المحتوى الرئيسى

يعـنى إيـه ثـورة؟! | المصري اليوم

09/09 00:19

يجب أن نتوقف أمام ذلك الجدل الذى يشهده الشارع فى مصر حول تعريف الثورات، وما هو المسمى الحقيقى لما حدث فى ٢٥ يناير ٢٠١١، أو ٣٠ يونيو و٣ يوليو ٢٠١٣، ذلك الجدل الذى نشأ ونشب نتيجة قناعة لدى الشعب بأن الهدف من الثورات هو الوصول إلى حال أفضل من ذى قبل، قد تكون الثورة على الظلم، قد تكون على الفساد، قد تكون على الأوضاع بصفة عامة، إلا أنها فى النهاية سوف تؤدى إلى تحسن الأوضاع، ربما فى كل المجالات، أو حتى بعضها.

أما إذا استمرت الأوضاع «محلك سر» أو عادت العجلة إلى الوراء، حيث مزيد من الظلم، أو مزيد من الفساد، أو مزيد من التردى الاقتصادى بصفة خاصة، فمن الطبيعى إعادة النظر فى تعريف ذلك الذى حدث، من هنا يأتى الجدل، بالتالى يأتى الاستقطاب، بالتالى كان الندم، ليس على الهتافات والحناجر، ولا على الوقت الضائع، ولا على الآمال العريضة، بقدر الحسرة على تلك الدماء التى سالت، والأرواح التى أُزهقت، والمنشآت التى أُحرقت، والإنتاج الذى تعطل، والاقتصاد الذى تدهور، والسياحة التى ذهبت مع الريح.

بالرجوع إلى الموسوعة الحرة «ويكيبيديا» سوف نجد أن الثورة كمصطلح سياسى هى الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يُحركه عدم الرضا، أو التطلع إلى الأفضل، أو حتى الغضب، وقد وصف الفيلسوف الإغريقى «أرسطو» شكلين من الثورات فى سياقات سياسية، الأول يتعلق بالتغيير الكامل من دستور لآخر، الثانى يتعلق بالتعديل على دستور موجود.

التعريف التقليدى القديم الذى وُضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية هو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه، لتغيير نظام الحكم بالقوة، وقد طوّر الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة، بطبقة قيادات العمال، التى سمتهم البروليتاريا، أما التعريف الأكثر حداثة للثورة فهو التغيير الكامل لجميع المؤسسات والسلطات الحكومية فى النظام السابق، لتحقيق طموحات التغيير لنظام سياسى نزيه وعادل، يوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع.

بالتالى لسنا حالة فريدة فى مصر، إلا أن السؤال الذى يجب أن يطرح نفسه هو كيفية الخروج من هذه الحالة، حالة الجدال والاستقطاب والترهل، إلى حالة الاصطفاف والعمل والإنتاج؟ أياً كان تعريف ذلك الذى حدث، هناك من يرى أن الثورة سُرقت منهم بطريقة أو بأخرى، هناك من يرون أن مصر تستحق وضعاً أفضل من ذلك، هناك من يرون ضرورة الحكم المدنى، هناك من يرون أن الأوضاع كانت أفضل قبل تلك التواريخ السابق ذكرها، هناك من يرون أن الدماء التى سالت لا يجب أن تذهب هباءً، هناك من يعولون على استمرار، أو استكمال، أو أحداث أخرى مشابهة، أيا كان المسمى أيضاً.

نحن إذن أمام اجتهادات تعبر فى النهاية عن مدى الاستقطاب الذى وصل إليه المجتمع، فى الوقت نفسه نحن أمام طموحات من المهم وضعها فى الاعتبار حين الحديث عن المستقبل، أو حتى الحاضر، ذلك أن أى نهضة أو تقدم يجب أن تضع فى الاعتبار أهمية الاعتماد على كل طوائف وأفراد الشعب دون تمييز، ناهيك عن أهمية تحقيق تطور واضح وكبير فى مجالات الحريات وحقوق الإنسان، ذلك أن آفة الشعوب المتخلفة عموماً هى الديكتاتورية وحكم الفرد.

كان يمكن أن تكون الثورة فى بلادنا صناعية، أو زراعية، أو تكنولوجية، أى ثورة فى العمل والإنتاج، وكان يمكن أن تكون إنسانية وفقط، تعمل على استعادة الأخوة والمودة والتضامن والتكافل والتراحم، باختصار ثورة فى الأخلاق، إلا أن أياً من ذلك لم يحدث، نتيجة أن أياً من التواريخ السابق ذكرها لم تحدد الهدف على المستوى الرسمى، على الرغم من أن الجماهير كانت تهتف وتنشد: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، وهو الهتاف الذى تحول إلى هاشتاجات من السخرية بعد ذلك، كلما زادت الأوضاع سوءاً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل