المحتوى الرئيسى

تعرّف على أبرز الآثار النفسية للعنف الأسري على الطفل

09/08 17:25

تذهب بعض التحليلات إلى الربط بين العنف الأسري وبين ظاهرة الإرهاب التي تتفشّى في المجتمعات العربية. وبغض النظر عن صحة هذا الربط، فإن المؤكد هو أن العنف الأسري عامل مساعد جداً على نمو شخصية الأطفال مع ميول عنفيّة.

وأشار مستشار الطب النفسي ورئيس تحرير المجلة العربية للطب النفسي الدكتور وليد سرحان، إلى أن “الأسرة هي وحدة بناء المجتمع فيها تُبنى الأجيال ويتم إعداد شخصياتهم وصقل مواهبهم”. وأضاف في نص أرسله إلى موقع (إرفع صوتك) أن “الجو الأسري الذي يعيشه الفرد يؤثر على التطور النفسي والعاطفي له، ومن أسوأ الأجواء الأسرية التي يمكن للفرد أن يعيشها، هو الجو الأسري المليء بالعنف”.

بدورها، لفتت الدكتورة هبة عيسوي، أستاذة طب نفسي في كلية الطب في جامعة عين شمس وعضو في الجمعية الأميركية لطب نفس الأطفال والمراهقين، إلى أن “الأسرة بالنسبة للطفل هي مكان للأمان والسكينة، وهي التي تعطيه الأمان الأسري الذي يجعله ينمو نفسياً وجسدياً بطريقة صحية”.

وأضافت لموقع (إرفع صوتك) أن “الطفل لينمو بشكل سليم يحتاج إلى الأمان واللعب. ولو حرمناه من أحد الأمرين سنتسبّب له بنمو مبتور”.

يُعتبر العنف الأسري الذي يختبره الطفل في أسرته مسؤولاً عن الشكل الذي تنمو عليه شخصيته. ولكن هذا لا يعني أن كل أشكال العنف الأسري تؤدي إلى النتائج ذاتها على شخصية الطفل.

ويمكن إيجاز بعض أشكال الآثار النفسية للعنف الأسري على الطفل من خلال النماذج التالية:

“الشاب الذي تعرّض للقمع والإساءة والعنف هو شاب ضعيف ومهزوز ومهزوم، ويعاني من الرهاب الاجتماعي وانخفاض النظرة إلى الذات وصعوبة تكوين العلاقات وصعوبة تأسيس أسره قوية”.

هذا ما أكّده الدكتور سرحان لموقع (إرفع صوتك)، مضيفاً أن “هؤلاء الشباب يكونون عنيفين ويكرّرون ما فعله آباؤهم بهم وكأنّ دورة العنف تنتقل من جيل إلى آخر“.

من جانبها، أكّدت عيسوي أن “الطفل الذي يُمارَس عليه العنف يصير عنيفاً حتى ولو لم يكن العنف سمة أساسية في شخصيته. سيتحوّل إلى شخصية عنيفة في تعامله مع أصدقائه وفي تعاطيه مع مختلف المسائل في حياته”.

“الطفل الذي سينشأ في أسرة مليئة بالعنف لا شك أنه سيتعلم هذا النموذج، ويحمله معه إلى المجتمع والمدرسة والشارع، ثم إلى أسرته التي سيكوّنها في المستقبل، وسيُتوارث العنف جيلاً بعد جيل”.

لخّص سرحان، في النص المُرسل إلى موقع (إرفع صوتك)، آثار العنف على الطفل بالفقرة السابقة شارحاً أن العنف الأسري قد يكون لفظياً فيه الصراخ والعويل والشتائم بين أفراد الأسرة وبكل الاتجاهات، وقد يكون عنفاً بدنياً.

وتابع أن العنف الأسري يمارسه القوي على الضعيف. فالزوج يضرب الزوجة والأبناء، ثم الأم تضرب الأبناء، وبعد أن يشب بعض الأبناء يبدأون بضرب إخوتهم وأخواتهم، وقد يبدأون بضرب الوالدين وحتى الأجداد، “فكل واحد يضرب مَن هو أضعف منه جسدياً ويكيل له الشتائم، وهذا هو نظام القيم الذي سيسود الأسرة وقد ينتقل العنف إلى المجتمع ويساهم بالعنف المجتمعي بكافة أشكاله”، كما يرى سرحان.

تختلف الآثار النفسية التي يعاني منها الطفل وتؤثر على تكوين شخصيته بحسب طبيعة العنف الأسري الذي يختبره.

فالطفل الذي يشاهد عنفاً بين والديه “سيشعر بأنه لا وجود لعدالة اجتماعية”، بحسب عيسوي.

ففي هذه الحالة، يرى الطفل أن الأب يضرب الأم ويهينها وهي خاضعة ومستكينة، ما سيؤدي إلى “كرهه صورة الأب وتوحّده نفسياً مع أمه وقد يؤدي ذلك إلى عدم اهتمامه بالجنس الآخر وسعيه إلى البحث عن الارتباط برجل حنون كأمّه”.

أما في حالة الأب والأم اللذين يتبادلان الضرب، “ستنمو لدى الطفل قيمة تتلخّص بأن إثبات الذات في المجتمع يتم عبر استعمال القوة، وسينمو عنده الجانب الانفعالي على حساب الجانب العقلاني الذي يُعلي من قيمة الحوار”، بحسب عيسوي.

وفي حالة الأم التي تعنّف الأب، إما من خلال ضربه وإما من خلال إجباره على تنفيذ أمور لأنها تتحكّم بالأسرة اقتصادياً، “سيكره الطفل شخصية أبويه ولا يتوحّد نفسياً مع أي منهما ولا يعتبر أي منهما مثله الأعلى وسيكون هذا الطفل مشروع شخصية بلا مشاعر يعذّب القطط والكلاب ولا يتألم لألم الآخرين لا بل يتلذّذ بتعذيبهم”، شرحت عيسوي.

السؤال عن ارتباط التطرّف بالعنف الأسري الذي يُمارَس على الطفل هو سؤال مشروع، خاصةً أن شخصية الطفل الذي يختبر العنف فيها الكثير من شخصية المتطرّفين.

لكن “ليست هناك دراسات كافية لنقول أن التطرف ينتج عن العنف في الأسرة أو المجتمع”، أوضح سرحان لموقع (إرفع صوتك) مضيفاً أن “الخبرة العملية تقول إن العنف الذي تعرّض له الإنسان في الطفولة قد يجعله أكثر ميلاً للتطرف”.

بدورها، لفتت عيسوي إلى أن “العنف الأسري قد يكون سبباً غير مباشر للتطرّف. فالتطرّف معناه أن الشخص غير قادر على السير مع المعايير الاجتماعية السائدة ويعني أنه كسر قناعته بهذه المعايير”.

وأضافت أن “المتعرّضين للعنف واللاعدالة يقتنعون بأن العدالة غير موجودة وينتهجون طرقاً غير السائدة في مجتمعهم”.

*الصورة: طفل سوري في مدينة حلب يحمل سلاحا بلاستيكياً/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

كاتب في موقع (إرفع صوتك). صحافي وكاتب لبناني كتب في صحف ومواقع إلكترونية لبنانية وعربية. كان قبل انضمامه إلى "إرفع صوتك" يعمل مسؤولاً عن القسم السياسي في موقع "رصيف22".

متابعة حسن عبّاس: آخر هزائم داعش العسكرية تلقّاها على يد تركيا وفصائل المعارضة السورية المتحالفة...المزيد

متابعة علي قيس: أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الأربعاء، 7 أيلول/سبتمبر، عن قلقها على ما...المزيد

متابعة إلسي مِلكونيان: طلبت الحكومة التونسية من القضاء العسكري حظر “حزب التحرير” الإسلامي الذي يدعو...المزيد

بغداد – بقلم دعاء يوسف: “كان يغيب عن البيت لأسابيع ولا يعود إلا عندما يتعرض...المزيد

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف: يحاور موقع (إرفع صوتك) الدكتور إسلام النواوي، وهو من...المزيد

الجزائر – بقلم أميل عمراوي: أحدثت التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات (10 تشرين الأول/أكتوبر 2015)...المزيد

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل