المحتوى الرئيسى

مازن خدّاج.. تبسيط الحركة واختزالها

09/10 02:37

في معرض «الصيف الجماعي» الذي أقامته غاليري «آرت سبايس ـ حمرا» منذ فترة، كنّا رأينا عملين لمازن خداّج بأحجام صغيرة. العملان المذكوران يغلب عليهما الطابع الغرافيكي، ويتضمنان موتيفات ذات طابع شرقي، بالإضافة إلى أنهما منفذان بإحدى تقنيات الألوان المائية، وبالغواش تحديداً على ما نعتقد.

لوحات خدّاج المعلّقة حالياً في الغاليري عينها، تختلف عمّا رأيناه سابقاً، إذا شئنا أن نحكم على سابقه من العملين اللذين شاهدناهما صيفاً. الاختلاف يشمل الموضوع والتقنية وحتى الرؤية الفنية. في «العاطفة في الحركة»، وهي العبارة التي اختارها خدّاج عنواناً لمعرضه الحالي، يُستدل على وجود علاقة للعاطفة الإنسانية في ما صنعه، وارتباط العاطفة بالحركة، هذا إذا ما أخذنا الأمر من ناحية تبسيطية، ما يتناقض، من حيث المبدأ، مع منتجات الفن التشكيلي الحديث التي يبدو أنها صارت على طلاق مع التبسيط الفكري، في حين أنها قد تعتمد البساطة والاختزال في الشكل. في أي حال، تقول النشرة المرافقة لأعمال خدّاج إن الفنان، في معرضه الجديد، يقدم علاقته بالرغبة الجمعية والفردية، سواء في إطار المجموعة، أو ضمن ثنائي أو منفرداً.

اللوحات الحاضرة، المنفّذة بتقنية الأكريليك، تستحضر أجساداً، ولا نقول قامات إنسانية كاملة، في أوضاع مختلفة تجمع ما بينها حركة متعددة الأوجه. ونعيد القول بأن القامات الإنسانية ليست مكتملة، بل إن بعضها كانت قد اقتُطعت منه أجزاء رئيسية كالرأس مثلاً، أو بعض الأطراف، وفي الأحوال كلها لا ينبغي أن تؤخذ هذه القامات من وجهة نظر تشريحية واقعية، لكونها لا تستوفي شروط التشريح، ولا تطمح إلى تطبيقها في الرسم، وإذا كنا قد ذكرنا كلمة اختزال، في ما سبق من كلامنا، فإن هذه العبارة تجد لنفسها تطبيقاً عملياً في ما أنتجه الفنان. أما في ما يختص بالناحية العلائقية، من جهة أخرى، فهي حاضرة في التوليف الحركي بين العناصر، لكونها تلاقت مع ضرورات التعبيرعما يربط القامات بعضها بالبعض الآخر، لكنها جاءت شكلانية في أمكنة أخرى، وعلى هذا الأساس، لم تأت أعمال خداج على المستوى التشكيلي نفسه من حيث العمق الوجودي، أو من حيث مطابقتها مع الفكرة الأساس. هذا الأمر قد يكون مفهوماً ومبرراً، إذ من الصعب أن تتوافق النيات دائماً، في شكل مثالي، مع البعد التشكيلي، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الفنان لا ينفّذ عملاً واحداً أو اثنين، بل مجموعة كاملة، وفي ظروف قد لا تكون مؤاتية جميعها من الناحية السيكولوجية، أو ضمن الظروف الحياتية العامة.

هذه الملاحظة يمكن أن تنسحب، أيضاً، على التقنية التي اتبعها خدّاج، كما على الخيارات اللونية. ومن الواضح أن الأمرين قد تأثرا بما رآه الفنان خلال تجواله في ألمانيا، ومحاولته التوفيق بين النزعة التعبيرية الألمانية والشفافية التي تميّز بعض مرافق الفن الشرقي. فالتشفيف الذي نراه في بعض الأعمال يخدم اللوحة في مكان ما، لكنه يضعها، كذلك، في حالة من التناقض مع الأعمال الأخرى. هذا التناقض قد يكون لمصلحة الرؤية الشاملة، إذا شئنا الكلام على الجو العام للمعرض، بيد أننا لمسنا بعداً تعبيرياً على درجة أعلى من القوة في الأعمال التي اعتمدت خلفية كامدة، ذات ألوان امتزجت فيها درجات الأسود، أو ما يتماثل معه من معطيات الألوان الأخرى.

يبقى أن نشير الى أن المعرض يتضمن، بالإضافة إلى اللوحات التصويرية، تجهيزاً مبتكراً هو عبارة عن صناديق زجاجية تدور في قعرها أفلام فيديو تستجيب حوادثها للفكرة الرئيسية المتعلّقة بالإنسان والحركة، وكيف يمكن هذه الحركة أن تنتج تفاعلات نفسية وتشكيلية ترتكز، من حيث المبدأ، على العفوية والشعور البشري. خلاصة، وفي كل ما ورد ذكره، يحاول مازن خدّاج البحث عن طرق جديدة للتواصل والتعرّف إلى الذات، والبحث عن العلاقة بين الفرد والمجتمع، والتداخلات بين الهوية والجنس، على ما يقول.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل