON)، فإن الإشارة الغامضة قد تكون ناتجة عن أنوية الكبريت العارية (\(S^{16+}\)). وذلك بعد التقاط كل ذرّة من ذرّات الكبريت -التي فقدت جميع الكتروناتها- الكترونا واحدا من ذرة هيدروجينٍ مثلا.

غالبا ما تتواجد الأيونات عالية الشحنة في الوسط الحار بين مجرات عنقودٍ ما، حيث توجد ذرات الكبريت المؤينة كليا بكثرة، ويشرح خوسيه كريسبو هذه العملية بقوله: "تقوم نوعاً ما الشحنة العالية لنواة الكبريت (S+16) بامتصاص الكترون ذرة الهيدروجين، وبالتالي تُطلق طاقة على شكل أشعةٍ سينيّة".

التجارب باستخدام مصيدة الإشعاع الالكتروني الأيونية 

استخدم علماء الفيزياء مصيدة الإشعاع الالكتروني الأيونية في القياسات. فقد حقنوا في البداية حزمة رقيقة جداً لمركب كبريتيّ طيّار داخل فراغ الجهاز المستخدم في التجربة. ثمَّ قامت الالكترونات التي قُذفَت بها الجزيئات لاحقاً بتفتيت هذه الجزيئات وطردت الالكترونات خارج ذراتها. ويعتمد عدد الالكترونات المتحرّرة على طاقة الحزمة الإلكترونية. وبهذه الطريقة خصوصا، يستطيعون إنتاج أيونات الكبريت المرغوبة ذات الشحنة المرتفعة.

بعد ذلك، أخمد العلماء الحزمةَ الإلكترونية لبضع ثوانٍ ليتمكنوا من رصد الكيفية الّتي تمتَصُّ بها أيوناتُ الكبريت العارية الكتروناتٍ من الجزيئات التي لم تُدمّر بعد أيضا. يكون لدى الالكترونات مبدئياً كمية كبيرة من الطاقة عندما يتم التقاطها من قبل أيونات الكبريت \((S^{16+})\)، لكنها تُصدر تلك الطاقة على شكل أشعّة سينية، وقد كانت الطاقة العظمى لهذه الإشعاعات بحوالي 3.47 (KeV)، وهي تقارب تماماً طاقة الإشارة الغامضة التي رصدها القمر الصناعي. 

يقول تشينتن شاه Chintan Shah الذي كانت له مساهمات هامة خلال التجارب: "أجرى زملاؤنا في هولندا حسابات على نماذج تبادل الشحنة لدعم وجهة نظرنا في تفسير تلك الإشارة وأصبح بإمكانهم تفسير بياناتنا جيدا".

البحث عن المادة المظلمة يجب أن يستمر

حقيقة إزالة أيونات الكبريت العارية -خلال التجربة التي أُجريت في هيدلبيرغ- للإلكترونات من الجزيئات السليمة للمركب الكبريتي الطيّار وليس من ذرات الهيدروجين ليست بالأمر الهام في مجال طيف الأشعة السينية، فهذه الأشعة لا تنتج فقط عندما تفقد الكترونات ذرة الكبريت الطاقة. 

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل