المحتوى الرئيسى

حقيقة فحص «أثداء الأمهات» في مراكز الأسرة.. والصحة: شرط للحصول على الألبان

09/09 23:57

طابور طويل من الأمهات يحملن أطفالهن الرُضع فوق أيديهن، ينتظرن في حرارة الشمس دورهن لصرف حصة اللبن المدعم، بعد الانتهاء من توقيع الفحص الطبي عليهن، بمعرفة طبيب وممرضة داخل غرفة تقييم الرضاعة الطبيعية المُلحقة بمركز الأمومة والطفولة، في وحدات طب الأسرة التابعة لوزارة الصحة والسكان.

أزمة الفحص الطبي للأمهات عبر سيارة إسعاف متنقلة في الشارع، نقلها أحد المواقع الأجنبية، وفق تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي"، البريطاني، الأربعاء الماضي.

بحسب الموقع البريطاني، فإن الفحص الطبي الذي يجري منذ سنوات طويلة للتأكد من مدى أحقية الأم في صرف عبوات اللبن المدعم من عدمه، كان في غالبية المراكز يجري بشكل صوري، ولكن بدءاً من الاثنين الماضي، سيتم إجبار الأمهات اللاتي يردن الحليب المدعوم على الخضوع لفحص طبي للحصول على تأكيد مكتوب من الطبيب يثبت صلاحيتهن لتلقي الدعم من عدمه وهذا ما يجري كشرط أساسي للحصول على حليب الأطفال المُدعم.

قرار وزاري يشعل غضب الأمهات

بداية الأزمة كانت عبر قرار وزير الصحة والسكان رقم 562 لعام 2016 الذي اشترط من خلاله لصرف اللبن المدعم للأطفال 4 شروط وصفها البعض بالتعجيزية والتعسفية وهي : "أن تكون الأم متوفاة، أو أن يكون عدد التوائم 3 فأكثر، أو أن تكون الأم مريضة بمرض مزمن يمنعها من الرضاعة الطبيعية مثل السكر أو الضغط أو أي مرض يستوجب استخدام أدوية يتم إفرازها في لبن الأم وتنفر الرضيع مثل الروماتويد أو مرض عقلي شديد أو مرض موضعي بالثدي، أو أن تكون الأم متوقفة عن الرضاعة لمدة شهر فأكثر"، وهي الشروط التي زادت من حدة الغضب الشعبي ضد الوزير وقراراته التي تسير في طريق إلغاء الدعم.

قرار مفاجئ وغريب من نوعه فرضته وزارة الصحة المصرية على الأمهات قبل صرف عبوات اللبن المدعم لأطفالهن، دون التقديم له إعلاميًا لتوعية وإرشاد المواطنين بالشروط الجديدة، إلا أن الوزارة بررت القرار من أجل ما وصفته بـ"وصول الدعم لمن يستحقه"، وفي ظل تواصل حالة الرفض الشعبي والغضب الإعلامي أصدر وزير الصحة تعديلاته على القرار الأول عبر القرار رقم 637 لسنة 2016 بشأن تعديل شروط صرف ألبان الأطفال المدعمة، تيسيرا على المواطنين في الحصول على اللبن المدعم بإضافة بند خامس لصرف اللبن في حالة ضعف إفراز "إدرار" اللبن لدى الأم وفقًا لما يحدده طبيب الرعاية الصحية الأولية.

ووفقًا للمركز المصري للحق في الدواء فإن مصر تحتاج إلى 60 مليون عبوة ألبان أطفال سنويًا والدولة المصرية تستورد ما يقرب من 50 مليون عبوة بدعم سنوي من الحكومة يصل إلى نحو 350 مليون جنيه، ويتم استيراد الألبان عبر الشركة المصرية لتجارة الأدوية.

"التحرير" زارت عددا من مراكز الأمومة والطفولة في الوحدات الصحية بمحافظة الجيزة للوقوف على حقيقة تلك السيارات المتنقلة بين الوحدات الصحية لتوقيع الكشف الطبي ومايتم بها، وحقيقة تفعيل منظومة الكارت الذكي من عدمه.

البداية كانت داخل المركز الطبي بـ"زنين" التابع لبولاق الدكرور الذي اشترط فحص صدور الأمهات وفق ضوابط محكمة وضعتها وحدات الأسرة وليس في العلن كما أُشيع وتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي كشرط أساسي للحصول على عبوات حليب الأطفال المدعم ضمن حزمة إجراءات اتخذتها الوزارة مؤخرًا للحد من نزيف الدعم المقدم من قبل الحكومة المصرية.

داخل المركز الصغير ينتظر الأمهات في طابور طويل للدخول لغرفة الفحص الطبي التي لا تجد أحدهن غضاضة في القيام بهذا الإجراء الطبيعي طالما تقوم به طبيبة أو ممرضة مختصة، بينما وصف آخرون شروط الوزارة الجديدة بالتعجيزية لمنعهم من الحصول على علبة لبن مدعمة لأطفالهن الصغار وتركهن فريسة لتجار الألبان.

ونفى مدير الإدارة الصحية ببولاق الدكرور، الدكتور أسامة زايد، خروج أي سيارات تابعة للوزارة من الوحدات الصحية التابعة للمديرية إلا قوافل تنظيم الأسرة، وتكون مغلقة ومُجهزة طبيًا بشكل متكامل، قائلًا: "هذا الموضوع تم إثارته نتيجة تصرفات فردية من بعض الأطباء الذين يخرجون عن أخلاقيات مهنة الطب ويتحرشون بالأمهات خلال عملية الفحص الطبي التي تجري عبر الثدي وهؤلاء يتم تحويلهم للجنة آداب المهنة حال التقدم ببلاغات ضدهم".

وأضاف مدير الإدارة الصحية ببولاق الدكرور لـ"التحرير" أن هذا الإجراء الاحترازي يجري بشكل دوري منذ سنوات طويلة في كل مراكز الأسرة ويقوم به في غالبية الأحيان طبيبة أو طبيب وممرضة هي التي تقوم بالفحص الطبي على الثدي بحضور مرافق للأم سواء كان الزوج أو أختها أو أمها كإجراء روتيني للتأكد من أن الأم لا تستطيع الإرضاع بشكل طبيعي وبالتالي يكون الطفل مستحقًا للدعم وذلك حفاظًا علي حياته لأنه يعتمد في تغذيته على اللبن الصناعي في السنه الأولى على الأقل.

في المقابل رفض عدد من الأمهات قيام أحد الأطباء بالكشف الطبي عليهن من أجل صرف عبوة أو عبوتين "ألبان" لأطفالهن بدعوى أن الطفل يحتاج إلى رضاعة تكميلية إضافية نتيجة ضعف إدرار الأم له وهو ما دفع البعض منهن إلى رفع شعار "الله الغني عن لبنكم" بعد أن كان يتم الاكتفاء بشهادة ميلاد الطفل التي يتم تقديمها للموظف المختص عبر منافذ البيع المتنوعة للشركة المصرية للأدوية أو الصيدلي داخل الصيدليات الأهلية.

تقول إحدى الأمهات إن بعض الأطباء يخرجن عن أخلاقيات المهنة ويتحرشون بالسيدات خلال قيامهم بالفحص الطبي من أجل صرف عبوة أو عبوتين لأطفالهن والبعض الآخر يتعنت بشكل كبير مع الأمهات للقيام بالصرف لهن بحسب القرار الوزاري وتعديلاته في الوقت الذي يقومون فيه بصرف العديد من عبوات ألبان الأطفال المدعومة للمعارف والأصدقاء وأقارب الطبيب أو الصيدلي والموظف المسئول عن التوزيع دون شهادة ميلاد أو قسيمة زواج أو استمارة كشف بيانات عبر فحص صوري للأم.

"ما رأيته بنفسي أثناء تفقدي بعض الوحدات من فضيحة الكشف على الأمهات المُذل والمُهين والممنوع دوليًا"، هذا كان رد المحامي محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، الذي وصف ما يجري أمام مراكز الأمومة والطفولة بتعليمات من وزارة الصحة المصرية بأنه تمييز ضد البشر، بداية من الكشف على المرأه في سيارات متنقلة أو عبر غرف مفتوحة دون ساتر وأمام الجميع.

وتسائل فؤاد "أين منظمات المجتمع المدني النسوية المدافعة عن المرأة وحقوق الطفل مما وصفه بالمهزلة في حق أمهات مصر الذي أشبه ما يكون بـ"كشوف العذرية" الذي تفرضه الحكومة المصرية على الأمهات المصريات من الطبقات الدنيا بعضهن غير مؤهلين نفسيًا لقبول الفحص الطبي وبالتالي ينسحبن في صمت ويلجأن للصيدليات الخاصة لشراء حليب الأطفال بالسعر الحر الذي يتجاوز 60 جنيهًا.

خلل في منظومة صرف اللبن المدعم

في المقابل، طالب الدكتور أشرف عطية طلبه، عضو الشركة المصرية للأدوية، بأن تكون جهة الكشف مستقلة عن جهة الصرف، بمعنى أن وزارة الصحة تكشف عند الولادة وتسجل مباشرة على شهادة الميلاد أن الطفل يستحق لبن مُدعم ويصرف مباشرة من الصيدليات ومنافذ الشركة والمصرية تحت رقابة دائمة من التفتيش الصيدلي، منعا للفساد المستشري في الوحدات الصحية.

وأعلن مجلس نقابة الصيادلة، رفضه شروط وزارة الصحة، وطالب بمنح الأمهات عند الولادة شهادة صحية، بشأن حالتهن الصحية، ومدى الحاجة للألبان من عدمه.

اللافت للنظر في العديد من الوحدات الصحية التي زارتها "التحرير" عدم تفعيل منظومة الكارت الذكي التي أعلنت عنها الوزارة تطبيقها في أكثر من 1006 مراكز أمومة وطفولة على مستوى الجمهورية، والتي ما تزال تعمل وفقًا للمنظومة الورقية القديمة في صرف حليب الأطفال المُدعم حتى الآن، برغم مرور ما يقرب من 10 أيام على تصريحات وزير الصحة، ببدء تفعيل منظومة الكارت الذكي في جميع المحافظات المصرية.

"احنا شغالين بالكارت الورقي القديم من 11 سنة والكارت الذكي لسه قدامه شوية".. هكذا أعلن مدير المركز الطبي بكفر طهرمس التابع لحي بولاق الدكرور، والذي أوضح أن أجهزة تشغيل الكارت الذكي موجودة في غرفة خاصة داخل الوحدة يعمل عليها كاتب وطبيب وصيدلي وممرضة بداية من يوم الخميس الماضي، ويقومون بإدخال بيانات الأمهات على قاعدة الكارت الذكي وأرقام الحوالة البريدية التي يتم تسديدها في مراكز البريد بنحو 15 جنيها لكل حوالة، قيمة الكارت الذكي الذي لم يتم تشغيله حتى الآن ويستغرق نحو أسبوعين على بدء الصرف به وتفعيله في مختلف مراكز الأمومة والطفولة.

وأوضح بيان صادر عن وزارة الصحة، أن الوزير قرر خلال اجتماعه برؤساء القطاعات ومديري الشؤون الصحية بالمحافظات لمتابعة سير منظومة ميكنة صرف ألبان الأطفال استمرار العمل بالطريقة الورقية لصرف ألبان الأطفال المدعمة، وذلك لحين استخراج الكروت الذكية، مشيرا إلى أنه سيتم زيادة عدد منافذ صرف ألبان الأطفال المدعمة إلى 1600 منفذ بدلا من 1005 منافذ بنهاية الشهر الجاري.

"الصحة": إشاعة مغرضة وفحص "الثدي" شرط أساسي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل