المحتوى الرئيسى

الرياض تترك «أوجيه» لمصيرها

09/09 01:10

عاد مصير أكثر من 50 ألف عامل في شركة «سعودي أوجيه» ليدخل في نفق المجهول، بعدما أنهت الحكومة السعودية، بحسب «رويترز»، المفاوضات الهادفة إلى إنقاذ الشركة التي تواجه حالياً احتمال إعادة هيكلة ديون بمليارات الدولارات لتفادي الانهيار.

وفي ظل عدم تسديد الحكومة السعودية مستحقات «أوجيه» البالغة نحو 30 مليار ريال (ثمانية مليارات دولار)، وتخليها عن المفاوضات، ستكون الشركة مطالبةً بتسديد التزاماتها التي تشمل 15 مليار ريال من القروض ومليارات أخرى تدين بها للمقاولين والموردين، ونحو 2.5 مليار ريال رواتب متأخرة ومكافآت نهاية الخدمة للعمال، إضافةً إلى ما يقارب مليار دولار للمصارف الأجنبية، ومنها اللبنانية.

ولم يُكشف عن السبب وراء إنهاء الرياض محادثات إنقاذ الشركة المعرَّضة للإفلاس، والتي قد يتسبب انهيارها في صدمة للقطاع المصرفي السعودي وللاقتصاد بوجه عام. لكن الخبير الاقتصادي والمالي غازي وزني، يرى أن ثمة ثلاثة أسباب رئيسية كانت وراء القرار السعودي، الذي يصفه بالمفاجئ والذي يؤثر في صورة السعودية، ويلخص هذه الأسباب في حديثه لـ «السفير» بـ:

ـ الصعوبات المالية للمملكة التي تعود إلى انخفاض المداخيل نحو 50 في المئة، ويزيد عليها العجز الكبير في الميزانية العامة وتأجيل مشاريع إنمائية بقيمة 20 مليارا، تترافق مع توقعات ببقاء أسعار النفط على انخفاضها.

ـ تخشى القيادة السعودية من أن يشكل إنقاذها لشركة خاصة سابقةٍ يمكنها أن تتكرر مع شركات أخرى. أضف إلى أن هذا الأمر يترافق مع «خطة 2030» الساعية إلى التحول إلى اقتصاد السوق.

ـ استياء السعودية من الوضع السياسي الداخلي في لبنان وعدم قدرة حلفائها على الحد من نفوذ «حزب الله» في الداخل.

وتعادل 15 مليار ريال من الديون نحو ثلثي الأرباح المجمعة للمصارف السعودية في النصف الأول من 2016، إلا أن الوضع القوي الذي تتمتع به المصارف السعودية من حيث متانة رأس المال وتدني مستوى الديون غير العاملة قد يعني عدم تأثر النظام المصرفي في حالة شطب هذه الديون.

وقد يتسبب انهيار «سعودي أوجيه» كذلك في موجة تعثر بين شبكتها الواسعة من الموردين ومقاولي الباطن، وهم بدورهم من دائني «أوجيه».

وربما كان الجانب الإنساني المتعلق بمشاكل الشركة هو الأكثر أهمية، إذ بات يؤثر تخلف «أوجيه» عن سداد التزاماتها على آلاف العمال من جنوب آسيا الذين تعاقدت معهم الشركة ويعيش معظمهم في مخيمات صحراوية.

وبحسب ما أفادت «رويترز» عن مصادر في المصارف والقطاع، فقد جرى خلال المباحثات طرح بعض الخيارات ثم نبذها مثل شراء الحكومة حصة في الشركة وبيع الأصول العقارية أو حصة في «أوجيه» إلى شركة «نسما»، وهي شركة مقاولات سعودية أخرى.

ولم يتضح السبب وراء نبذ الخيارات المطروحة وما إذا كان ذلك يعود للشركة أم للسلطات السعودية.

وقال مصدر إن آخر خطة طرحت على مائدة المفاوضات شملت بيع «أوجيه» لاستثمارات مثل «أوجيه تليكوم» التي تملك حصص أغلبية في «ترك تليكوم» و «سل سي» في جنوب افريقيا إلى جانب حصة 20 في المئة في «البنك العربي الوطني» وإن المشترين المحتملين كانوا جهات مرتبطة بالحكومة السعودية.

وقال مصدر مصرفي إن المفاوضات الحكومية مع أوجيه كانت «شرسة» وهو ما قد يزيد من صعوبة التوصل لاتفاق في حالة العودة لهذا المسار.

وفي حين ما زال التوصل إلى اتفاق ممكناً، فقد أصبح هناك اهتمام متزايد من مسؤولي الشركة ودائنيها بكيفية قيام الشركة بإنقاذ نفسها. وتقول المصادر إن إعادة هيكلة الديون تبدو الخيار الأرجح.

وفي حالة المضي قدماً في هذه الطريق، من المرجح أن تعين «أوجيه» مستشارين لإعادة الهيكلة وأن تطلب من المصارف توقيع اتفاق لتجميد الديون سيحول دون اتخاذ أي إجراءات قضائية بحقها، ويسمح ببدء مفاوضات إعادة الهيكلة في وقت لاحق من العام الحالي بحسب مصدرين في السعودية.

ومع ذلك، فهناك قلق متزايد بين الدائنين، ففي تموز الماضي، أصبحت مجموعة «سامبا» المالية أول مصرف يلجأ إلى المحاكم للحصول على حكم قضائي بحق «سعودي أوجيه» لاستعادة مستحقاته، بحسب مصدر سعودي آخر.

ويحتل «سامبا» المرتبة الثانية بين الدائنين من حيث الانكشاف على «أوجيه» بعد «البنك الأهلي التجاري» السعودي. وقد توقد خطوة «سامبا» شرارة دعاوى أخرى بحق «أوجيه» من قبل المصارف، بحسب مصادر، لكن القوانين الخاصة بالشركات المتعثرة في المملكة تظل غامضة ولم تختبر بصورة كبيرة وهو ما يجعل تطبيق الأحكام القضائية أمراً صعباً.

وربما كانت مشاكل ديون مجموعتَي «سعد» و «أحمد حمد القصيبي واخوانه» هي السابقة الحقيقية الوحيدة في المملكة. وفي هذه القضية حصلت المصارف الدائنة على أحكام قضائية لمصلحتها، لكن المفاوضات ما زالت جارية للتوصل لاتفاق بعد أكثر من سبعة أعوام على تعثر المجموعتين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل