المحتوى الرئيسى

مجلة أمريكية: لماذا يكره السيسي النقابات العمالية؟

09/09 15:34

“لماذا يكره السيسي النقابات؟. قمع الدولة للعمال محاولة مكشوفة لسحق القوة وراء ثورة ميدان التحرير".

عنوان اختاره الكاتب آري بول  في تحليل  بمجلة جاكوبين الأمريكية حول علاقة النظام بالنقابات العمالية.

“ذات ليلة أثناء الربيع العربي، التقيت مع صحفي زميل في الزمالك، ذلك الحي المورق بالقاهرة، والذي كنا نقيمان فيه.

ثم قضينا يومنا مع نشطاء عماليين في مدينة السادات، إحدى المدن الصناعية بدلتا النيل، حيث تتواجد عمالة كثيرة وقانون عمل مهلهل وتجني فيها الشركات الأجنبية الكثير من المال.

في ذلك الوقت ، كان قد مر ستة شهور على تنحي الديكتاتور طويل الأجل حسني مبارك في أعقاب احتجاجات حاشدة.، وتسلل شعور التفاؤل إلى منظمي النقابات المستقلة.

على مدى عقود، سيطرت الحكومة على النقابات العمالية من خلال علاقتها مع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.

وفي ظل النشوة التي أعقبت سقوط مبارك، كان يأمل النشطاء في إجراء إصلاحات تسمح بالنقابات المستقلة بالتنامي، بيد أن قمعا كان  كان ما زال يساورهم من القمع الحكومي.

في الليلة المذكورة، مع زجاجات ال "ستيلا"، وجه أحد زملائي سؤالا لزميلنا الصحفي الكندي المصري محمد فهمي حول ماهية احتمالات أن تكون مجموعة العمال التي تحدثنا إليها مخترقة من مخبرين حكوميين، فأجاب قائلا: “بنسبة 100 %".

وبعد عامين من هذا التاريخ، ألقي القبض على فهمي واثنين من صحفيي الجزيرة ، عن طريق الحكومة العسكرية الجديدة بقيادة عبد الفتاح السيسي المدعومة من الولايات المتحدة.

وبينما كنت أتابع التلفاز، رأيت فهمي مرتديا ملابس السجن البيضاء، ويحاكم في محكمة "كنغرية"، كان واضحا إلى أي مدى أصبحت مصر خطيرة بالنسبة لأي شخص مستعد للتحدث ضد النظام المتفشي، أو يربط نفسه بهؤلاء الذي يوصفون بالمحتجين.

واستمرت التقارير في التدفق: قمع وراء قمع، ومقتل وحبس المئات، العديد منهم صحفيون ونشطاء بارزون.

أحد المصورين الذين كنا نعمل معه أصيب برصاص الأمن في قدمه.

الحكومة العسكرية، التي أسقطت محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، مارست قمعا  استهدف نفس أنواع الاحتجاجات التي أسقطت مبارك.

بالنسبة للمراقب الأجنبي العادي، فإن الثورة ضد مبارك لم تفعل إلا القليل لصراع الطبقات أو حقوق العمال.

لكن العمال لعبوا دورا حيويا في نجاح الانتفاضة الأولية.

استنادا على تاريخ من الصراع ضد عصابة العاصمة، أوقف العمال الإنتاج، وقدموا مهارة منظمة لإجبار مبارك على التنحي.

ثورة ميدان التحرير، كانت عمالية في جوهرها.

وكما ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في تقرير لها من مدينة المحلة الكبرى: "الثورة التي هزت مصر لم تبدأ في القاهرة لكنها بدأت في هذه المدنية الزاخرة بمصانع النسيج والتلوث الخانق وسط مجموعة من حقول القطن والخضروات في دلتا النيل".

خبيرة علم الاجتماع ندى  متى ميزت النضالات العمالية، واعتبرتها قوة دفع هامة.

وفاة الصحفي العمالي جوليو ريجيني تبدو وكأنها تشير إلى أن حكومة السيسي لم ينس الحركة العمالية.

ريجيني، طالب الدراسات العليا الإيطالي، 28 عاما، انتقل إلى مصر العام الماضي لإجراء بحث حول الحركات العمالية المستقلة بالبلاد.

وكان يقضي وقت فراغه في كتابة تقارير حول الحركة العمالية لصالح صحف يسارية، والتقى مع قيادات معارضة ونقابات عمالية.

وفي فبراير الماضي، وجدت جثته على أحد جانبي طريق، وعليها علامات ضرب شديدة السوء، حتى أن والدته لم تتعرف على جثته إلا من أعلى أنفه.

وبينما تنكر الحكومة المصرية مسؤوليتها عن قتل ريجيني، اعترفت مسؤولون أمنيون لرويترز هذا الصيف أنه كان محل مراقبة بسبب ارتباطه بنشطاء عماليين  ( الداخلية نفت فيما بعد صحة ذلك).

ومن الملائم، أن يكون آخر ما أرسله ريجيني، ونشرته صحيفة المانيفيستو الإيطالية يتحدث عن محاولات "دار الخدمات النقابية والعمالية" توحيد ما يزيد عن 50 منظمة عمالية للدعوة من أجل وضع نهاية للاعتداءات على النقابات  المستقلة.

التاريح الحديث للدار يمثل دليلا على خوف الدولة من حدوث إضراب عمالي منظم.

في عام 2012، تم حبس رئيس الدار آنذلك كمال عباس لمدة 6 شهور بتهمة سب وقذف وزير حكومي.

بعض التحليلات أشارت إلى أن الحكومة العسكرية ستُجبر على السماح للنقابات المستقلة من أجل تهدئة العمال الغاضبين من الظروف الفقيرة والأجور الضعيفة والبطالة المتفشية.

لكن الحكومة فعلت العكس تماما هذا العام، حيث أبطلت مشروعية أي نقابة عمالية تستخدم شعار "التعددية النقابية".

المؤرخ جويل بينين قال: "لم تستطع  أي من النقابات العملية المستقلة تحمل القمع العام لنظام السيسي".

ولم يكن ذلك بسبب نقص المحاولات، إذ أن النقابات طعنت  في قرار الحظر في المحاكم، كما نزل العمال إلى الشوارع،  حيث شهد العام الحالي حوالي 500 احتجاج عمالي.|

وللمساعدة في تلك الجهود، كتب الأمين العام لمنظمة العمل الدولية خطابا إلى الرئيس السيسي في أبريل يطلب منه إلغاء الحظر المفروض على النقابات العمالية المستقلة.

بيد أن الجنرال العسكري لم يبال بذلك على نحو لا يدعو لأي دهشة.

لسوء الحظ، فإن الانتباه الدولي الذي ولده موت ريجيني لن يثني السيسي.

ومع استمرار الاقتصاد المحلي في التدهور، فإن من المرجح أن يضحى  أكثر قمعا.

صناعة السياحة أصيبت بتدهور مفاجئ، كما تتزايد معدلات التضخم والبطالة، وتضاءلت المساعدات الأجنبية.|

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل