المحتوى الرئيسى

هآرتس: هذه بوادر الثورة على السيسي

09/10 18:13

ذهب "تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بصحيفة "هآرتس" إلى أن هناك بوادر ثورة جديدة في المصر ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وتناول "برئيل" أوضاع "المعتقلين" في السجون المصرية، والمختفين قسريا، وأوضاع حقوق الإنسان، وبناء مصر سجون جديدة تكلفها ملايين الدولارات في وقت تقترض من صندوق النقد الدولي.

حتى في الأيام التي تحتاج فيها مصر لقروض، ينفق النظام ملايين الدولارات في بناء السجون لآلاف المعتقلين السياسيين. وبجانب صرخة النساء واحتجاج الأقباط الشباب، قد تكون هذه بوادر الانتفاضة القادمة.

ليس لدى أعضاء فرقة "أطفال الشوارع" الستة قاعة عرض ولا مسرح. مخلصون لاسمهم يغنون في الشارع، يصورون أنفسهم بالهواتف الذكية ويرفعون المقاطع على اليوتيوب. ليست لديهم أدوات عزف باستثناء طبلة واحدة، لكن الكلمات تصنع الموسيقى- وهذه ليست ضمانة لأذن الرئيس عبد الفتاح السيسي. عندما يغنون "سيسي سيسي أنت رئيسي"، فإنهم لا يمتدحون جهود الرئيس، لكنهم يدعونه لمغادرة منصبه. ولإغضابه أكثر وأكثر يستخدمون كلمة "ارحل" التي استخدمها المتظاهرون في الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في 2011 ضد الرئيس السابق حسني مبارك.

أغنية شعبية كهذه تعتبر خطيرة. وبالفعل، اعتقل الستة بتهمة التحريض، والإضرار بأمن الدولة، والتخطيط لقلب نظام الحكم والتجمهر غير القانوني. هذه تهم خطيرة تحمل في طياتها عقوبات بالسجن لفترات طويلة. 

أطلق سراح أعضاء الفرقة في الوقت الراهن بتدابير احترازية، وهم ينتظرون الآن بت المحكمة في أمرهم. إذا ما حكم عليهم بالسجن، فإن أعضاء الفرقة لن يكونوا وحدهم. وفقا لتقرير نشرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والحريات فإن هناك نحو 106 ألف سجين في مصر موزعون على 504 سجن. أكثر من 60 ألف منهم كما يشير التقرير سجناء ومعتقلون سياسيون. 

أنفقت السلطات منذ الثورة الكثير من الموارد لبناء 19 سجنا جديدا. أحدهم سجن جمصة، الذي أنفق عليه 95 مليون دولار، في الوقت الذي توقع فيه مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

لكن هؤلاء السجناء محظوظون بشكل نسبي، لأنهم مسجلون في الأوراق الرسمية، وتعلم أسرهم مكانهم. على عكس أوضاع نحو 1250 شخص اختفوا في أقبية السجون أو مقرات الاحتجاز المصرية في السنوات الماضية، وليس هناك من تفاصيل بشأنهم.

هذا لا يعني أنهم ماتوا، لكن أن الدولة لا تكشف تفاصيل حول مكان تواجدهم. هذه المعطيات المخيفة دفعت المجلس المصري لحقوق الإنسان لتطوير تطبيق جديد باسم  iProtect يسمح لمن يتعرض للاعتقال بإرسال ثلاثة رسائل لمعارفه تحمل معلومات عن مكانه، ورسالة إلكترونية تحمل معلومات مماثلة لمجلس حقوق الإنسان، ولمنع اكتشاف التطبيق يتم عرضه كآلة حاسبة، وبذلك لا يستطيع رجال الشرطة الذين يفتشون في الهاتف المحمول معرفة أن المعتقل يرسل رسائل لأصدقائه. بهذه الطريقة يأمل نشطاء حقوق الإنسان تحديد موقع المعتقل بسرعة وإرسال محام له، أو الوصول إليه بينما لا يزال في الحجز المحلي، قبل نقله لسجن مركزي كبير، تختفي فيه آثاره.

لحقوق الإنسان ليست هناك تعاريف دقيقة لمصر، والقوانين هناك غامضة بشكل يكفي لإخفائها تحت عباءة أمن الدولة.  بناء على ذلك فإن الصراع على حقوق الإنسان لا يمكن أن يعتمد فقط على مواد القانون المطاطة للتركيز فقط على منع الإضرار الجسدي بالمواطنين أو إغلاق أفواه الصحفيين والمثقفين. 

قال ناشط في إحدى الجمعيات الحقوقية الكبيرة بالقاهرة  لـ"هآرتس" :”حقوق الإنسان ثقافة غائبة لدينا، الموضوع واسع للغاية ويشمل وضع الطفل، ووضع المرأة، وحقوق الملكية وحرية التعبير، بذلك يتضح أن عملا ينتظرنا طوال الحياة، فأينما ذهبت تجد مساسا بالحقوق".

تسعة من كل 10 نساء

مؤخرا قدم البرلمان المصري نموذجا حقيقيا لجوانب أخرى من الإضرار بحقوق الإنسان. في نقاش حول تغليظ العقوبة على ختان الإناث، هاجم عضو البرلمان إلهامي عجينة مقدمي القانون وقال "إن هناك ضرورة لختان الإناث لمواجهة الضعف الجنسي لدى الرجال". ولدى توضيحه أضاف :”يعاني الرجال في مصر من الضعف الجنسي ومصر واحدة من أكبر مستوردي المنشطات الجنسية في العالم. يمكن مكافحة ختان الإناث فقط عندما يكون الرجال أكثر قوة".

ليس هناك داع للجدل حول المنطق المشوه لهذا الكلام، الذي أثار كما هو متوقع ضجة إعلامية كبيرة وأدى لاستدعاء عضو البرلمان الموقر أمام لجنة الأخلاق في البرلمان. لكنه طرح طريقة فكر سائدة. وفقا لتقديرات منظمات حقوق الإنسان، 9 من كل 10 نساء في مصر خضعن لجراحة الختان. وفقا لتقديرات أخرى، شهدت السنوات الماضية تراجعا في عدد عمليات الختان، والآن هناك 70% من النساء خضعن للعملية.

علينا تناول مصطلح "جراحة" بحذر شديد، لأن "الجراحة" تجرى غالبا بأدوات منزلية، دون إشراف طبي وفي ظل غياب ظروف صحية مناسبة، بشكل أدى لعدة مرات لوفاة أطفال. صحيح أن هناك جمعيات نسوية تنشط في مصر وتحاول تعليم الجمهور الامتناع عن ختان الإناث، لكن يبدو أن إسقاط النظام أسهل من مكافحة عادة متجذرة للغاية.

وفي الأسبوع الذي عصف الضعف الجنسي للرجال بالحديث العام في مصر، طُلب من النحات المعروف وجيه يني "تعديل" تمثاله الكبير "أم الشهداء" الذي وضع بمحافظة سوهاج في صعيد مصر. التمثال لجندي بشارب، يحتضن من الخلف سيدة بلباس تقليدي، ويطوقها بإحدى يديه من أسفل صدرها، وكأنما أراد سندها. في الوقت الذي كُشف فيه التمثال اندلعت ضجة مدوية في أرجاء البلاد. 

بدا التمثال وكأنه يصور تحرشا جنسيا، واحتج المواطنون الذين شاهدوه، وقالت النحاتة عزة عبد المنعم :”الطريقة التي يحتضن بها الجندي المرأة لا تدل على اعتزامه حمايتها، بل  يبدو أكثر أنه يريد اغتصابها". وأضافت عبد المنعم التي اشتكت قبل عام المسئول عنها وزير الثقافة الذي سخر من جسدها :”السيدة ترتدي ملابسا تقليدية ، وتبدو ضعيفة وكأنها تحتاج المساعدة دائما. إذا كانت مصر تعرض هكذا فأنه عرض كاذب".

هذه الردود، والانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي، التي شبهت التمثال بالمشهد المعروف من فيلم تايتانك، دفعت محافظ سوهاج أن يطلب من النحات يني تعديل عمله الفني ليلائم مشاعر المواطنين.  

ليس على النحات أن يقدم الحقيقة، يمكن أن يعبر عن الخيال. وإذا ما استمرت النساء في مصر في إجراء الجراحة الخطيرة، والسقوط ضحايا للتحرشات الجنسية في الشارع، وعدم الحصول على تمثيل مناسب في البرلمان، فسيمكنهم على الأقل الاستمتاع بالمنحوتات المذهلة التي تصفهن كأبطال يحملن الرؤية الوطنية.

يجب التذكير أن من احتج على التمثال هم الرجال، الذين شعروا بالإهانة لأن أحدا قد يفهم من العمل الفني أنهم يتحرشون بالنساء.

من الفئات التي تحاول الحصول على حقوقها انضم المسيحيون الأقباط، الذين "فازوا" الأسبوع الماضي بقانون يسهل بناء الكنائس. القانون طرحه الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد سلسلة من المواجهات العنيفة بين مسيحيين ومسلمين، لاسيما في قرى الصعيد، التي أحرقت فيها منازل الأقباط. حرصت السلطات على وصف القانون الجديد بمصطلحات دراماتيكية  كـ"انطلاقة تاريخية"، لأنه ينهي تشريع استمر سنوات يحظر بناء كنائس جديدة.

لكن القانون الجديد يمنح الحكومة أيضا آليات لمنع بناء الكنائس. على سبيل المثال، فإن المحافظين هم المخولين بمنح تصريح البناء النهائي، بما يتناسب مع عدد المواطنين المسيحيين الذين يقطنون المدينة، أو القرية التي يسعون لبناء كنيسة بها.

المشكلة أن المحافظين بوجه خاص، والحكومة عموما، لا ينشرون عدد السكان المسيحيين في الدولة كلها أو في المحافظات. وبدون معطيات دقيقة بإمكان أي محافظ الجزم أنه ليس هناك عدد كاف من المسيحيين في القرية، وليس هناك طريق لدحض ما ذهب إليه. 

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل